اقتصاد "داعش".. القادم أسوأ

اقتصاد "داعش".. القادم أسوأ
تبدت علامات السخط في مختلف أنحاء المناطق التي يسيطر عليها «داعش» حيث سأم الناس الضرائب وارتفاع الأسعار وسوء مستوى الخدمات. للوهلة الأولى تبدو مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، نموذجا يدل على نجاح حكامها من تنظيم داعش، أكثر التنظيمات الجهادية إثارة للفزع في العالم. وفي حين تضج الشوارع النظيفة بأصوات السيارات، والتيار الكهربائي، والمقاهي المزدحمة، تمتلئ الأزقة الخلفية بالقمامة، وتوجد إضاءة، لكن مصدرها مولدات الكهرباء الخاصة بالسكان. وأمام التلفزيونات الصاخبة في المقاهي، يتذمر عجائز من الحياة في ظل «دولة الخلافة» التي أعلنها تنظيم داعش.

ويقول أبو أحمد البالغ من العمر 40 عاما: «عندما كنت في السابعة من العمر اندلعت الحرب ضد إيران؛ ومنذ ذلك الحين ونحن في حروب مستمرة. لقد عانينا من العقوبات الدولية والفقر والظلم، لكن لم يكن الحال أبدا بهذا السوء، ومثل آخرين تمت مقابلتهم، لم يتم استخدام الاسم الحقيقي لأبو أحمد خوفا على حياته. ورحب أبو أحمد في البداية بـ«داعش»، الذي سيطر على أكثر من ربع أراضي العراق وسوريا خلال الصيف الماضي. ولم يكن هو وحده من فعل ذلك، فطالما عانى المسلمون السنة في البلدين من تمييز نظام الحكم المسيطر عليه من قبل الطوائف المنافسة، وهم الأغلبية الشيعية في بغداد والأقلية العلوية في سوريا، ضدهم.

وتقبل مؤيدو «داعش» كل شيء بداية بالرجم العلني، ومرورا بقطع الرؤوس، ووصولا إلى الضربات الجوية اليومية التي يقوم بها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. مع ذلك دون اقتصاد يمنح الناس فرصة لجني الرزق، فلن يقدم تنظيم داعش أكثر مما قدمته السلطات التي حل محلها. ويقول محمد وهو تاجر من الموصل: «مقارنة بالحكام السابقين، التعامل مع (داعش) أسهل. فقط لا تثير حنقهم وهم سيتركونك وشأنك. إذا تمكنوا فقط من تقديم الخدمات سيدعمهم الناس إلى آخر لحظة»، بحسب تقرير في صحيفة «فاينانشيال تايمز» أمس.

ويقول سكان محليون في هذا الشأن إن «تنظيم داعش يفقد بريقه، حيث يحتاج المسافر الذي ينتقل داخل (الخلافة) الموحدة إلى 3 عملات مختلفة، ويقدم عامل الإغاثة العقاقير إلى أغلب أنحاء المنطقة، وتدفع الحكومتان العراقية والسورية، اللتان يحاربهما التنظيم، الرواتب في أغلب الأحيان. وبدلا من أخذ زمام الأمور في الدولة، يزيد التنظيم من فشلها في أكثر الأحيان بما يرتكبونه من عمليات ابتزاز».

ويقول كيرك سويل، رئيس «يوتيسنسيس ريسك سيرفيز»: «قد ينجحون في تطبيق نموذج الدولة في مدينتي الرقة ودير الزور بسوريا، لكن الوضع في العراق أبعد ما يكون عن ذلك. إنهم مثل تنظيم بين المافيا وجماعة إرهابية متمردة. ربما كانوا يعتقدون منذ 6 أشهر أنهم سينجحون في إقامة دولة، لكن ليس لديهم أفراد أو قوة عاملة».

من الصعب رسم صورة لنظام الإدارة الذي ينتهجه التنظيم نظرا لما يمارسه من قمع ويفرضه من قيود على الإعلام، لكن تبين لصحيفة «فاينانشيال تايمز»، من خلال إجراء مجموعة من المقابلات مع السكان وزيارات صحافيين محليين للمناطق التي تقع في نطاق سيطرة التنظيم، أن محاولة التنظيم لبناء دولة لم تنجح حتى هذه اللحظة في إقناع السكان المحليين.

في بعض الحالات يجني تنظيم داعش كلمات المديح على أنظمة وضعت قبل سيطرته على السلطة، وفي حالات أخرى يسرق الموارد من المنطقة التي يسعى لحكمها كما يوضح بعض السكان. وهدم مقاتلو التنظيم في يونيو (حزيران) الماضي أماكن على الحدود العراقية - السورية وأعلنوا «نهاية اتفاقية سايكس بيكو» التي تم على أساسها تقسيم الشرق الأوسط بين الفرنسيين والبريطانيين. ونشر التنظيم مقاطع مصورة يظهر بها متطوعون يوزعون أجولة من القمح تحمل ختما بالأبيض والأسود. وأعلنوا عن خطط لإصدار عملة ونشروا تصميما لدينار ذهبي جديد في شوارع الموصل، كما وزعوا أوراقا دعائية في مدينة الرقة في شمال سوريا. وعند سيطرة «داعش» على الموارد الاقتصادية يرسل ما تبقى له من الموارد إلى الخارج ولا يعرف السكان وجهتها. كما أكدت الصحيفة أن «داعش» هو أغنى جماعة متشددة في التاريخ إذ يكسبون في اليوم مليون دولار كل هذا من النفط والضرائب التي يفرضونها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات