سوريتنا بلا دولة: ضع صورة الاسد فوق راسك وارتكب كل المخالفات!

سوريتنا بلا دولة: ضع صورة الاسد فوق راسك وارتكب كل المخالفات!
منذ استيلاء الاسد على السلطة عام 1970، بدأت مسيرة انهاء الدولة الناشئة منذ عقود اربعة تقريبا، بعد خروج الاستعمار الفرنسي منها.كان مشروعه يتمحورحول بناء سلطة قوية ودولة ضعيفة ومجتمع هش، امام تغول آل الاسد نهبا وفسادا. صارت الدولة واجهزتها فروع للسلطة ولاعادة انتاجها اسديا. حتى وصلنا إلى سورية الاسد. ليس الدولة واجهزتها فقط بل الشوارع والساحات العامة وبعض ابنية الدولة ايضا، اطلاق اسماء اسدية عليها. استولت الاسدية ايضا على المصفوفة الرمزية للشعب والدولة. حيث اختلطت بداية المناسبات العامة، التي يحتفي بها الشعب والدولة، بمناسبات ابتدعتها الاسدية. اصبح باسل الاسد شهيدا الذي توفي بحادث سير على طريق المطار.

ضع صورة الاسد فوق راسك وارتكب كل المخالفات. القانون كله صار يمر من هذا الاطار المعلق على جدران مكاتب الدولة. أي قانون سيكون؟ هذا ادى بالتدريج إلى تضخيم قوة الصورة السلطة، على حساب تآكل هيبة الدولة. ترافق هذا مع انتشار واسع للفساد في اجهزة الدولة، يقابله تصاعد في حدة القمع، حيث منذ اليوم الاول للانقلاب التشريني، تزايدت باطراد اعداد المعتقلين في سجون الطاغية. ترافق انتشار الصورة أيضا، مع انتشار اجهزة القمع في الشارع، مخابرات سرايا دفاع وحدات خاصة. صار دور الدولة وثروتها، توفير مستلزمات بناء سلطة فاسدة نهابة وقوية ازاء المجتمع. لم يعد هنالك اعادة انتاج موسعة لدور الدولة واجهزتها، لاحتضان التطورات الموضوعية للمجتمع، دون المرور من قناة السلطة هذه. انتهى اي نوع من انواع الاستقلالية للدولة عن السلطة. صارت هنالك ظاهرة واضحة منذ السنوات الاولى للانقلاب، تتمثل في تفوق اللهجة العلوية على أي قانون من قوانين الدولة، لدى دوائرها. اللهجة العلوية- تعبير عن علونة اجهزة القمع والجيش- واللباس المموه لسرايا الدفاع والوحدات الخاصة ورجل المخابرات الذي يضع مسدسه على خصره، صارت كرموز لهذه السلطة بالذات، مرجعيتها وقوتها تتفوق على حضور اي موظف محترف في الدولة.

الدولة ملحقة بحافظ الاسد. جهاز من اجهزته. مزرعة من مزارعه. حتى على صعيد السياسة الخارجية موقف الاسد كذا وكذا، لم تعد تسمع غالبا عن موقف سورية كدولة وحكومة حتى، رغم أنها حكومته. هذه العلونة لاجهزة القوة كوظيفة أيضا، صارت حكرا على ابناء الطائفة. بدأت لحمة المجتمع الوطنية تتعرض ايضا للتآكل والضعف. حتى القطاع الخاص المضيق عليه اساسا بفعل قوانين البعث، بات مضطرا للتحلق حول رموز السلطة، لأنه عبر بوابتها يأتيه الرزق. يجب أن يكون لأي تاجر أو صناعي ضابط- يجب أن تكون القاف لديه ثقيلة- يسنده في الملمات والاحتياجات، في الحصول على امتياز تجاري ما. فيما بعد حيث المنافسة التجارية يجب ان تمر بفساد السلطة والدولة معا، صار بعض التجار يدفع رشاوي كي يتسلم ما يتيحه له القانون اساسا، تغول الفساد. المواطن تم ترقيمه بما يسمى بطاقات السكر والارز والشاي وزيت القلي. والوقوف طوابير على ابواب الجمعيات الاستهلاكية، لكن اذا لديه واسطة لا يقف على الطابور. البعث يغطي الجانب الايديولوجي الكاذب للسلطة، اي سلطة مهما كانت ديكتاتوريتها تحتاج لخطاب سلطة. كان الفارق والتناقض كبيرا ويزداد يوما بعد يوم بين خطاب السلطة وممارساتها. اسرائيل حليف ضمني كانت تتيح له ممارسة هذه الديماغوجيا البعثوية. ضاعت الدولة في حضور الاشخاص. يخرج ضابط على التقاعد يبحث التاجر مثلا عن ضابط آخر. تجمعت خيوط البلد بيد الاسد. غابت الدولة ووظائفها في حماية المجتمع من تغول النهب والفساد والقمع. صارت جزء منه. لهذا بات الانتماء للاسد لم يعد الانتماء لسورية. تتراكم لدى المواطن ثقافة الهمس او الخوف لا فرق. يهمس حول القمع والسلطة الطائفية وفساد الضباط حتى وصلت حدود النكتة. ساعدت من جانب آخر اموال دول الخليج التي تدفقت على الاسد في عقده الاول من السلطة، ليغطي احتياجات الفساد وسلطته بعيدا عن اعين أي رقابة من أي نوع كان. تسلم ميزانية النفط، لا احد يعرف بها ولا كيف تصرف. بقيت ميزانية النفط السوري بمحفظة الاسد على هذه الحال منذ عام 1971 وحتى عام 1998 ، حيث تم الحديث عنها لأول مرة.

كانت في تلك الاثناء محاولات تطييف المجتمع جارية، بعلم السلطات أو بفعل آليات عملها حتى لو لم تكن تريد ذلك!! بشكل آلي صارت الكليات العسكرية حكرا على نسبة كاسحة من ابناء الطائفة العلوية. حتى وصلنا إلى كوكبة مما يعرف آنذاك بظاهرة العليات- علي دوبا مخابرات عسكرية، علي الصالح دفاع جوي، علي حيدر وحدات خاصة، علي اصلان احد قادة الفرق..الخ- وهم قادة اجهزة الامن والجيش، اضافة إلى رفعت الاسد سرايا الدفاع ومحمد الخولي المخابرات الجوية واحمد سعيد الصالح امن سياسي. منذ نهاية المنتصف الاول للسبعينيات هؤلاء رجالات سورية الاسد!! كلهم فوق الدولة والمجتمع بقوا كذلك حتى بدأ ينهي خدامتهم استعدادا لتوريث ابنه، اي حتى عام 1998 تقريبا. ما يردده المواطن عن هذه الاسماء في سره وفي علنه هم الدولة!! فهل ينتمي لاحد هؤلاء؟

يتبع...

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات