يكثر المحللون والتحليلات حول المستقبل القريب و"البعيد" للثورة خصوصا و"سوريا الوطن" عموماً، وتتدافع صور الانتصارات التي حققها الجيش الحر بموازاة صور الدمار والخراب التي انتشرت في شتى المدن، وبين الصورتين ثمة فسحة من الانتظار حبلى بالتفاصيل، وفي التفاصيل الصغيرة تكمن الإجابة عن سؤال: متى ستنتصر الثورة؟!
- دوليا:
يريد العالم أجمع للثورة السورية أن تكون " نصف ثورة " حرصا على مصالحه التي رسخها طيلة مئة سنة بين استعمار واستبداد، وخوفاً من أن تكون ثورة ملهمة للآخرين... (وهي كذلك رغما عن كل دروسها القاسية) ولأن الثورة السورية كانت صادقة أكثر من اللازم بالنسبة لمن اعتاد النفاق " قلبت الطاولة " على الجميع وهذا ما يعمل عليه المجتمع الدولي حاليا " إعداد طاولة " جديدة تتسع لأطماعهم " بناذل " لايقل وضاعة عن سابقه لم يجدوه الى الأن حتى في اسوأ المعارضين.
- داخليا:
الشعب السوري الذي كان يخشى التكلم عن " غلاء البندورة " في سوق الهال ولو همساً، أصبح اليوم بأعلى صوته يتكلم عن "الفيتو الاسرائيلي" في مجلس الأمن لصالح من يقلته ويقصف مدنه وقراه، تحت أنظار مجتمع دولي حريص على حياة الانسان بكل مكان إلا سوريا مدنية, ديمقراطية , تعددية وقوية تشكل خوف حقيقي " للعدو الصهيوني " و " حلف الشيطان المستتر " كما تعيد سورية الى عمقها العربي.
تأتي قوة الثورة و زخمها الحقيقي من الداخل الثائر الأمر الذي أدركه العدو قبل الصديق وعمل على التصدي له بكافة الوسائل تارة بإستخدام حجج النظام " أسلمة وعسكرة " الثورة فكانت النتيجة مخيبة لاماله بثورة شارك بها كل السوريين ولو بنسب متفاوتة مع انضباط كبير لمن يمسك السلاح لدفاع عن شعب اعزل لا حول له و لا قوة .
- وجدانياً:
ما بين ما تراه دولياً وداخلياً ثمة أنا ونرجسية كبيرتين لمن يفكر بالمستقبل "البعيد" أو "القريب" وعدم القدرة على العمل الجماعي شكل " الهوة " بين من يزرع اليوم الحرية و لايهمه من سيحصد مستقبلا والذين أرادوا الحصاد الباكر، واستعجلوا مواسم الحصاد والخير القادمة إن شاء الله.
الثورة المستمرة التي لا يهمها من عاداها، تكشف يوما بعد يوم " الغث من السمين " في الاتجاهات والمسارات والمعارضات كافة... ومن أراد الخير للناس وللوطن او لنفسه قال تعالى " كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال" (الرعد:17)
سيذهب كل من يتاجر بدماء الشهداء وبدموع أمهاتهم الى مزبلة التاريخ التي لم ولن تنس أحداً... حتى ولو بعد نصف قرن.
* من أسرة تلفزيون (الأورينت)
التعليقات (6)