"عض الأصابع" بين النظام والتنظيم: تجويع آلاف المدنيين بدير الزور

"عض الأصابع" بين النظام والتنظيم: تجويع آلاف المدنيين بدير الزور
تستمر كل من قوات النظام وتنظيم "الدولة" في مدينة دير الزور في فرض حصار مطبق على سكان المنطقة التي يسيطر عليها الطرف الآخر، في معركة "عض أصابع" تجاوزت مدتها حتى اليوم أكثر من 5 أسابيع.

وبحسب مصادر من داخل مدينة دير الزور فإن المتضرر الوحيد من الحصار المفروض على شقي المدينة هو المدنيين فقط، فالنظام تصل قواته إمدادات عبر الطائرات التي ما تزال تهبط وتقلع من مطار دير الزور العسكري، في حين أن تنظيم "الدولة" لا تزال مستودعات الأغذية التي صادرها قبل أشهر من المنظمات الإغاثية مليئة بالمواد الغذائية.

مناطق التنظيم

يقول أبو محمد الديري الناشط الإعلامي الذي ما يزال متواجداً في حي "الشيخ ياسين" بالجزء الذي يسيطر عليه تنظيم "الدولة" بدير الزور، إن الحصار الذي تفرضه قوات النظام على المناطق الخارجة عن سيطرته في المدينة ما يزال مستمراً منذ أكثر من عامين، إلا أنه دخل في مرحلة "الإطباق الكامل" بعد تفخيخ وتفجير جسر السياسية المعبر الوحيد الذي كان متبقياً لتلك المناطق قبل خمسة أشهر.

وأضاف الديري الذي تحدث لـ"أورينت نت" عبر النت الفضائي كون الاتصالات بكافة وسائطها مقطوعة عن مدينة دير الزور منذ أكثر 5 أسابيع، أن سكان المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم والذين يقدر عددهم بأكثر من 5 آلاف عائلة يعانون من نقص حاد بجميع المواد الغذائية والطبية، وهم يعتمدون على ما تبقى لديهم من مدخرات قليلة وما يتم توزيعه عليهم من قبل لجان التنظيم بعد أن أوقف الأخير عمل جميع المنظمات الإغاثية منذ أشهر وتولى مهامها عقب وضع يده على مستودعاتها وكافة متعلقاتها.

ونوه إلى أن بعض الموظفين الذين كانوا يتوجهون شهرياً إلى الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام لقبض مرتباتهم لم يقوموا بذلك منذ شهرين لانقطاع الاتصالات وحصار تنظيم "الدولة" المطبق على الأحياء المذكورة وعدم تسليم النظام أي مرتبات بسبب هذين السببين.

ولفت الناشط إلى أن الأسعار في مناطق سيطرة التنظيم ما تزال تعتبر أقل من باقي المناطق المحاصرة مع قلة الكميات المتوفرة؛ فربطة الخبز على سبيل المثال بـ80 ليرة وكيلو البندورة بـ120 وليتر البنزين (تكرير) بـ135 والنظامي بـ325 والمازوت 130، متوقعاً أن تتصاعد الأسعار مع طول فترة الحصار وبدء نفاذ المواد.

وأشار الديري إلى أن هذه الأوضاع والأسعار التي أوردها جاءت بعد الفتح المقنن لمعبر السياسية بعد ترميمه بشكل جزئي منذ نحو أسبوعين في حين أن الأوضاع كانت أكثر سوءاً قبل تلك الفترة، لافتاً إلى أن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والاتصالات والمياه والتي غالبيتها يتحكم بها النظام ما تزال مستمرة دون أي تغيير.

وختم الناشط حديثه بأن عناصر التنظيم لا يتأثرون بالحصار بأي حال من الأحوال فهم يشكلون أكثر من 80% من زبائن مختلف المحلات التجارية التي ما تزال مفتوحة، كما أنهم وعائلاتهم تصلهم حصصهم الغذائية بشكل دوري عدا المرتبات التي يوزعها عليهم التنظيم في حين أن الأهالي ينتظرون "حسنة التنظيم عليهم وفرج رب العالمين".

مناطق النظام

من جهته قال ياسر العيسى الصحفي المعارض من أبناء دير الزور، إن الحصار الذي فرضه تنظيم "الدولة" على الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام بدأ فعلياً في 14 كانون الثاني الماضي، وما يزال مستمراً حتى اليوم.

وفي تصريحه لـ"أورينت نت"، أوضح العيسى أن التنظيم بدأ بفرض الحصار مع اشتداد المعارك بينه وبين قوات النظام على جبهة مطار دير الزور العسكري وعدد من الجبهات في المدينة، وقيام تلك القوات بقتل عدد من عناصر التنظيم والتنكيل بهم ووضع جثثهم في حاويات القمامة بمناطق سيطرته ودفع أطفال لرجم تلك الجثث بالحجارة.

وأضاف أن التنظيم قطع خطوط الاتصالات عن المدينة بالكامل قبل أيام من فرض الحصار البري على أحياء النظام، ومنع فرق الصيانة من القيام بإصلاح العطل، الأمر الذي عطل عمل المصارف والصرّافات الآلية والمراسلات بين دير الزور والعاصمة ما عطل توزيع النظام للمرتبات على الموظفين خاصة المتقاعدين منهم، مشيراً إلى أن مبنى المحافظة وفروع الأمن يتوافر لديها أجهزة نت فضائي حالها كحال مقار التنظيم على الطرف الآخر من المدينة وبذلك هي "خارج نطاق الحصار".

وحول عدد المحاصرين في أحياء النظام، أوضح العيسى أنه حصل على إحصائية من فرع الهلال الأحمر بدير الزور تبين أن عدد العائلات في تلك الأحياء يبلغ أكثر من 62 ألف عائلة، لافتاً إلى أن المدنيين تأثروا بالحصار منذ يومه الأول مع قيام التجار بالاحتكار ورفع الأسعار بشكل جنوني قبل أن تبدأ معظم المواد بالنفاذ.

ولفت إلى أن أكثر ما تأثر به المدنيون بسبب الحصار هو فقدان الطحين والوقود اللازمين لتشغيل الأفران، في حين أن النظام تصله كافة مستلزمات قواته عبر الطائرات التي ما تزال تحط وتقلع من مطار دير الزور العسكري وهو يستثمر فقط الحصار في مخاطبة السكان بـ"انظروا إلى البديل".

وأشار العيسى إلى أنه منذ يومين وصلت طائرة تحمل بعض المواد الغذائية إلى مطار دير الزور العسكري تم تخصيص محتوياتها لتباع للمدنيين في مناطق النظام بحسب تصريحات لمسؤولي الأخير، إلا أن ذلك لم يتم حتى اليوم وحتى لو تم فإن الكمية لن تكفي عشرات الآلاف من العائلات المحاصرة وإن كفتهم فهي لن تسد حاجتهم سوى لفترة محدودة جداً.

وأوضح أن التنظيم يسمح كل بضعة أيام للراغبين في الخروج من الحصار في الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام بالمرور عبر حواجزه المحيطة بالمدينة إلا أنه يبلغ الفارين بأنه ليس بمقدورهم في حال خرجوا العودة إلى ما يسميها "بلاد الكفر" التي كانوا فيها.

ومنذ أكثر من 6 أشهر سيطر تنظيم "الدولة" على معظم مساحة محافظة دير الزور التي كانت تسيطر عليها قوات المعارضة من الجيش الحر وجبهة النصرة وحركة أحرار الشام وغيرها من الفصائل، في حين حافظ النظام على سيطرته على أحياء الجورة والقصور وغازي عياش بشكل كامل بالإضافة إلى بعض المناطق المحيطة بها فضلاً عن مطار دير الزور العسكري واللواء 137 ومعسكر الطلائع القريبة من تلك الأحياء.

التعليقات (1)

    ديري عتيق

    ·منذ 9 سنوات شهر
    كان الله بعون هذه المدينة المظلومة
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات