باريس تنتقد اندفاع واشنطن نحو طهران وترفض التنازلات

باريس تنتقد اندفاع واشنطن نحو طهران وترفض التنازلات
ترى أوساط فرنسية مطلعة على الدبلوماسية التي يقودها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مع وزير خارجيته لوران فابيوس إزاء الملف النووي الإيراني والمفاوضات الأميركية مع إيران من جهة وبين إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا) من جهة أخرى، أن الإدارة الأميركية قلقة جداً من الموقف الفرنسي المتشدد من صفقة مع إيران حول الملف النووي. وقالت المصادر إن هناك احتمالاً كبيراً أن يرفض كل من هولاند وفابيوس التوقيع على الاتفاق مع طهران إذا بقيت الأمور الأساسية، مثل عدد أجهزة الطرد والتفتيش والمراقبة غير محسومة.

وفي إطار الاتصالات الجارية بين البلدين بشأن إيران، التقى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس في باريس، نظيره الأميركي جون كيري الذي قال، إنه ينبغي على إيران أن تظهر للعالم أن برنامجها النووي سلمي، وإن الجميع في مجموعة الدول الست ملتزمون بألا تحصل إيران على السلاح النووي، و»نواصل اعتقادنا أن الاتفاق الشامل يجب أن يتضمن إمكان التحقق لمنع إيران من الحصول على المواد اللازمة لإنتاج القنبلة الذرية».

وأضاف كيري: «لدينا التحليل ذاته الذي لدى فرنسا، أي أننا نحرز تقدماً، لكن تبقى هناك خلافات مع الإيرانيين، وهدف الأيام المقبلة والأسابيع الحرجة المقبلة، هو تبديد هذه الخلافات. ونحن لسنا مضطرين أن نصل الى أي اتفاق، بل الى اتفاق صحيح، والأمر عائد الى إيران». وقال فابيوس إن هناك تقدماً في بعض ملفات النووي الإيراني، لكنّه أكد استمرار الخلافات مع إيران.

وقالت مصادر فرنسية لـ«الحياة» إن فابيوس ليس مرتاحاً للتفاوض الثنائي الجاري بين واشنطن وطهران حول الملف النووي ولا يوافق على التنازلات من الجانب الأميركي عن مطالب الدول الأوروبية من إيران في الموضوع النووي، كما أن عدد أجهزة الطرد الذي يوافق الجانب الأميركي على احتفاظ إيران به هو عدد غير مقبول، والبحث والتطوير في ما يخص النووي الإيراني لم يؤخذا بعين الاعتبار. وهناك اتجاه إذا لم تحل هذه المشاكل أن تمتنع باريس عن التوقيع، خصوصاً أن هولاند وفابيوس في مثل هذه الأجواء ولديهما لوم كبير على سياسة أوباما بالنسبة إلى القضية السورية، بالإضافة إلى موضوع إيران، فالقيادة الفرنسية ترى أن عليها أن تؤكد استقلاليتها في هذا الموضوع، كما بالنسبة إلى حرب العراق، وقد أبلغ هولاند هذا الموقف الى رئيس «الائتلاف السوري» خالد خوجة في لقائهما الأخير.

وترى المصادر الفرنسية أن موقف فرنسا الرسمي متجانس، وأن قضية سورية تحولت قضية استراتيجية، فالكل يقول إن الرئيس بشار الأسد يزداد ضعفاً ولا يمكنه كسب الحرب عسكرياً، وإنه يجب الوصول إلى حل سياسي، لكن النتيجة الوحيدة التي يمكن استخلاصها من الموقف الأميركي أو من موقف النائب الفرنسي جاك ميار الذي التقى الأسد، أنه يجب تسليح الأسد، ولكن القيادة الفرنسية ترى أن القيام بمثل هذه الخطوة يعني إعطاء هدية ضخمة لإيران و «حزب الله». وتتساءل المصادر: من بإمكانه تحمل هذا الموقف وأن يكون في معركة واحدة إلى جانب «حزب الله»؟

وتتابع المصادر أن الدول الغربية أمام خيارين: إما أن يكون هناك اتفاق مع إيران أو لا اتفاق. وتوقعت أنه إذا تم الاتفاق فسيكون دفعة ضخمة للعلاقة الأميركية- الإيرانية، على رغم أن البيت الأبيض يقول إن الاتفاق مع إيران حول النووي لا يعني أن الولايات المتحدة ستطبِّع العلاقة مع إيران وتنسى المشاكل السياسية القائمة معها. لكن باريس تختلف في الرأي، لأنها ترى أن الاتفاق حول النووي الإيراني يحمل في طياته نتائج سياسية كبرى، لأنه يخلق ديناميكية أميركية إيرانية قوية جداً. ومن ظواهر هذه الديناميكية التي بدأت، اللقاءات الثنائية المتعددة بين وزيري خارجية أميركا جون كيري وإيران محمد جواد ظريف، على رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين. فإذا تم الاتفاق سيحاول الأميركيون توسيع حوارهم مع إيران، وبعد ذلك سيهرول كل وزراء خارجية أوروبا إلى إيران لمحاولة استعادة العلاقات الثنائية معها. لكن العلاقات الاقتصادية التي يُنتظر أن تتطور بين أميركا وإيران ستطغى على علاقاتها مع الدول الغربية الأخرى، فمنذ سنة 1979 لم تشهد إيران بديلاً من الأميركيين على هذا الصعيد، باستثناء صفقات محدودة مع شركة «توتال» الفرنسية و «إرباص»، ولكن عندما تعود العلاقات ستتقدم الشركات الإيرانية لشراء طائرات «بوينغ». ولذلك ترى الأوساط أنه سيتحتم على الأوروبيين الدفاع عن مصالحهم ولكنهم سيبقون في موقف ضعيف وراء الأميركيين.

وترى الأوساط الفرنسية أن أوباما يراهن على إيران، والفرصة الباقية أمام فرنسا والدول الأوروبية الأخرى هي إدخال بعض الاعتدال على هذه الديناميكية الأميركية الإيرانية، عبر تنظيم الحوار مع إيران حول الخلافات، ومن دون الهرولة غداة الاتفاق إلى إيران لمكافأتها، فباريس ترى أنه إذا كانت هناك صفقة أميركية إيرانية، فلن يعود في إمكان فرنسا أن تفعل شيئاً، لأن أصدقاءها في المنطقة، مثل السعودية والإمارات وقطر ومصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، لن تعود في حسابات الأميركيين، فأوباما يرى أن لإيران دور كبير في المنطقة، لكن باريس ترى أن هناك مشاكل مع هذا البلد وينبغي تنظيم الحوار معه. وتؤكد المصادر أن هذا الموقف ليس مرتبطاً بموقف إسرائيل، خصوصا أن هولاند لم يجر أي اتصال مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو منذ شهور.

* المصدر: صحيفة الحياة 8/3/2015

التعليقات (2)

    عايف التنكه / اتوجس خيفة مما يبدو خلاف وللمتأمل يبدو وفاق فمتى تحركون نحو هدفهم المشترك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    ·منذ 9 سنوات شهرين
    من المؤكد ان الساسه العرب سمعوا اوباما وهو يقول بما معناه انه سوف يقوم بضرب الطائرات الاسرائيلية اذاقامت باستهداف المفاعلات النووية الايرانية ما قاله اوباما هذا يجب ان يضع تحته الحكام العرب الفطنين مليةن خط سواء كان ذلك للستهلاك الاهلامي او كان جاداً فيما يقول في حين نرى ونسمع الايرانيين قبل هذا التصريح باسبوع يتدربون في مناورات تحاكي هجوم على حاملة طائرات امريكيه وقد صنعوا نموذجا مشابها واستهدفوه بكل انواع الاسلحة اسؤال هو الا ترون معي بأن هناك تناقض في موقف الدولتين تجاه بعضيهما ؟ !!!!!!

    عارف اصلو

    ·منذ 9 سنوات شهر
    يمكن تفسير ما يحدث من تغيرات سلبية في الشرق الاوسط ولما ذا تتوسع ايران وتحاول السيطرة على المنطقة العربية بدعم غير معلن من اوباما وذلك اذا علمت ان اباه اعتنق الاسلام ولم يولد مسلما وسمى نفسه حسين لانه تبنى المذهب الشيعي ورغم ان باراك يعتبر نفسه مسيحيا ولكنه بنظرالكثيرين ذو تقية مخفية فهل هو ال... ي المنتظر؟؟؟
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات