التدخل.. خارجي أم داخلي؟!

التدخل.. خارجي أم داخلي؟!
كلما جاءت عبارة التدخل الخارجي، في مقال أو في بيان سياسي او حتى تصريح شفهي، تثار الزوابع مع وضد. هذه العبارة التي طفت على سطح المشهد الشرق اوسطي، بعد أن دخلت القوات الامريكية العراق 2003 واسقطت صدام حسين. إيران وحلفائها واذنابها في العراق لم يتركوا أمريكا تنعم بهذا الانتصار، وامريكا حاولت ان تترك لهم فرصة!. حيث يعتقدون أنهم بذلك، يتفادوا امريكا لاحقا. هنالك من يقول أنها مؤامرة ايرانية أمريكية.

بالتأكيد هنالك اتفاقيات رخيصة إيرانية أمريكية، لكنها ليست ذا طابع استراتيجي. ربما تتحول إلى ذلك لاحقا مع اتفاق نووي بين اوباما والملالي. صحيح أن أمريكا عموما أظهرت أن موضوعة الديمقراطية وحقوق الانسان محمولة على تعقد شبكة مصالحها، لكن الصحيح أيضا أن أمريكا تدعم انظمة تسلطية وتغطيها وتغطي جرائم العسكر كتغطية اوباما للاسد. لكن هذه الانظمة تحت الحذاء الامريكي، أي اتفاق نووي مع نظام مجرم كنظام الملالي في طهران، محصلته أن يصبح نظام الملالي مثله مثل أي نظام مستبد تدعمه امريكا وهو تحت حذائها. حيث أن امريكا تستطيع خنق اي نظام من هذه الأنظمة وإسقاطه ساعة تشاء.

الربيع العربي اظهر حجم الفساد على كافة المستويات في النظام الدولي الاوبامي. الاتفاق النووي هو في النهاية تنضيد جديد لنظام الملالي في السيطرة الامريكية. أزعم أن تركيا آخر الدول التي تخطت هذه العتبة من التنضيد الأمريكي للاستبداد في الشرق الاوسط. كان يمكن لمصر بعد ثورة 25 يناير أن تتخطى هذه العتبة لولا سلوك، الاخوان والانقلاب لاحقا، حيث عادت مصر للمربع الاول، الذي هو عسكرة السلطة السياسية، وما تعنيه هذه العسكرة. هل تنجح الارداة المصرية في تخطي هذه العتبة؟

هذا يعتمد على إعادة الاعتبار لدولة القانون والحريات. بالعودة للعنوان احداث الربيع العربي أظهرت أن أمريكا طرفا داخليا في الشرق الاوسط حتى في سورية. لهذا الحديث عن تدخل خارجي، واثارة هذه الزوابع ما هو إلا تضليل وبروباغندا دموية. ليس فقط الربيع العربي بل أيضا الانتفاضة الايرانية 2009 -2010 حيث أمريكا من ساهمت بخلاف بعض دول أوروبا وخاصة بريطانيا، التي كانت تحاول دعم الانتفاضة، ساهمت امريكا باجهاضها، عندما ادارت لها الظهر باعتقال رموزها التي كانت امريكا تتحدث عنهم بوصفهم رجال إصلاح... كـ(حسين مير موسوي) المرشح الرئاسي آنذاك.

الشرق الأوسط الذي أوصلته أمريكا ليكون محمية أمريكية لأنظمته وسلطاته السوداء وغير السوداء. لهذا عندما نطالب امريكا بالوقوف مع مطلب الشعوب لا يعني هذا أن القضية "تدخل خارجي" بالمعنى الذي تحاول أن تسوقه بعض أنظمة الفساد والعسكر، والمعارضات التي على شاكلتها، وبأنه مس بالسيادة الوطنية؛ بل القضية تتمحور حول محاولة هذه السلطات كسب ود الامريكان، والدخول معهم بصفقات لا قانونية ولا شرعية على طريقة صفقات إيران والنظام السوري مع واشنطن بخصوص تنظيم القاعدة، زتبادل المطلوبين، وامريكا تعرف أن لاسند اقليمي للقاعدة ولم يكن لها سند اقليمي، منذ تفجيرات 11ايلول إلا نظامي دمشق وطهران.

عندما يعلن باراك أوباما أن الجيش العراقي غير جاهز للهجوم على داعش في الموصل، إلا في نهاية الربيع هل يعني هذا أن أمريكا طرفا خارجيا؟ عندما ترفض أمريكا وتتحكم بتوريد الصواريخ المضادة للطيران للجيش السوري الحر، لمواجهة براميل الاسد التي تقتل شعبنا، تلتزم بهذا الحظر كل دول العالم، هل يعني هذا ان امريكا طرفا خارجيا في سورية؟

عندما ترى أمريكا ايران ترسل جحافل قتلتها إلى سورية ولبنان واليمن والعراق، ولا تعترض هل يعني هذا أن إيران قوة أكبر من أمريكا أم يعني ان ايران تحقق استراتيجية اوباما بالصبر الاستراتيجي؟ هل يعني أن امريكا طرفا خارجيا في هذه الدول؟ هندسة الخراب بيد الايرانيين في المنطقة، له معنى واحد فقط هو أن امريكا طرفا داخليا في منطقتنا وليست طرفا خارجيا. لكن ماذا نفعل إذا كانت السيادة الامريكية هذه، بنيت ويعاد بناءها اوباما على يد سلطات سوداء عميقة فاسدة لا مكان للشعوب ودماؤها في حسابات اوباما.

نحاول أن نجعل هذا الطرف الخارجي التخلي قليلا عن كلبيته في التعامل مع المنطقة وشعوبها. مثلث الفساد والعسكرة والقمع برعاية اوباما، فهل هذا يعني أيضا أن امريكا طرفا خارجيا؟ الطريف بالموضوع ان جماعة ضد التدخل الخارجي لم يتحدثوا عن جرائم ايران في دولنا، ولا يتحدثون أنهم ضد التدخل الخارجي إلا عندما يشعرون أنه يمكن أن يكون تدخلا لمصلحة الشعوب ضد العسكر والفساد والجريمة. أمريكا ليست طرفا خارجيا أمريكا هي الطرف الداخلي الاكثر تأثيرا في دولنا. فلتكفوا عن هذا الكذب. آخر النفاق الأوبامي هو تصريح للخارجية الامريكية أنهم سيواجهون المشروع الايراني في التمدد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات