هل انتهت حرب الخليج الأولى؟!

هل انتهت حرب الخليج الأولى؟!
حينما بدأت حرب الخليج الأولى في بدايات عام 1980 بين العراق - الذي استلمه صدام حسين مؤخرًا في سنة 1979- وبين إيران الثورة الإسلامية التي استلمها الخميني في ذات السنة في عام 1979 أيضاً.

لم يكن الطرفان مدركين أن هذه الحرب ربما ستستمر أكثر من ثمانية سنوات علنياً وأكثر من ثلاثة عقود تحت الرماد، تلكم الحرب التي لم تبق ولم تذر من البلدين اقتصادًا وشعبًا وجيشًا ودمارًا نفسياً.

لكن لماذا اشتعلت تلك الحرب حينما قامت الثورة الإسلامية ولم تقم قبلها؟!

فالثورة الإسلامية الإيرانية والتي أعلنت في مبدئها الأساسي عنوان تصدير الثورة كمنهج أممي لثورة الملالي، كما هو المنهج الستاليني في تصدير الثورة الاشتراكية وتطبيق مبدأ السوفيتات على الدول الاشتراكية وما تبعه من حروب باردة وساخنة بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي حتى سقوط الاتحاد السوفييتي حامل لواء تصدير الثورة البلشفية.

وبالعودة إلى الثورة الإسلامية في إيران ورؤيتها الاستشرافية في نشر هذه الثورة عبر دول المحيط الفارسي الجغرافي وعبر المحيط الديني الشيعي الأقلوي لإيران، فالمخطط الإيراني كان يندرج على تصدير الثورة عبر خطوات منهجية واثقة أولها الصدام مع النظام العراقي البعثي الصدامي ومحاولة استعادة (الأراضي المقدسة) الخاضعة لسلطة صدام حسين الذي واجه إيران بصلابة منذ البداية - طبعا دون أن ننسى الانتهاكات الرهيبة لحقوق الإنسان التي مورست بعهده - وبوعي طائفي مدهش منه..

فالرجل الذي تبنى فكر وقيم حزب البعث العربي الاشتراكي واستدعى مؤسسه السوري العلماني المسيحي الأصل ميشيل عفلق للإقامة في بغداد، لم يجد حرجًا من إعلان المواجهة الكاملة مع الثورة التي تستهدف أكثر من نصف شعبه وتطالب بضم المراقد والمقامات الدينية المقدسة إلى أراضي الدولة الإيرانية الإسلامية المستترة في العباءة الطائفية والطموح الفارسي الإمبراطوري المتجذر في العقلية الفاشية للنظام الإيراني الحالي وفي الغضب الشيعي الديني الموجود لدى بعض الأئمة حينها من شعوب شرق المتوسط التي يصفونها تارة بالأموية وتارة بالوهابية وتارة بالعثمانية، وهي صفات تستنهض فيما تستنهض تراثًا دمويًا تاريخيًا يعود لأكثر من ألف وخمسمائة عام يضع المنطقة في أتون مواجهة طائفية عادت لتستعر من جديد عبر إحياء شعارات طائفية بادت من مثل “لبيك يا زينب” و “لن تسبى زينب مرتين” و ممارسات لم تعرفها بلاد الشام، مثل اللطم والركض العاشوري في شوارع مدينة مثل دمشق يلقبونها بعاصمة بني أمية.

وعبر هذه المتاهة من إساءة إحياء تراث المنطقة العربية، دخل الطرفان في مواجهة دموية يجسد تنظيم داعش المتطرف أحد أطرافها وميليشيا الحشد الشعبي الطرف الآخر، في إعادة ثانية لحرب الخليج الأولى التي كان طرفاها الخميني وصدام حسين، وهو إن دلّ على شيء فهو يدل على أن الحرب الأولى لم تنتهِ ولكنها بقيت تحت الرماد منذ إتفاقية الجزائر التي أنهت الحرب بين البلدين ودياً، وأن ما يحدث الآن ليس إلا فصل جديد من المواجهة بعد الانتصار الذي حققته إيران الملالي على شعوب المنطقة، فها هو شيخ إيراني يصرح بأن سوريا ولبنان والعراق ليسوا إلا محافظات إيرانية وآخر يتحدث عن حق إيران في حماية شعوب المنطقة من الإرهاب في مغالطة كبيرة لما يحدث على أرض سوريا مثلاً.

ولم ينته الأمر هنا بل إن ما تفعله إيران في المشرق العربي، تفعله بصمت في دول آسيا الوسطى، في أفغانستان وباكستان وطاجكستان وفي اليمن ومصر والبحرين وعمان، فاهتمام إيران بأقلية الهزارة في أفغانستان وبإقليم السند في باكستان ذي الاغلبية الشيعية، أو بالحوثيين باليمن، أو بالتراث الفاطمي في مصر ينذر بغيوم أحداث تتالى فصولها حاليًا في كل من العراق وسوريا منذ 1980، وتثبت بأن إيران الملالي الحالية لو هزمت حينها في العام 1980 لما وصلت إلى ماهو عليه الآن، وبأن شعوب المنطقة لن تتحرر إن لم تنتهِ حرب الخليج الأولى تلك.

التعليقات (2)

    سناء الحمادنة

    ·منذ 9 سنوات شهر
    مقال مهم ....أنصح الجميع بأن يقرؤوه

    الحقيقة

    ·منذ 9 سنوات شهر
    الخطه الامريكيه تنفذ خلال مراحل 12 عام لكل مرحله 1979 الخميني 1991 عاصفة الصحراء 2003سقوط بغداد 2014 اجتياح ايران لمناطق السنه في العراق 2004 الحوثيون يسيطرون على صعده 2015 الحوثيون يسيطرون على صنعاء 2004 مفوضات الملف النووي الايراني 2015 انتهاء الملف النواوي الايراني 2011 الازمه السوريه .......
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات