مالذي دمر الاقتصاد السوري.. الحرب أم خطط "حزب البعث" الخمسية؟

مالذي دمر الاقتصاد السوري.. الحرب أم خطط "حزب البعث" الخمسية؟
مع بدء دخول الثورة عامها الخامس يكون الاقتصاد السوري قد قضى 1462 يوما في غرفة الإنعاش وتعرض لكل العمليات الجراحية الاقتصادية الفاشلة، وطال سرطان الحرب كل جسده الاقتصادي. الاقتصاد عصب الحياة على مستوى الأفراد ومستوى الدول، وقد تأثر بالنزاع الدائر في سوريا. تجليات هذا الأمر بعضها واضح مثل سعر الصرف، وارتفاع البطالة، وعدم قابلية المؤسسات الاستثمارية الصغيرة والكبيرة على العمل. إلخ، لكنّ هناك آثارا يرصدها الاقتصاديون أكثر مما يفعل الأفراد. وهذا ما يفعله د. أسامة قاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا.

يتحدث قاضي عن خروج الزراعة من يد سلطة الإدارة المركزية الاقتصادية السورية، وباتت السلة الغذائية السورية - في درعا وريف حلب وإدلب والمحافظات الشرقية - خارج إدارة دمشق وتخضع لإدارة ذاتية وعشوائية بإشراف وحماية الميليشيات العسكرية، هذه الإدارة التي تحولت إلى كانتونات منفصلة عن المحافظات الأخرى. وطال الصناعة ضرر هائل من نهب ودمار وابتزاز، ما نفر أكثر من 80 في المائة من الصناعيين والمستثمرين.

على مستوى الطاقة، يقول د. أسامة قاضي إن أكثر من 90 في المائة من حقول النفط والغاز في سوريا خرجت من سيطرة وإشراف وزارة النفط السورية لتستقر بيد تنظيم داعش والميليشيات الكردية. وهبط إنتاج النفط من 340 ألف برميل يوميا إلى أقل من 10 آلاف، وقد كان مصدرا أساسيا للدخل في سوريا التي دمرها سابقا فشل تطبيق 10 خطط خمسية بقيادة بعثية بائسة وتسلط عسكري أحمق جعلت ناتج الدخل القومي السوري يعتمد بأكثر من ثلثه على النفط. وأشار إلى ما كان كثيرون لا يعرفونه، وهو أن الدخل القادم من النفط لا يدري أرقام إيراداته الحقيقية إلا القصر الرئاسي، والراسخون في الفساد من الحلقة الأولى.

أما على مستوى الإنتاج الآخر فإن عشوائية القوى العسكرية والدمار طال صوامع الحبوب والقطن، وكذلك الحال لـ111 من المحطات وشبكات الكهرباء و87 سدا وتجمعا للمياه ومحطات تصفية، وما تبقى من كل المنشآت الحيوية.

وقد عضت الأزمة بأنيابها المستوى المعيشي للمواطن السوري الذي فوجئ بتضخم تراوح بين 300 إلى 500 في المائة، إذا ما قورنت بأسعار السلع قبيل اندلاع الأزمة، كما صعق هذا المواطن بأنه يحتاج إلى خمسة أضعاف ساعات العمل ليحصل على نفس السلعة قبل بدء الثورة، وذلك بعد أن خسرت العملة 80 في المائة من قيمتها، إذ كان الدولار الواحد يعادل 50 ليرة سورية وبات اليوم يعادل أكثر من 220 ليرة سورية.

وينوه الخبير الاقتصادي بأن عدد العاطلين عن العمل قد تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف، إذ بلغ معدل العاطلين ما يقارب 60 في المائة، وبالأرقام الحقيقية كانت موازنة عام 2014 التي بلغت 7 مليارات دولار هي تقريبا نصف ميزانية عام 2010، طبعا هذا كله إضافة إلى نسب التسرب المدرسي أو الحرمان من التعليم لمدة 4 سنوات لجيل كامل، وهذا خزان للمشكلات المقبلة للأسف، وخسارة اقتصادية وبشرية هائلة، لأن هناك نحو 3000 مدرسة مدمرة جزئيا وكليا، ومعظم ما تبقى بات ملجأ للنازحين.

ولا يزال النظام يوحي بأن لديه اقتصادا يدار بمركزية وأنه مسيطر على جنبات الاقتصاد، بينما جاوز عدد اللاجئين السوريين 5 ملايين سوري وعلى أرضه أكثر من 10 ملايين نازح، وقد انخفض لأجل ذلك عدد السوريين من 23 مليونا إلى 17 مليون سوري في تغيير ديمغرافي قسري تاريخي.

ويلخص رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا نظرته إلى الواقع المظلم للاقتصاد السوري الذي يعني أنه ما لم تقف الحرب والدمار فإن السنة الخامسة ستكون حاسمة في إعلان شهادة الوفاة للاقتصاد الوطني السوري، وهذا معناه كارثة وطنية سيجد السوريون آثارها لسنوات بعد انتهاء الأزمة.

* العنوان الاصلي للمادة (مخاوف من انهيار الاقتصاد السوري ما لم تقف الحرب)

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات