يوم أسقطنا تماثيل الأسد-6:هكذا تهاوى تمثال باسل الأسد في ديرالزور

يوم أسقطنا تماثيل الأسد-6:هكذا تهاوى تمثال باسل الأسد في ديرالزور
الزمان: 22/4/2011

المكان: مدينة دير الزور

العنوان: الجمعة العظيمة

المتظاهرون في مدينة (دير الزور) كبرى مدن الشرق السوري، قاموا بحرق وتحطيم تمثال باسل الأسد، الأخ الأكبر لبشار الأسد، الذي توفي فيما قيل إنه "حادث سير" على طريق مطار دمشق الدولي مطلع العام 1994 وفتح بوفاته المفاجئة الطريق لأخيه بشار ليكون وريث أبيه الديكتاتور حافظ الأسد بعد وفاته في صيف عام 2000!

تمثال باسل الأسد: برونز مزيف!

كما أنشئ تمثال حافظ الأسد في مدينة الطبقة، في عهد محافظ (الرقة) العلوي (محمد سلمان)، أنشئ تمثال باسل الأسد في عهد محافظ دير الزور العلوي (صلاح كناج) الذي عرفه لي أحد أبناء دير الزور بعبارة: (الأكثر فساداً في تاريخ محافظي مدينتنا) وانتصب في إحدى أهم ساحات المدينة عام (1996) لتسمى الساحة باسمه.

صمم التمثال الذي يبدو فيه باسل الأسد ممتطياً صهوة جواده، نحات اسمه (هشام الغدو) يقول أهالي دير الزور، أنه من أبناء (البصيرة) في دير الزور، لكن النحات المتملق في أكثر من مصدر ومقابلة صحفية، يعرف نفسه على أنه من مواليد (اللاذقية) ولا يعرف من ذلك إذا كان المقصود هو الإيحاء بنسبٍ يقربه من سلطات الأسد، حيث صارت اللاذقية خلال حكم الأسد، مدينة علوية – سنية مختلطة!

ويقول أحد أبناء المدينة: "كان يوجد في مدينة دير الزور تمثالان كبيران، إضافة لآلاف الصور الفسيفسائيّة والضوئية والورقيّة للعائلة الحاكمة، للرئيس الراحل حافظ الأسد، في ساحة الرئيس، ولابنه الراحل باسل الأسد، في الساحة العامة" (1) ومن الواضح أن تلك الصور لم تكن تعبر عن محبة أبناء مدنية دير الزور المهلمة للأب القائد ولا لابنه الوريث، بقدر ما كانت حالة مفروضة عليهم، كما يتضح لنا من خلال الحماس الشديد الذي أبداه أبناء دير الزور لتحطيم تمثال باسل ثم أبيه، والتي تحولت إلى دراما حقيقية، لعبت فيها الأقدار دوراً في إذلال تمثال الأسد الأب كما سنرى!

تمّ إسقاط تمثال الباسل في تظاهرات يوم (الجمعة العظيمة) بتاريخ 22/4/2011 وهي الجمعة السادسة في تاريخ الثورة السورية، والأكبر من حيث عدد المتظاهرين وعدد الشهداء حتى حينه (تم استشهاد أكثر من 100 مدني) وحتى ذلك الوقت كان نظام الأسد، يتعامل بحذر مع الاحتجاجات التي اندلعت في دير الزور، بسبب طبيعتها العشائرية، وسعة مساحتها، ووجود كميات من السلاح فيها، خزنت من أيام حرب العراق، حين توجه المتظاهرون نحو تمثال الباسل، قام عناصر الأمن بإطلاق النار في الهواء فقط، ويٌقال إنه لم يتم إطلاق النار على المتظاهرين، ومنعهم من إسقاط التمثال، لأنّ القيادات الأمنيّة لم تكن تعرف أو تقدّر، ردّة الفعل التي يمكن أن تصدر عن الأهالي المدينة في حال مقتل أحد من المتظاهرين.

وهكذا تمكن المتظاهرون من خلخلة التمثال وخلع ساقيه بعد أن ربطوه من عنقه بحبل طويل، ثم أسقطوه أرضاً وسط صيحات الفرح والحماس.. ليكتشفوا حقيقة ستتضح أيضاً مع تماثيل أخرى "مغشوشة" فالتمثال الذي كان يظنه أهالي دير الزور مصنوعاً من البرونز، والذي بلغت تكلفته بإشراف المحافظ الفاسد (صاح كناج) ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف ليرة سورية في تسعينيات القرن العشرين، لم يكن من البرونز، وإنما كان من الخشب والقطن محاطاً بطبقة عازلة ومطلياً بمادة البنزور، ما تسبب باشتعاله سريعاً. بعد إحراق التمثال، قرر الديرون استبدال اسم (ساحة الباسل) بـ (ساحة الحرية).

تمثال حافظ الأسد: دراما الإزالة والسقوط!

لم يكتف الديرون بإسقاط وإحراق تمثال الفارس المظلي الركن باسل الأسد، الذي سجن منافسه في سباق الفروسية الفارس (عدنان قصار) لأن فرسه تقدم عليه في السباق، وبقي القصار مسجنوناً بعد موت باسل لمدة وصلت إلى (22) عاماً... فقد بقي تمثال واحد في دير الزور، وهو تمثال (حافظ الأسد)، الذي كان يتوسط ساحة السبع بحرات، التي صار اسمها (ساحة الرئيس) بعد نصب التمثال فيها، يقول أحد أبناء المدينة في مقال وثق ثورتها في العامين الأول والثاني للثورة: "صار الشغل الشاغل لعناصر الأمن حماية ذلك التمثال، كما في باقي المدن الأخرى، على حساب حماية المواطنين وأمنهم. وكان يبدو أنه من المسموح لأهالي دير الزور الخروج في التظاهرات في أي منطقة يشاؤون، ولكن مع عدم الاقتراب من ساحة الرئيس، ومن تمثال الرئيس الراحل. تقع ساحة الرئيس، وهي نفسها ساحة السبع بحرات، بين أحياء الرشديّة وغازي عيّاش والقصور والجبيلة، وتحيط بها مراكز حسّاسة مثل المتحف الوطني، وقيادة الشرطة العسكريّة، وقيادة المنطقة الشرقيّة للجيش والقوّات المسلحة، وفرع المخابرات الجويّة، وهي قريبة أيضاً من فرع الأمن العسكريّ... لذلك كان يُعتبر إسقاط تمثال حافظ الأسد في تلك المنطقة المكتظة عسكريّاً وأمنيّاً، إهانة كبيرة للنظام، ودليل ضعف لهم، وبالتالي قد يؤدّي إسقاط التمثال إلى زلزال يودي بهم، وبمراكزهم القياديّة في الجيش والأمن" (2).

ظل هذا الاتفاق الضمني سارياً حتى جمعة (أطفال الحرية) بتاريخ 3/6/ 2011 حيث خرجت مظاهرة حاشدة ضمت خمسة عشر ألفاً، وقام أحد عناصر الأمن بإطلاق رصاصة أدت إلى استشهاد الشاب (معاذ ركاض) ما أدى إلى تأجيج المظاهرات في المدينة، وفي اليوم التالي نظمت مظاهرة أخرى، اتفق منظموها على التوجه إلى (ساحة الرئيس) وفي طريقهم إلى هناك، قاموا بتحطيم مكاتب ومحتويات شركة (سيريا تل) للاتصالات الخليوية (المملوكة لابن خال بشار الأسد رامي مخلوف)، ومرّوا بقيادة المنطقة الشرقيّة للجيش والقوّات المسلحة، حيث اكتفى عدد من الجنود، التابعين للقيادة، بمراقبة التظاهرة والمتظاهرين من دون حمل أي أسلحة.. إلا أنهم حين تقدموا أكثر اعترضهم أحد ضباط الأمن، وانتهت المظاهرة بسقوط شهيدين.

صباح يوم الأحد 5/6/2011 كان تشييّع ودفن الشهيد معاذ ركاض. بينما تمّ تشييّع الشهيدين الآخرين في عصر ذلك اليوم. وفي هذا التشييّع الأخير انتفضت دير الزور؛ إذ شارك في التشييّع أكثر من مئة ألف شخص، من داخل المدينة وريفها.

أمام هذا التطور لم يجد النظام ما يفعله سوى أن يتجرع المرارة بنفسه، بدل أن يترك تمثال "القائد الخالد" ليلقى مصير تمثال "الباسل" وهكذا فوجئ أهالي المدينة في فجر 7/6/2011 برافعة ضخمة، وهي تقوم بإزالة تمثال (حافظ الأسد) من ساحة (السبع بحرات)، وقد أشرف على العمليّة كاملة العميد (جامع جامع) (3) رئيس الاستخبارات العسكرية في دير الزور، فيما كانت طائرة مروحية تساند المجموعة المكلفة بإزالة التمثال جواً.

إلا أن دراما تماثيل الأسد الديرية، ظلت حبلى بالمفاجآت حتى اللحظات الأخيرة ومرة أخرى يروي أحد أبناء المدينة: "عندما ربط التمثال بحبال معدنيّة والبدء بإزالته، انزلق أحد الحبال من الرافعة وسقط التمثال على الأرض وتحطم! وتمّ الاحتفاظ بحطام ذلك التمثال، الذي أجبر الثوّار السلمييّن السلطات على إزالته، في مستودع متحف دير الزور. ورغم أنّ التظاهرات ظلت تخرج بشكل أسبوعي، كلّ جمعة، في الساحة العامة، وبمشاركة لا تقل عن /50,000/ مشارك، إلا أنّ شباب الثورة شعروا بأنّ غضب الشارع قد خفّ بعد إزالة التمثال (4)"!

هامش:

(1) و(2) و(4): (سيرة مدينة سورية في عامين) ملحق (نوافذ) صحيفة (المستقبل) اللبنانية - العدد (4555): 23/12/2012

(3) لقي حتفه في 17/10/ 2013 برصاصة في الرأس.

التعليقات (3)

    علوي وافتخر

    ·منذ 9 سنوات شهر
    أهالي الدير بالذات ما يحقلهن يحكو ولا يفرحو بإسقاط تمثال الشهيد باسل اللي كان ميشرف مدينتهن لانهن خونة وترباية صدام وبعث العراق وانا كتير مأشمت بحصار داعش إلهين وبتمنى شوفهن مياكلوا وراق الشجر ليعرفو قيمة الأمن والأمان اللي كان موفرلهن ياه السيد الرئيس وبيو من قبلو

    مندس من زمان

    ·منذ 9 سنوات شهر
    يا علوي و مفتخر ما بتقدروا تتخيلوا العيشة الا تحت صرماية الأسد ...هي مشكلتكم بس بقية الناس أحرار حتى لو أكلوا ورق الشجر و الحرية صعب تفهمها انت و امثالك

    معاوية الأموي

    ·منذ 9 سنوات شهر
    إلى علوي ويفتخر، بس انسى موضوع الطاغية وتماثيله ووضعه تحت أرجل الثوار مع أبناؤه وباقي عيلته النجسة... بدي اسألك، عم تفتخر إنك علوي وما عم تفتخر إنك سوري ؟ شفت مين الطائفي بقى ؟
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات