هذا ما قالته دراسة أمريكية (لمعهد دراسات الحرب) نشرت عام 2013 عن المجهود الجوي اللازم لتدمير القوى الجوية للنظام أو تعطيلها في مطاراته الاساسية.
أظهرت الدراسة أن متطلبات تدمير القوة الجوية للنظام أو على الأقل تحييدها ليست صعبة بل ممكنة التحقيق جداً، بناء على متطلبات تحييد المراكز والمواقع الأساسية التي تتركز فيها معظم القدرات الجوية للنظام من مطارات وقواعد جوية.
فتدمير المطارات الأساسية الستة للنظام والتي يعتمد عليها ً في تنفيذ طلعاته الجوية للطائرات القاذفة سوف لن يستلزم سوى 24 طائرة قاذفة (F15E ,F18E) تطلق كلاً منها قنبلتين أو صاروخين ذكيين فقط !! *
بالإضافة لثلاثة قواعد اطلاق صواريخ توماهوك بحرية (سفينة) موجودة في الخليج العربي أو في البحر المتوسط أو الأحمر تطلق 24 صاروخ.
أما بالنسبة لتدمير الطائرات النفاثة الفعالة لدى النظام داخل حظائرها الاسمنتية أو خارجها فتتطلب 109 صاروخ توماهوك فقط!!!
تستطيع السفن الثلاثة اطلاق هذه الصواريخ، حيث يحمل كل صاروخ رأساً شديد الانفجار أو عنقودي زنة 450 كغ تقريباً.
تدمير قوة الأسد؟!
بناء على الدراسة ستدمر الموجة الأولى من الهجوم (24 قاذفة وصواريخ توماهوك) المدرجات في المطارات لتمنع الطائرات من الإقلاع، ثم تتلوها الموجة الثانية التي ستدمر الطائرات النفاثة السليمة والتي لن تستطيع الطيران بسبب تعطل المدرجات.
قد يشمل الهجوم أيضا تدمير البنية التحتية التي تدعم الطائرات من خزانات وقود ووسائل إيصال الوقود والرادارات والأبراج في المطارات ومستودعات قطع الغيار ومواقع صيانة الطائرات.
إضافة لهجمات أخرى أصغر لاحقة بفواصل بحدود أسبوعين تستهدف المدرجات لمنع صيانتها وإعادة تشغيلها لضمان استمرارية تعطيل المطارات .
أهم ما في الامر أن كل أنواع الأسلحة التي ستستخدم يمكن إطلاقها من خارج مدى معظم أنواع بطاريات الدفاع الجوي لدى النظام، ولن يستطيع الدفاع الجوي للنظام القيام بأي رد فعل على هذه الهجمات وستنجح العملية بدون خسائر تقريباً.
لم تذكر الدراسة متطلبات تدمير الطائرات المروحية لدى النظام لكنها بالتأكيد أقل من متطلبات تدمير الطائرات النفاثة ويمكن تدميرها إما بطلعات جوية أو بالقصف الصاروخي أو بتدمير وسائل تشغيلها وإدامتها من خزانات وقود وورشات تعمير وصيانة.
ماذا عن عاصفة الحزم؟
خلال الأيام الماضية شاهدنا كيف تعرضت قوات الحوثيين للتدمير المنظم من قبل الطائرات المشاركة في هذه العملية حيث بدأت العملية بضرب الدفاعات الجوي وتعطيلها (لتهيئة الأجواء وفرض سيطرة جوية)، اضافة لمراكز القيادة والسيطرة ثم المطارات والقواعد العسكرية ثم القدرات الصاروخية البالستية وخطوط الإمدادات، وهكذا دواليك حسب الخطة المرسومة.
معظم دول الخليج تمتلك طائرات حديثة مطابقة للمذكورة في الدراسة وقسماً من الذخائر الموجهة المذكورة في الدراسة أيضاً**، أضافة إلى أنها سوف تستخدم ذخائر موجهة أخرى في حال قررت مهاجمة النظام، ما يعني بعض التغيير في نماذج الهجمات مع أن النتائج لن تكون مختلفة كثيراً، وستعطل القوى الجوية للنظام ودفاعه الجوي خلال ساعات إلى أيام وبالحد الأدنى الممكن من الخسائر في القوات المهاجمة، ما يجعل الجو مناسباً للقيام بالموجة الثانية من الهجوم (بعد فرض سيطرة جوية كاملة على الأجواء في سوريا).
قد تشمل الموجة الثانية من الهجوم الأجزاء الأخرى من بنية القوى الأساسية للنظام من مخازن ذخيرة وبخاصة الصواريخ البالستية ومنصاتها (لمنعه من الرد) ومقرات القيادة والسيطرة والاتصالات التي سيستهدف قسم منها خلال الموجة الأولى أيضاً، ثم تتدرج العملية وتستمر حتى تحقيق الهدف المحدد مسبقاً منها والحالة اليمنية مثالاً.
قوة جوية كبيرة:
استخدمت السعودية لوحدها 100 طائرة خلال عاصفة الحزم، في حين يبلغ التعداد الكلي للطائرات من الدول مجتمعة حوالي 200 طائرة جلها أحدث مما يمتلكه النظام بعقود عدا عن القوى البحرية والبرية.
كما تستطيع هذه الدول الزج بالمزيد من الطائرات في حال الهجوم على النظام في دمشق، وهذا الكم الضخم من الطائرات الحديثة (سيعصف) حرفياً ببقايا القوى الجوية للنظام السوري وسيعريه من غطائه الجوي الذي استند إليه كثيراً خلال أربعة أعوام من المعارك.
هل يشكل الدفاع الجوي للنظام تهديداً للطائرات المهاجمة؟
لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال يجب العودة بالتاريخ إلى لبنان - البقاع عام 1982 ذاك الصيف الذي شهد تدمير اسرائيل 18 بطارية دفاع جوي للنظام خلال هجمة واحدة، كانت تشكل العمود الفقري للدفاع الجوي للنظام في تلك المنطقة، وبعد 33 عاماً لن تختلف الصورة كثيراً بل ستتغير بعض التفاصيل الفنية فقط .
فالنظام لايزال يحتفظ بنفس منظومات الدفاع الجوي الصاروخي التي لم يجري عليها الكثير من التحديث، فعلى الرغم من أنه أضاف إليها عدة أنواع أخرى لكن المشكلة لم تكن دائماً نوعية السلاح بل الطريقة والعقلية التي يستخدم فيها هذا السلاح أيضاً، في حين ظهرت تقنيات متقدمة جداً لتتعامل مع منظومات الدفاع الجوي وجربت غير مرة سواء في العراق أو البلقان ضد أنظمة دفاع جوي أكثر احترافية وتقدماً وقدرة ومستوى تدريبي وإرادة.
أكبر مثال على ما قد يواجهه الدفاع الجوي للنظام هو ما واجهه الدفاع الجوي في العراق أو يوغوسلافيا على الرغم من الفرق في المستوى التقني والتدريبي بينهما وبين الدفاع الجوي للنظام .
مشاكل الدفاع الجوي للنظام!
هناك جملة من المشاكل التي يواجهها الدفاع الجوي للنظام ستجعل تدميره سهلاً وغير مكلف لطائرات عاصفة الحزم، أهمها مركزية القيادة وبطئ تدفق المعلومات والأوامر فأمر اطلاق الصواريخ مركزي.
إضافة لتفكك قسم كبير من شبكة الدفاع الجوي بسبب خسارة النظام للعديد من المناطق واهماله لوحدات الدفاع الجوي الصاروخي بسبب عدم امكانية استخدامها في المعارك ضد الثوار، ما خفض عدد عناصرها وحتى اهتمام النظام بها بحكم عدم ظهور تهديد جوي للنظام من الثوار .
إضافة إلى تقادم مكونات منظومة الدفاع الجوي لدى النظام على الرغم من اضافة بعض الأنواع الأحدث نسبياً، كذلك كون قسم كبير من شبكة دفاعه الجوي مكونة من بطاريات ثابتة معروفة المواقع .
لكن أكبر مشكلة ستواجه الدفاع الجوي للنظام هي أن معظم الذخائر التي ستستخدم ضده ستطلق من خارج المدى الأقصى لمعظم بطاريات دفاعه الجوي، فلن تضطر الطائرات حتى إلى الدخول ضمن النطاق الفعال لشبكة دفاعه الجوي لضرب بطاريات الدفاع الجوي نفسها وحتى لاستهداف مطاراته *** .
فشبكة الدفاع الجوي للنظام عجزت عن التصدي لهجمات منفردة ضد مواقع منفردة سابقاً خلال العشر سنوات الأخيرة بداية بالهجوم على موقع الكبر شرقي سوريا وصولاً إلى الهجمات المتعددة التي شنتها اسرائيل على عدة مواقع غربي البلاد من دمشق واللاذقية.
فشلت شبكة الدفاع الجوي للنظام في التصدي لهذه الهجمات التي لم تستهدفها بشكل مباشر، هذا يؤكد أنها ستعجز بالتأكيد عن التصدي لهجمات أوسع منظمة ضد بنيتها الأساسية .
كذلك عامل المفاجئة وقصر زمن الانذار له دور مهم في تعطيل هذه المنظومة، وبخاصة أن قسماً كبيراً من شبكة الدفاع الجوي جنوبي سوريا وحول دمشق لا يبعد عن الحدود مسافة تزيد عن 100 كم أي بإمكان الطائرات استهداف قسم كبير من بطاريات الدفاع الجوي للنظام وحتى بعض مطاراته قبل الدخول للمجال الجوي السوري.
ماذا يملك نظام الأسد للرد في حال ضربته عاصفة الحزم؟
سلاح الجو : دمر قسم كبير من طائرات الأسد خلال السنوات الأربع للثورة ولكنه لايزال يحتفظ بقسم من أفضل طائراته والتي لم يستخدمها إلا على نطاق ضيق، حيث يعتقد أن النظام سوف يسند مهمة اعتراض الطائرات المهاجمة لهذه الطائرات، وهي ميغ 29 إضافة لقسم من طائرات ميغ23 MLD ، والتي على الرغم من أنها أفضل ما لديه لكنها لن تشكل فرقاً كبيراً بسبب قلة أعدادها والفارق التقني بينها وبين الطائرات الغربية الحديثة المستخدمة من قبل عاصفة الحزم..أما باقي طائراته التي لا تزال في الخدمة من ميغ 21 وميغ23 وسوخوي22 فسوف يكون مصيرها أتعس بكثير لأنها غير مؤهلة لدخول هكذا معارك.
الدفاع الجوي:
امتلك النظام حوالي 150 وحدة دفاع جوي صاروخي و حوالي 22 رادار إنذار مبكر قبل الحرب، خسر قسماً منها وتعرض قسم كبير منها للإهمال.
فالدفاع الجوي للنظام على الرغم من كثافته و تعقيده النظري، إلا أنه لن يشكل مشكلة كبيرة للطائرات المهاجمة وخصوصاً أن معظم الرمايات يمكن أن تتم من خارج المدى الفعال لمعظم المنظومات الصاروخية لدفاعه الجوي، وقصر زمن الإنذار الذي لا يتجاوز عدة دقائق سيتسببان بالكثير من الخسائر وبخاصة في منظومة القيادة والسيطرة قبل بدء تدفق أوامر الاستجابة .
إضافة لصعوبة أو استحالة المناورة بالكثير من وحدات الدفاع الجوي المتحركة المملوكة للنظام بسبب تواجد الثوار على الأرض وإمكانية استهدافها من قبلهم، أو رصد تحركاتها للتبليغ عنها آنياً لمراكز العمليات التي توجه الضربات الجوية (كما يحدث مع الحوثيين الآن) .
يمكن القول أنه بعد فترة قصيرة من إطلاق أي عملية سوف تنهار منظومة الدفاع الجوي الصاروخي لدى النظام، وكل ما سيتبقى لديه هو المدفعية المضادة للطائرات ( التي لا يتوقع منها الكثير) كما هو حال الحوثيين.
الصواريخ البالستية:
قد يكون هذا هو الرد العسكري الوحيد الذي يمتلكه النظام فعلياً والذي يتمثل بإمكانية قيامه بإطلاق عدد من صواريخ سكود تجاه السعودية والأردن، وصواريخ فاتح 110 أوميسلون**** أو غيرها تجاه الأردن حيث تقع معظم مدن شمالي السعودية ضمن مدى سكود-D لدى النظام .
لا يعتقد بقدرة النظام على اطلاق الكثير من هذه الصواريخ وبخاصة صواريخ سكود بسبب طول زمن تجهيز الصواريخ ومواقعها المعروفة سلفاً، والتي ستدمر مع الموجة الثانية للضربات الجوية كحال صواريخ سكود لدى الحوثيين، حيث سجل تدمير عدد من منصات صواريخ سكود خلال الضربات الجوية الأخيرة، اضافة لانخفاض فاعليتها بسبب إمكانية اعتراضها من قبل بطاريات الباتريوت الموجودة لدى السعودية.
أسلحة غير تقليدية:
الترسانة العسكرية للنظام السوري تبدو عاجزة عن مواجهة الضربات الجوية في حال حصلت، و لذلك لا يعتقد أن النظام سوف يستطيع عمل الكثير بها لذلك سيلجأ لأسلحته القديمة من العملاء والميليشيات للرد بشكل غير مباشر من تفجيرات وعمليات داخلية ضد الدول التي ستضربه.
الهوامش:
*
رابط الدراسة:https://www.understandingwar.org/sites/default/files/RequiredSorties-to-DegradeSyrianAirPower.pdf
**
:AGM-154 وهي عبارة عن قنابل موجهة بمدى يصل إلى 130 كم تعرف ب(JSOW).*** مدى معظم بطاريات الدفاع الجوي للنظام أقل من 75 كم باستثناء عدة بطاريات سام 5 بمدى يصل إلى 250 كم موجودة في حمص ودمشق ( لا يعرف تماماً مدى جهوزيتها ).
التعليقات (29)