لاتهم النوايا بقدر ما يهم نتائج أي خطاب سياسي على الأرض. في كل مدينة تتحرر لو فيها عائلة واحدة من الأقليات، تتجه هذه الأصوات إليها، لتر مصيرها ولا تهتم بمصير الغالبية.
هذا حق لكل انسان بالطبع، لكن ليكن جريئا ويعترف باقلاويته، التي لا تعنيها الأكثرية لا من قريب ولا من بعيد. قبل ذلك باشهر شاهدنا العالم قام ولم يقعد من اجل كوباني- عين العرب- لان داعش اجتاحتها. داعش قوة مجرمة بحق الشعب السوري. اجرمت قبل كوباني في الرقة ودير الزور خاصة ولا تزال جريمتها مستمرة هناك، ولم يحرك العالم ساكنا، هذا عالم أوباما بالطبع. الاكراد في كوباني طالتهم جريمة داعش، كما طالت غيرهم من السوريين.
تصبح داعش بين ليلة وضحاها محسوبة على سنة سورية، والعرب منهم تحديدا. على الرغم كما بينت احداث داعش قبل ان تستهدف كوباني وبعدها، أنها لم تستهدف سوى السنة العرب في مدنهم وقراهم. واعدمت وقتلت من شبابهم مثلما فعلت الاسدية التي هي اصل البلاء.
اذا كانت معايير أوباما مفهومة غايتها بالنسبة لكوباني، ليس حبا بكوباني وشعبها بل من اجل أمور أخرى. أولا تغطية الجريمة الاسدية في سورية من جهة، وتشكيل التحالف المخلخل ضد داعش. هذا مثال قبل تحرير ادلب وبصرى الشام في درعا. داعش في النهاية هي قوة انتجتها الشيعية السياسية الإيرانية في العراق، والاسدية السياسية في سورية. هي قوة أتت من العراق وجلبت معها كل شذاذ الافاق ممن يحسبون على ما يسمى التيارات الجهادية الإرهابية.
والتي تم تصديرهم للعراق من قبل الأسد وايران فيما سبق الثورة السورية. أتت لسورية لكي تنهب الثورة السورية ماديا ورمزيا. ساعدها الموقف الاوبامي في ذلك. في تحرير ادلب وبصرى الشام لم تشارك داعش فيها، لأن داعش منذ قدومها لسورية لم تحرر منطقة واحدة من الاسدية. وكانت آخر معاركها في مخيم اليرموك بدمشق ضد الثورة وضد سكانه، المخيم الذي لم تستطع قوات الاسدية اقتحامه، ودخلت داعش للمخيم من عدة محاور. النظام يسيطر على بعضها.
النصرة في المخيم وقفت على الحياد في موقف مشبوه. داعش في القلب والظهر هي مع الاسدية وتتقاسم معها نهب الثورة وقتل الشعب السوري ونهب خيراته. فهي تنظيم مأجور بكل ما تعني الكلمة من معنى، يستخدمه أصحابه أحيانا لتأجيج الطائفية واحيانا لاسباب أخرى ليس مهما. اما جبهة النصرة التي أعلنت ولائها للقاعدة، رغم كل ما قامت به وتقوم به، من تحرير لمناطق من يد الاسدية وتساهم مع الجيش الحر في مواقع عدة ضد القوات الاسدية. إلا أن اجندتها القاعدية ورايتها السوداء تجعلها في النهاية حركة لا تخدم تطلعات الشعب السوري للحرية من الاسدية.
هاتان القوتان الاشكاليتان، وكل من موقعها واجندتها نهبت الثورة السورية رمزيا، وساهمت قولا وفعلا ولاتزال في تصفية ظاهرة الجيش الحر ذو الراية السورية والاهداف السورية الوطنية. الغريب في كل هذا ان هذه الكتابات والمواقع والشخصيات تحاول الطعن في الثورة من أساسها، بحجة داعش والنصرة، وتعلن ان الثورة في النهاية كانت طائفية. للمرة الالف نقول القوى التي ما فوق وطنية كداعش والقاعدة عليك البحث فيها في شبكة العلاقات الاستخباراتية أولا وقبل أي شيئ آخر. لا يمكن بحثها انطلاقا من المسألة الطائفية أو انطلاقا من الأيديولوجيا القاعدية. لأنك بذلك تفقد البوصلة تماما في تقييم حدث تشكلهما وتنامي قوتهما. لكن رغم التمييز الواضح بين سلوك النصرة و داعش من حيث ناحيتين :
الأولى ان النصرة تحارب الاسدية بشكل واضح وقوي عموما، بينما داعش تحارب الثورة وقاعدتها الشعبية. والناحية الثانية ممارسات النصرة في المناطق التي تسيطر عليها غير ممارسات داعش. لهذا اذا كانت النصرة فعلا جادة في محاربتها للاسدية فعليها ان تقطع علاقتها بالقاعدة وكل رموز القاعدة وتلجأ لرموز الثورة السورية وأهدافها وبغير ذلك ستتحول إلى قوة لها اجندتها الما فوق وطنية.
النصرة ليس لها ممارسات طائفية مثلا في المناطق التي تسيطر عليها بينما داعش ممارساتها حقيرة في هذا المضمار. لهذا لا يمكن فهم المسألة الطائفية في سورية إلا انطلاقا من عاملين الأول الشيعية السياسية الإيرانية الإرهابية، والاسدية السياسية الإرهابية. بغير ذلك كأننا نخدم الاسدية والطائفية معا.
التعليقات (4)