مدينة (عز الدين القسام) سكانها معارضون وأبناء ريفها مؤيدون!

مدينة (عز الدين القسام) سكانها معارضون وأبناء ريفها مؤيدون!
مدينة «جبلة» في ريف اللاذقية تعتبر من أهم المدن بالنسبة للنظام السوري، فريفها يحوي خزاناً بشرياً قد يجهله من لا يعرف المنطقة. يبلغ عدد سكانها 35 ألف نسمة حسب الإحصائيات الأخيرة لنظام بشار الأسد.

في حكومات النظام المتعاقبة كان هناك أربعة وزراء من هذه المدينة الصغيرة، وحتى الآن هناك وزير من كبار الوزراء قيده المدني في جبلة هو وزير الاتصالات الغلاونجي، وعلى الرغم من أنه سني إلا أنه لا يعبر عن رأي أهل المدينة المعارضين بشدة لنظام الأسد حسب ناشطين من قلب المدينة.

وأكد قيادي كبير في الجيش الحر في تصريح لـ «القدس العربي» أن المدينة معارضة لنظام الأسد منذ الثمانينيات، وأضاف كان للمدينة نصيب من بطش الأسد الأب الذي قتل واعتقل المئات من سكانها السنة، وتكرر الآن ذلك في زمن الإبن، ولطالما انتظر أهلها هذه الثورة حتى يخروجوا إلى الحرية حسب وصف القيادي.

لكن المفارقة الكبيرة تكمن في سكان الريف القريب، والبالغ عددهم أكثر من مئة وخمسين ألف نسمة، كلهم مؤيدون لحكم الأسد ويعتبرونه قائداً أبدياً، ومن أبرز القرى في ريف المدينة التي يقطنها علويون: بيت ياشوط، الدالية، بسيسين، حمام القراحلة، قرفيص، سيانو، وادي القلع، عين شقاق وعين الشرقية وبستان الباشا المعروفة لكل أهل الساحل بمنظمتها الخيرية التي تتبع لرامي مخلوف بشكل مباشر، وتعمل هذه المؤسسة الخيرية على تلبية احتياجات أهل الريف من العلويين. وهناك قرية سنية وحيدة تدعى عرب الملك وتقع على الشاطئ البحري ويقطنها بضع آلاف من السكان العرب البدو لكن النظام استغلّ موقع هذه القرية على البحر، وجعل منها قاعدة رادرات ومنصات إطلاق الصواريخ على إدلب مؤخراً.

تنتشر على الطريق الواصل بين مدينة جبلة واللاذقية لافتات كتب عليها «الطريق مراقب بالرادار» فتاة في المنطقة، فضّلت عدم الإفصاح عن هويتها واكتفت باسم «حرة» أكدت أنها زارت العديد من المناطق في ريف جبلة، واكتشفت العديد من الثكنات العسكرية التي تعج بالسلاح، أولها الأكاديمية البحرية العسكرية في منطقة الرميلة، والثكنة العسكرية الأكبر في الساحل في صنوبر جبلة والتي تمتد على طريق بحري طوله يتجاوز سبعة كيلو مترات.

وأضافت الناشطة أن مطار حميميم الأخير يبعد 10 كيلو مترات عن المدينة ويعتبر أكبر مطار عسكري حالياً، وهو مصدر أغلب الطلعات الجوية (الغارات) في ريف اللاذقية الشمالي، وريفي حماة وإدلب.

خلال الفترة الماضية القريبة شنّ الدفاع الوطني في المدينة عدة حملات اعتقال طالت الشباب والنساء أيضاً، وتعاني المدينة حالياً ارتفاعاً حاداً في أسعار المواد الغذائية كما باقي مدن الساحل.

ليست جبلة وحدها التي تعاني من وطأة القيد، بل جميع المدن السورية، لكن النظام جعل من سكان المدينة ملاذاً ينتقم منه أبناء الريف عندما يُقتل أبناؤهم في معارك سوريا، بعد أن جعل من شبان الريف العلويين خزاناً بشرياً يغرف منه متى شاء، فتخرج قوافل الشبيحة على حد وصف أهلها في مواكب ترهيب تجول في المدينة، وتطلق النار في كافة الأرجاء، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل عندما يشيع النظام قتلاه أيضاً يخرج مؤيدو الأسد ويطلقون النار في أحياء السنة المعارضين الذين لا يملكون إلا أن يغلقوا الأبواب على أنفسهم بانتظار أن تخرق الرصاصة جدران المنزل، وتستقرّ في صدور أبنائهم، وتبقى قصص الألم هذه طي الكتمان ولا تغادر جدران المنزل نفسه.

تاريخياً تعتبر هذه المدينة من القلاع الأثرية حيث فيها المدرج الروماني القديم الواقع في قلب المدينة، ويعود إلى القرن الثاني الميلادي وفي العصر الإسلامي كانت مقراً للعثمانيين أثناء تواجدهم على الساحل، وسمي أقدم المساجد فيها باسم السلطان الذي دفن في حديقة المسجد.

مسجد ذو مئذنة وسلسلة من القباب البيضاء وهو ضريح السلطان الصوفي «إبراهيم بن الأدهم» وكان سلطاناً في بلخ أفغانستان ثم ترك عرشه ليعيش حياة الزهد والفضيلة والمحبة، ومات ودفن في جبلة سنة 778.

خلال التاريخ القريب المعاصر قدّمت المدينة إسماً كبيراً كان له نصيب من أبواب التاريخ هو الشيخ عز الدين القسام الذي قاد ثورة ضد المحتل البريطاني في العام 1934.

* المصدر: صحيفة القدس العربي

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات