فغسان عبود لم يقل إلا ربع الحقيقة، وربما كانت الصورة أكثر قتامة مما يتخيل البعض من الجالسين خلف شاشات الكومبيوتر في العواصم البعيدة.
الصورة قاتمة والمشكلة ليست في منشور نشره غسان عبود أوغيره، المشكلة في الطائفة نفسها، في مشيخة العقل، في الشخصيات الاجتماعية في الاغلبية التي بايعت النظام المجرم وارتضت ان تكون مطية له، ولحزب الله اللبناني، وللحرس الثوري الإيراني، دون أن يصدر عنها موقف رجولي مشرّف، ينسجم مع التاريخ الذي رسمه لنا سلطان باشا الاطرش وأسعد كنج أبو صالح وسائر قادتنا الوطنيين الذين رسموا بدماء شهدائنا طريق الحرية لهذا البلد.
بدل أن ندفن رؤسنا في الرمال كالنعام، ونوزع الاتهامات على هذا الشخص أوذاك وكأنها مشكلة شخصية، أولى بنا أن نقف وقفة رجل شهم مع الذات، وأن نراجع من دون خجل أو مواربات ما فعلناه بأنفسنا!
نحن جمهور الثورة السورية منبوذين في أوساط طائفتنا، مهددين بالحرم الديني. الكثير من المحلات التجارية لا تبيعنا. ينظر إلينا كمجرمين خارجين عن القانون، فجمهور طائفتنا العام، وبسبب موقف مشيخة العقل بات مؤيداً للنظام القاتل المجرم الذي ذبح وشرد أخوتنا شركاء الوطن في درعا والقنيطرة وفي ريف دمشق.
ما الذي فعلناه كدروز سوى أننا كنا عليهم ولم نكن معهم؟ صمتنا على جريمة العصر وباركناها بالصمت، إن لم يكن بالتشفي!
صمتنا على تشكيل اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني، وهو المسمى الملطف للشبيحة، وتركنا ابناءنا يمارسون القتل والتشبيح والخطف والقتل والسرقة في قرى حوران والقنيطرة وريف دمشق، ولم تصدر عن مشيخة العقل أو غيرها من مرجعياتنا الاجتماعية أي حالة من حالات الاستنكار أو التبرؤ من هذه الممارسات المخزية، بل على العكس من ذلك حرمت مشيخة العقل شيخ الكرامة أبو فهد البلعوس.. وحاصرت مناضلي الجولان المؤيدين للثورة في بيوتهم، في حين أن زعماء الشبيحة معززين مكرمين، يعاملون كالأبطال.
نعم، المزاج العام لدى أهل الطائفة لم يكن محباً للأسد ولا للنظام، وعانى الجبل من ممارسات النظام تماماً كما عانى باقي السوريين، ولكن كل ذلك لم يعد يعني شيئاً بعد الانحياز إلى النظام والدفاع المستميت عنه، بدعوى الخشية من المتطرفين السنة، ولأن العلويين أهون الشرور!!. بمثل هذا المنطق رسمت المواقف، وبهذا الوعي القاصر انحازت
الطائفة إلى نظام القتل والإرهاب والتشبيح.
كلمات غسان عبود، جرس انذار على العاقل أن يقرأه بتمعن ويحاول ان يستفيد منه قبل فوات الأوان. لا يعتبرها هجمة شخصية وأن يدفن رأسه بالرمال ويتخيل معارك دونكيشوتية لا أساس لها.. فالمعركة هي مع الذات أولا وأخيراً، حيث ينبغي ان تحدد الطائفة موقعها من التاريخ، وفي أي جهة منه، مع سوريا الحرة، أم مع نظام زائل متهافت لم يبق منه سوى الهيكل؟
الدروز مكون أساسي من مكونات هذا الوطن، وشركاؤهم الحقيقيون هم ثوار درعا والقنيطرة وريف دمشق، وليست عصابات الشبيحة التي تسير في طريق الانقراض لأنها ارتضت أن تكون بيادق غبية بيد ايران التي ستضحي بآخر علوي سوري وبآخر شيعي عربي على مذبح مشاريعها الفارسية القومية النووية.
التعليقات (7)