إرادة: حي (الوعر) المحاصر يتحدى الأسد بمهرجان للأفلام التسجيلية!

إرادة: حي (الوعر) المحاصر يتحدى الأسد بمهرجان للأفلام التسجيلية!
عقد لأول مرة خلال الحرب المفتوحة التي يشنها نظام الأسد ضد الشعب السوري، وفي مدينة حمص المحاصرة تحديداً مهرجاناً للأفلام تحدى فيه المشاركون والمنظمون القصف والحصار والجوع، ليعبروا عن الوجه المدني الحر للثورة السورية.

نقل صورة مختلفة!

المهرجان حمل عنوان: (مهرجان حمص للأفلام التسجيلية)، في خطوة من المشاركين والمنظمين لنقل صورة مختلفة قليلاً عما تتناقله العدسات على شاشات التلفاز ومقاطع اليوتيوب، حيث قدمت الأفلام صورة تعكس الواقع المأساوي في سورية على امتداد معاناتها، وكان أغلب المشاركين من الناشطين والمصورين والصحفيين الذين انحصرت خبرتهم بما لامسته قلوبهم وعيونهم، فأبدعوا في نقل الصورة وتصوير الحدث.

ولأن سورية تمر بمرحلة تاريخية عبر ثورتها كان لابدَّ للأدوات المتاحة بين أبطالها أن تنقلهم إلى عالم آخر، فتتحول العدسة من مجرد "مُلتقطة للمشهد" إلى "صانعة للحكاية"، ويتحول الناشط الذي يغامر بحياته من مجرد ناشط صحفي إلى ناقل لأوجاع الناس عبر تلك الحكاية.

مخرج الفيلم الفائز: كواليس الحدث لا الحدث نفسه!

وفي حديث خاص، يقول (مهند الحمود) أحد المشاركين في المهرجان والفائز بالمرتبة الأولى لأورينت نت، أنهم "وجدوا في الشارع حاجة ماسة إلى هذا النوع من الأحداث، حيث أن الناس باتت تألف مشاهد الموت والدمار حتى الأمل صار عندهم روتيني، فحاولوا أن يصوروا كواليس الحدث لا الحدث نفسه فقط، فبدل أن ترى البطل يعشق ويحب صرت تعيش حكايته بتفاصيلها، وبدل أن تواري جثة الشهيد صرت تتنقل في فصول حياته، ثم إن كل ذلك لا يكون بمجرد صورة أو تقرير أو ريبورتاج إنما يكون بفيلم حقيقي يغوص في تفاصيل الحياة هذه".

تنافس في المهرجان خمسة أفلام وهي "ريحان، الجندي المجهول، الخنادق الخضراء، زناد وقلب، رحلة".

من اغتيال حلب إلى دفاتر العشاق!

وامتدت الفعاليات على ثلاثة أيام عرض في اليومين الأولين فيلمين طويلين وهما (اغتيال حلب) وهو فيلم تسجيلي من إنتاج قناة الجزيرة، وفيلم (دفاتر العشاق)، بينما عرض في اليوم الثالث الأفلام المشاركة في المسابقة بالإضافة إلى ثلاثة أفلام حلت كضيوف على المهرجان، منها فيلم مصور في دمشق بالإضافة إلى كلمة تسجيلية للناشط هادي العبد الله.

ويتحدث (مهند) أن التجاوب والحضور كان أكثر مما يتوقعون حيث بلغت أعداد الحضور حوالي 500 شخص، وعلى الرغم من أن الإمكانيات كانت متواضعة جداً في العرض والكهرباء كانت تقطع في أغلب الأوقات مما يجعلنا نلجأ إلى تشغيل الكهرباء عبر بطارية سيارات، وطيران النظام يحلق فوقنا، إلا أن الحضور كان سعيداً جداً بما يتم عرضه.

حديقة تتحول إلى مقبرة!

فيلم (ريحان) الفائز بالجائزة، فتقع أحداثه في حديقة بين الأحياء المأهولة بالسكان في حمص، تحولت فيما بعد ونتيجة سقوط عدد كبير من الشهداء إلى مقبرة، بينما يكون بطل الفيلم مدير مكتب دفن الشهداء، ويتحدث مهند أن الهدف من اختيار الحديقة التي تحولت إلى مقبرة هو تسليط الضوء على هذه الأعمال المنسية في الثورة والحياة، حيث أن الناس يودعون كل يوم أبناءهم وأحباءهم وتحولت ساحات منازلهم وحدائقها إلى مقابر، كما يتناول الفيلم قصة معتقل يمر يومياً من أمام هذه المقبرة، بالإضافة إلى تعايش الأطفال مع هذه الحياة التي غاصوا بدمائها بينما لم تغب رسائل الأمل في فيلم ريحان.

وعن دلالة الاسم يتحدث مهند أن الاسم مستوحى من الأمل الذي غرس فينا في وجوه الشهداء، فكلما كان الوجع مصغراً في قلب كل حمصي عانى في هذه الثورة فإن الأمل كان كبيراً أيضاً فمن المعروف لدى الجميع أن الريحان من النباتات التي تودع على قبور من نحب ففيه ألم وأمل في نفس الوقت.

ويضيف (مهند) أنه يعمل لأن يوصل الفيلم إلى العالمية ويعرضه في كل من ألمانيا والدانمارك وأميركا وإيطاليا وفي لندن ببريطانيا في مهرجان بي بي سي قريباً، جاءت هذه الخطوة بعدما تمت ترجمة الفيلم.

بينما المدة التي قضاها مهند في التحضير لهذا الفيلم شهر ونصف الشهر لم يعقه شيء إلا شح الكهرباء في حيه المحاصر وصعوبة تواجد الانترنت بشكل دائم.

في حين تقول لجنة التحكيم في ختام بيانها عن أسباب اختيارها لهذا الفيلم أنه امتاز بالإبداع في التصوير وقوة في العرض والإخراج وبمؤثرات صوتية ثرية وعلى درجة عالية من التميز والجمال، حاملاً رسالة انسانية ثورية مفادها أننا مستمرون وبأننا بهذه الأرض لسنا مجرد أرقام بل روح تنبض وتستمر.

تفاعل كبير!

ونظراً للتفاعل الكبير مع الدورة الأولى التي عقدت فإن إدارة المهرجان قررت التحضير لدورة ثانية بظرف سنة أو أقل لمهرجان حمص للأفلام التسجيلية.

يوماً بعد آخر يبدع السوريون خاصة من بالداخل منهم في نقل صور مأساتهم، بل ويحاول الكثيرون منهم أن يثبتوا للعالم أن الإبداع لا يقيده حصار ولا يمنعه موت من أن يستمر، بل لا شيء في هذه الحياة يمنع الإنسان من أن يكون مبدعاً في تمثيل همومه، مخلصاً في تصوير وجع مجتمعه حتى لو كانت حرباً طاحنة ما هدأت رحاها منذ خمس سنوات.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات