تراجع جديد في قيمة الليرة ورفع سعر لتر البنزين

تراجع جديد في قيمة الليرة ورفع سعر لتر البنزين
مع فقدان الأمل بتحقق انفراج بالمدى المنظور، تزداد معاناة السوريين يوما بعد آخر على وقع ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة الليرة السورية، والتي سجلت يوم أول من أمس انخفاضا مقلقا مقابل سعر الدولار، ليصل سعره يوم أمس إلى 292 ليرة في السوق السوداء، فخلال أقل من أسبوعين ارتفع السعر من نحو 260 ليرة إلى 290 ليرة. من جانبه حدد مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية بـ75.‏251 ليرة سوريا كسعر وسطي للمصارف و252 ليرة كسعر وسطي لمؤسسات الصرافة. كما حدد المصرف في قائمة أسعار صرف العملات الأجنبية الصادرة عنه أمس سعر صرف الدولار مقابل الليرة لتسليم الحوالات الشخصية بـ48.‏252 ليرة سوريا.

وخلال الأيام الأخيرة ازدادت حدة ارتفاع الأسعار لمعظم السلع، لا سيما بعد رفع سعر لتر البنزين من 130 ليرة إلى 140 ليرة الأسبوع الماضي والذي يعني بشكل آخر ارتفاع أجور النقل، بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار، لتشهد أسعار معظم السلع والمواد الغذائية ارتفاعًا بنسب تجاوزت 30 في المائة. في المقابل تراجعت القدرة الشرائية لدى المواطن السوري إلى درجات مخيفة حتى تكاد تنعدم عن غالبيتهم العظمى، وحسب الأرقام المتداولة هناك أكثر من 19 مليون سوري باتوا يعيشون تحت خط الفقر، إذ لا يتجاوز متوسط راتب الموظف 30 ألف ليرة نحو 150 دولارا، بينما الحد الأدنى الذي تحتاجه شهريا عائلة من 4 أفراد 150 ألف ليرة.

وأدى ارتفاع سعر الصرف إلى اضطراب حركة السوق وارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني. وبينما تقف حكومة النظام عاجزة عن كبح تدهور قيمة الليرة، يشكك سوريون بحقيقة ما يجري ويتهمون النظام بممارسة ألعاب خفية وقيادة عمليات المضاربة بالأسعار، فخلال السنوات الـ4 من الاضطرابات كان ارتفاع سعر الدولار يتزامن مع شن النظام حملات اعتقال للعاملين في مجال الصرافة وإغلاق مكاتبهم، مع حجب المواقع الإلكترونية المتخصصة بنشر أسعار العملات، بحجة منع التلاعب بسوق الصرف. ويوجه عبد الباسط وهو تاجر دمشقي، التهمة للنظام بقوله إنه هو من يتحكم بسوق الصرف، وهو من يتلاعب بالأسعار خدمة لمصالح الحيتان الكبار من رجاله المسيطرين على الاقتصاد السوري عموما. ويضيف «الخاسر في هذه المضاربات هو الدولة السورية والمواطن السوري، والرابح هو النظام الذي يعمل لخدمة مصالحه لا خدمة الدولة ولا المواطن، وعندما ينهار الاقتصاد سنجد هؤلاء الحيتان يفرّون من البلاد إلى حيث يودعون أموالهم».

وتزامن إضراب الأسواق في العاصمة دمشق مع حملات مداهمة تشنها الجمارك والأجهزة الأمنية على المحلات والمستودعات التجارية، إما بزعم ضبط مخالفات البضائع المهربة، وإما بزعم البحث عن العملات الأجنبية والعاملين في السوق السوداء للصرافة، وأحيانا لضبط مخالفات التسعير وحماية المستهلك، وفي الأخيرة يتم فرض غرامات مالية باهظة على المحلات مما يفاقم الأزمة. وبحسب سامر وهو صاحب محل ألبسة في الصالحية، فإن لجنة التموين فرضت عليه غرامة بقيمة 40 ألف ليرة لأنه لم يثبت أسعار الأزياء التي يعرضها على الواجهة، علما أن الأسعار تتغير كل يوم ولا يمكنه تثبيتها بسبب ارتباك قيمة الليرة، ويقول كيف أبيع قطعة بـ5 آلاف ليرة اشتريتها عندما كان الدولار 240 ليرة، وهو اليوم 290. إذا فعلت ذلك، سأخسر عندما أعود لشراء بضاعة جديدة. وكذلك الأمر بالنسبة لسائر السلع والبضائع من مأكل وملبس وغيرها.

ولا يقصر الأمر على المتطلبات واللوازم المعيشية، بل يشمل كافة جوانب الحياة بدءا من سعر تذكرة الركوب في وسائط النقل الداخلي وليس انتهاء بأسعار العقارات. وأبو أحمد الذي عرض منزله على أطراف حي برزة للبيع بـ20 مليونا، وجاء من يشتريه بهذا المبلغ وتم الاتفاق على البيع، تراجع وعدل عن البيع بعد أن ارتفع سعر الدولار إلى 290، وذلك بعد حسبة بسيطة للخسارة على ضوء تراجع قيمة الليرة. يقول: «رغم اضطراري للبيع بداعي سفر ابني، فإنني تراجعت كي لا تكون خسارتي كبيرة».

أبو راضي صاحب ورشة جلديات، بعدما اتفق مع تاجر على تلبية طلبه بتأمين كمية حقائب بقيمة 500 ألف ليرة، أوقف الاتفاق بعد ارتفاع سعر الدولار طالبا التريث حتى يتمكن من إعادة تحديد السعر. ويقول أبو راضي إن «تكاليف الصناعة المحلية المتوسطة الجودة تفوق سعر نظيرتها المستوردة، ولولا أن هناك أيتاما يعيشون من العمل في الورشة لأوقف عمله بالتصنيع وانتقل إلى التجارة فقط». وتابع بقوله: «لم نعد نهتم بتحقيق الأرباح الكبيرة بقدر ما نهتم بضرورة الاستمرار وفق مبدأ ساقية جارية ولا نهر مقطوع»، مضيفا «هذه قناعتي أنا بالحياة، أي أنني من أنصار فكرة الصبر والتحمل ولكنها ليست قناعة أولادي وغيرهم من شباب البلد الذين هاجروا لعدم قدرتهم على تحمل أعباء الحرب».

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات