منع البلل الحوثي أم تجفيف منابعه؟!

منع البلل الحوثي أم تجفيف منابعه؟!
رغم ما قدمته "عاصفة الحزم" من لجم إيران وأذرعها بشكل صريح وواضح، إذ ليس أبلغ لدولة في أن تنحو باتجاه القيام بعمل عسكري معلن واضح الأهداف، بل وضمن طيف تحالف عربي وإقليمي ليس يُنكر ثقله، بلور قدرة سياسية وتنسيقا عاليين بوقت قياسي؛ غير أن الإعلان عن توقفها عشية الإعلان عن بدء تدخل الحرس الوطني السعودي، يفتح الباب على أسئلة كثيرة، وبين موقف الاندفاع لعاصفة الحزم والشطح في اعتقاد تمددها نحو بلدان أخرى كسوريا‘ وموقف الإحباط من توقفها سيكون هناك الكثير من التحليل المنفعل بين أنصار ومعارضي هذين الموقفين!

لنا أن نتذكر بداية، رهان عربنا وبعض ساستنا في السابق على الناجح من الحزبين في انتخابات الإدارة الأمريكية أو في انتخابات إسرائيل أيضاـ وما يمكن أن يغير في السياسة تجاه فلسطين لنصل إلى ماحُمِّلته عاصفة الحزم في جملة ما كتب عنها إبان انطلاقتها، وفي يومياتها كما لن تخلو الصحف الآن من قراءات مخذولة كانت محكومة بأحلام تطورها لأكبر من ذلك.

إن علينا أن ندقق في ظروف انطلاقتها التي جاءت كرد فعل جاء تأخرا في رأي الكثيرين، بعد وصول البلل الحوثي لدقن المملكة. ولنا أن نفترض أن عاصفة الحزم لها أهداف هامة غير مباشرة هي سحب البساط من شعبية أي طرح ثوري تحمله الشعوب وكراهيتها للنهج السعودي في مصر المسكونة بهاجس القومية الناصرية وفي العراق الذي ذاق المآسي على يد مليشيات الحشد الشيعي وسوريا التي تذبح يوميا ؛إضافة لنزعات الإعجاب أو الانخراط في صفوف تنظيم الدولة الذي استطاع أن يسوق نفسه كبرنامج وحيد على العمل ضد الحكم الطائفي في العراق وجرائمه بحق السنة واستقطابه للشباب البسيط والمستفز من كل تحولات المنطقة التي باتت تسحب كثيرا من السعوديين والعرب تحت شعار نصرة شعبي سوريا والعراق المسحوقين بنار وكلاء إيران ؛ مما يعني تحويل نزوع الشعوب المرتبك والمرتجل تجاه التحرر من الأنظمة إلى عتبة أقل وهي تفريغه في عواطف شعبية ذات بعد قومي أو ردعي لمحاولات الفرس مد أذرعهم بكل بلاد قد بات يلاقي الرد عليه استجابة شعبية لدى العموم ولدى الساسة وتحول لمطلب للنشطاء والمثقفين ليوقفوا أقلامهم أو يوجهونها باتجاه بث التشجيع والاحتفاء والتسويق لرؤية مختلفة تعتمد البعد القومي الذي يستنفر الطاقات ويبتعد عن النقد والجرح في البرامج والنوايا لنظام الحكم ولطالما كان الاصطفاف القومي والطائفي مجدي النفع للحكام عبر خلق نهج وأفق لدوافع الشعوب تفرغ فيه تطلعاتها الآنية أو غضبتها مما يحصل وإبعادا لكل ربيع عربي محتمل ولو كان مدنيا سلسا وبطيئا

الغريب والموجع في الأمر كله انكشاف عورة الأحلام المرتجلة لكثير من مثقفينا وناشطينا الذين هبوا قوميا لدرجة ذكرتنا بأيام عبد الناصر في أحاديث أتباعه أيام فورة القومية العربية وزهو عواطفها

فامتلأت الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف حول تلقف اللحظة التاريخية وبث الروح في الشعوب التي طمحت للكثير وانكفأت على نفسها بغياب تيار أو مسار ونهج يحمل أفق تطلعاتها ووقع المثقفون كذلك وهي تعتبر سقطة الانفعال التي لا يقعها شاطر؛ مما يكشف هذا البعد القوموي المنفعل الذي لانقف ضده ؛ بل ضد الارتجال الذي اظهر حمى الاندفاع الأعمى الأمر الذي يدفعنا لأن نقرأ الضمير الجمعي العربي ومدى ارتهانه للعاطفة لكثر ما أصابه الخذلان من "جهاد " شط عن نهج العقل وعمل وطني فذ خذلته النخب السياسية التقليدية وعملت على تشظيته.

ولنا أن نتوقع أن توقفها المفاجئ لابد وأن يفضي لزوابع سياسية تكمل دورتها وإن على تؤدة كما أن ذلك لا يعني خيبة تامة لمن توقع أن عاصفة الحزم ستمتد لسوريا لأن بعض غبارها قد وصل للأسد وربما يكون للمملكة دور قادم أبيض أيضا (بلا عمليات عسكرية جوية) بدعم قوى عسكرية موجودة في الداخل السوري على نهج أكثر دقة وصرامة, كما أنه لا يمكن إغفال ما للسياسة الأمريكية من حذق تلك التي لا يمكن أن تترك للعرب أن يبلوروا شعورا قوميا من شأنه بث الروح في ضميرهم الجمعي المنهار والمتراجع إلى هويات فرعية أدنى من القومية والوطنية منحسرة للعشائرية والطائفية الضيقة لتبقى مجالا خصبا لأي استثمار سياسي أو عسكري ينوب عن تدخلها المباشر للحفاظ على مصالحها .

ويحتمل أنها تدخلت وبآليات مباشرة من تحت الطاولة مع إيران لتفرض على ايران تسويات مع الخليج على حساب الحوثيين بدلا من تنامي الغول العربي تجاه الخليج بأسره وتكون بذلك قلمت أظافر طهران بأيد سعودية رسمت أن يكون لها مهمة التقليم لا البتر .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات