لماذا تسير غرب آسيا عكس التوجه العالمي في الأمن الغذائي؟!

لماذا تسير غرب آسيا عكس التوجه العالمي في الأمن الغذائي؟!
قد يكون عدد الذين يعانون من نقص التغذية في دول غرب آسيا، التي تضم بين بلدانها دول شبه الجزيرة العربية، أقل بكثير من مناطق أخرى ضمن الدول النامية، (19 مليوناً، ما يوازي 2.4% من إجمالي العالم)، غير أن الاتجاه الذي مضت به هذه المنطقة على مدى 25 عاماً الماضية في مجال محاربة هذه الآفة، لا يبدو مشجعاً، بل يظهر أنماطاً معاكسة لما شهدته مختلف مناطق آسيا وأميركا الجنوبية من تقدم على صعيد القضاء على الجوع ونقص التغذية، وهو التقدم الذي حققته أيضاً بنجاح ملحوظ دول منطقة شمال إفريقيا، حيث الدول العربية كثيفة السكان، بالوصول إلى هدف تقليص نقص التغذية إلى ما دون نسبة 5%.

زيادة دراماتيكية

وفيما تظهر إحصاءات تقرير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بشأن سوء التغذية عام 2015، تراجع في نسبة الذين يعانون من نقص التغذية بين سكان العالم، من 18.6% خلال 1990-1992 إلى 10.9% خلال 2014-2016، بتراجع 216 مليون نسمة ونسبته 21.4% (رغم زيادة سكانية قدرها 1.9 مليار خلال الفترة نفسها)، تشير الأوضاع في منطقة غرب آسيا إلى تزايد في نسبة الذين يعانون من نقص التغذية من نسبة 6.4% إلى 8.4% خلال الفترة نفسها، وكانت المنطقة الوحيدة التي شهدت هذا التدهور في آسيا، وفقاً لتقسيمات الفاو للمناطق، ويعتقد بأن الارتفاع السريع في عدد السكان كان من أهم الأسباب وراء الزيادة الدراماتيكية في عدد الذين يعانون من نقص التغذية من 8 ملايين شخص إلى نحو 19 مليوناً تقريباً، وبناء على هذا التراجع، تشير الفاو إلى عدم حصول أي تقدم في تلك المنطقة، إذا ما أخذت بمجملها، وتحديداً العراق واليمن بين بلدان غرب آسيا حيث تظهر مستويات مرتفعة من غياب الأمن الغذائي، مع تقدم بطيء في مجال تحقيق أهداف قمة الأمن الغذائي وألفية التنمية.

تحقيق الأهداف

غير أن هذه الصورة الأقل وردية حول غرب آسيا، لا تعني بأي حال أن دولاً ضمن هذه المنطقة لم تتمكن من تحقيق الهدفين المرجوين اللذين وضعهما المجتمع الدولي للقضاء على الجوع ونقص التغذية. وهما الهدف الأول (WSF) لقمة الأمن الغذائي العالمي عام 1996 حيث تعهدت 182 حكومة بالقضاء على الجوع في كل البلدان مع تقليص عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية إلى النصف في موعد لا يتعدى عام 2015، والهدف الثاني (MDG 1c)، المنبثق عن أهداف الألفية للتنمية الأول لعام 2000، والقاضي بتقليص نسبة الذين يعانون من الجوع إلى النصف على مدى 25 سنة من عام 1990 إلى عام 2015.

وتشير إحصاءات الفاو إلى أنه، على نقيض هذين البلدين، تمكنت معظم البلدان الأخرى في غرب آسيا منذ فترة طويلة من الوصول إلى مستويات جيدة جداً من الأمن الغذائي، بعد أن تمكنت من تقليص نقص التغذية إلى مستويات ما دون 5%. وهذه الدول تشمل الاقتصادات التي تتمتع باستقرار سياسي وغنى بالموارد مثل دولة الإمارات الكويت والسعودية إلى جانب الأردن ولبنان وسلطنة عمان.

استيراد الغذاء

وعلى نقيض غرب آسيا، تمكنت دول شمال إفريقيا التي تضم الدول العربية بأكبر نسبة سكان، من تحقيق هذين الهدفين، على الرغم من عدم الاستقرار السياسي. وكانت اتجاهات ومستويات نقص التغذية في شمال إفريقيا مختلفة كلياً عن باقي قارة إفريقيا حسبما تفيد إحصاءات الفاو، فقد حققت المنطقة تراجعاً في عدد الذين يعانون من نقص التغذية إلى ما دون 5% حسب توقعات 2014-2016.

وعلى الرغم من أن نسبة 5% من السكان لا تزال تشكل عدداً لا يستهان به من السكان في الجزائر ومصر والمغرب وتونس، إلا أن الانخفاض في نسبة الذين يعانون من نقص التغذية شكل مؤشراً إلى أن المنطقة تقترب من التخلص من أوضاع الأمن الغذائي الخطيرة، حسبما تفيد الفاو. لكن التقرير يفيد أيضاً بأن عدداً من هذه البلدان يبقى معتمداً بشكل كبير على استيراد الغذاء، وقاعدة الموارد المحدودة لديه إلى جانب النمو السريع للسكان، سيبقيان سمتين مؤثرتين في المستقبل على الرغم من الجهود لزيادة الإنتاجية الزراعية.

وبين الدول العربية التي حققت أفضل الإنجازات بالوصول على صعيد أهداف تقليص الجوع إلى ما دون نسبة 5% بحلول 2015، كانت هناك موريتانيا والجزائر والأردن والمغرب، أما الدول العربية التي توصلت إلى تحقيق الهدفين بحلول 2015، فهي جيبوتي والكويت وسلطنة عمان. وتبقى هناك الدول العربية التي حافظت على نسب سوء التغذية ما دون 5% منذ 1990-1992، مثل مصر ولبنان والسعودية وتونس والإمارات.

نقص التغذية

وكان تقرير الفاو قد بشر بتراجع في عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في العالم إلى 795 مليون شخص في 2014-2016، بعد أن كان عددهم مليار شخص بين 1990 و1992، وكان من الطبيعي أن يعيش معظم هؤلاء في البلدان النامية بمقدار780 مليون نسمة. والرقم يبقى مرتفعاً جداً، على الرغم من تراجعه الملحوظ من نسبة 23.3% في 1992-1990 إلى 12.9% في 2014-2016. ويعزى سبب التحسن وفقاً للفاو إلى التقدم الذي حققته بلدان كثيفة السكان، لا سيما الصين والهند.

ووفقاً لإحصاءات الفاو، تمكنت الدول النامية بمجموعها من الوصول إلى هدفها المتمثل بتقليص نسبة الجوع في العالم إلى النصف عام 2014-2016، وأن نصفها تقريباً (72 من أصل 129 دولة نامية) تمكن من تحقيق ذلك، لكن الدول النامية كانت قاصرة بهامش كبير عن تحقيق الهدف الأكثر طموحاً المتمثل بتقليص عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية إلى النصف. فقط 29 دولة نامية تمكنت من تحقيق الهدفين، هدف تقليص الجوعى إلى النصف، وهدف تقليص عدد الذين يعانون من سوء التغذية إلى النصف وكان يتطلب الوصول إلى الهدف الثاني تقليص العدد إلى نحو 515 مليون، أي بمقدار يقل عن 265 مليون من التقديرات الحالية المقدرة بـ 795 نسمة لفترة 2014-2016. لكن مع نمو سكاني بنحو 1.9 مليار نسمة منذ 1990-1992 تفيد الفاو بأن التقدم الحاصل يعتبر جيداً لتخليصه حوالي ملياري شخص من احتمال المعاناة من الجوع على مدى السنوات الـ 25 عاماً الماضية.

فوارق

يبقى التقدم نحو تحسين أوضاع الأمن الغذائي غير متساو بين المناطق. وكان التفاوت ظاهرا أيضاً داخل المنطقة الواحدة، على سبيل المثال بين شمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء. والتطورات البيئية وعدم الاستقرار السياسي والتقلبات الاقتصادية كانت تنوء بوطأتها على الأمن الغذائي في بعض هذه البلدان النامية الأكثر ضعفاً. ومن بين مجمل المناطق تبقى دول جنوب الصحراء في إفريقيا في أسوأ وضع، ذلك أنها تشكل 27.7 % من إجمالي عدد الذين يعانون من نقص التغذية في العالم. وإفريقيا ككل لم تحقق أهداف تقليص الجوع العالمية كما أن تقليص عدد الذين يعانون من نقص التغذية إلى النصف ما يزال بعيد المنال في تلك القارة.

* المصدر: محلق (البيان الاقتصادي)

التعليقات (2)

    معتز

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    حكيتو عن كل الدول الا سوريا! .. وين موقعنا من الاعراب؟ .. انتو المفروض أنكون موقع سوري، و لو عندكون خبر جاهز من مصدر مو وارد فيه معلومات كافية عن بلدكون محا تنأص منكون شأفة لو دورتو زيادة بالنت و طلعتو احصائيات عن سوريا .. !

    سيليا

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    المعيقات الطبعية في قارةآسيا
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات