أكراد تركيا يقررون مصير أردوغان السياسي

أكراد تركيا يقررون مصير أردوغان السياسي
تتجه أنظار الأتراك والعالم بأسره، إلى حزب كردي صغير ناشئ، سيكون صاحب الكلمة الفصل في مصير الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السياسي، فإما يوقف صعود حزب العدالة والتنمية الذي أسسه أردوغان، وبالتالي يوقف طموح أردوغان ويجعل من مشروعه لتغيير النظام السياسي والحصول على صلاحيات أكبر من الأحلام، وربما يطيح بالحزب الحاكم.. وفي المقابل، قد يعطي فشل الحزب إردوغان كل الأصوات التي يحتاجها لتعديل الدستور والاستمرار في حكم تركيا أربع سنوات أخرى على الأقل.

وينظر البعض إلى قرار حزب «ديمقراطية الشعوب» الكردي خوض الانتخابات البرلمانية التركية كحزب، بعد أن كان يخوضها الأتراك تاريخيا كأشخاص مستقلين يشكلون حزبا بعد انتخابهم على أنه «مقامرة، أو مغامرة على أقل تقدير». فنظام الانتخابات التركي يشترط حصول أي حزب على ما تزيد نسبته عن 10 في المائة من أصوات الناخبين في كل تركيا لدخول البرلمان، وإلا فإن كل الأصوات التي نالها ستصبح ملغاة، ما ينعكس إيجابا على حصة الفائز بأكثر الأصوات في الانتخابات فينال المزيد من المقاعد. وهكذا تصبح المعادلة واضحة، ومفادها: إذا فاز الأكراد بما يزيد عن 10 في المائة، فإن حزب العدالة والتنمية قد لا يستطيع تشكيل حكومة منفردا، أو على الأقل سيشكل حكومة أكثرية ضئيلة. أما إذا ما خسر الأكراد فإن الحزب الحاكم قد ينال الفرصة للفوز بمقاعد تسمح له بتعديل الدستور مباشرة، أو عبر طرحه على الاستفتاء العام.

ولم يحز الأكراد في الانتخابات المحلية السابقة ما يزيد عن 6 في المائة من الأصوات، لكن مرشحهم، ورئيس الحزب صلاح الدين ديميرطاش نال نسبة 9.2 في الانتخابات الرئاسية، وهو ما يجعل الحزب قاب قوسين أو أدنى من الفوز.

ويرى بعض المراقبين أن الأكراد ربما يكونون قد حصلوا على «وعود سرية» من أحزاب المعارضة للتصويت لهم من أجل عرقلة مساعي إردوغان، كما أشار عضو في حزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط» أن بعض قواعد الحزب قد تصوت أيضا للأكراد للحد من نفوذ إردوغان، بالإضافة إلى جماعة الداعية فتح الله غولن التي تسعى للإطاحة بنفوذ الزعيم التركي القوي بأي ثمن. لكن مصادر في حزب العدالة والتنمية، تقول لـ«الشرق الأوسط» بأن الأكراد سيكونون في أي حال أقرب إليهم من أحزاب المعارضة الأخرى لأسباب كثيرة أبرزها أن الحزب الحاكم هو الشريك الفعلي في عملية السلام بين الأكراد والحكومة التركية.

وينفي عضو البرلمان التركي عن حزب «ديمقراطية الشعوب» ايرتورول كوركجو أن تكون الخطوة «مغامرة أو مقامرة». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: السبب من وراء اتخاذنا قرار خوض الانتخابات تحت سقف حزب ديمقراطية الشعوب كانت النتيجة التي حصل عليها مرشح الحزب في انتخابات رئاسة الجمهورية حيث حصل على ما يقارب الـ10 في المائة (9.2 في المائة). ويضيف: «بعدها مباشرة اجتمعت مؤسسات الحزب واتخذنا قرارا بعد العودة والمشاركة في الانتخابات تحت راية الحزب لأن الشارع في تركيا منحنا ثقة وعبد الطريق أمامنا ولهذا لا يمكن العودة إلى الوراء. كما أن المتغيرات السياسية في تركيا تدفعنا إلى أن نخطو مثل هذه الخطوة لتغير موازين القوى السياسية في البلاد، لأن أردوغان يهدف إلى تطبيق سياسة الفرد الواحد في البلاد من خلال تغيير القوانين لصالحه لكي يتحكم في جميع السلطات أيضا. ولمنع أردوغان من التمتع بهذه الصلاحية قررنا المجازفة والدخول في خضم الانتخابات تحت راية الحزب». وأشار إلى أن أعضاء حزبه دخلوا في الانتخابات الماضية مستقلين مما أتاح الفرصة حسب القوانين الانتخابية لأن يحصل حزب العدالة والتنمية على أكثر من 30 مقعدا زورا وبهتانا ودون أي عناء، لهذا نريد أن نسترد حقنا من العدالة والتنمية بأن نأخذ الـ30 مقعدًا. وقال: «كما تعلمون بأن العدالة والتنمية هو الحزب الذي كان يرفض دائما أي مشروع في البرلمان لخفض نسبة الحاجز النسبي ولهذا نريد أن نلقنه درسا لن ينساه في حياته، كما أننا نريد أن نعطي إردوغان درسا ونقول له لن نرضخ لابتزازاتك في عدم خفض الحاجز النسبي ولن نعطيك الفرصة لكي تعلن نفسك حاكما مطلقا للبلاد ولن تستطيع أن تغير الدستور إلى النظام الرئاسي».

وقال كوركجو: «دخولنا الانتخابات لوحدنا ليس بمغامرة وإنما هو نتيجة قرار من الحزب، المجازفة الآن ليس لديمقراطية الشعوب، فالمعطيات تشير بأن المجازفة والمخاطرة الآن هي بالنسبة لحزب العدالة والتنمية وإردوغان الذي لن يستطيع أن يغير الدستور ولن يستطيع إردوغان أن يصبح ديكتاتورا، ولكن الفائدة فقط هنا ستعود على جميع أبناء تركيا لأن مشاركتنا ودخولنا البرلمان سيمنع تركيا من الانخراط في نفق مظلم».

وعن الطريقة التي سيتصرف بها الأكراد في حال فشلوا في تخطي الحاجز النسبي، أكد كوركجو أن حزب ديمقراطية الشعوب سيتخطى الحاجز النسبي بكل سهولة، واحتمال عدم تخطينا كاحتمال عدم تخطي العدالة والتنمية الحاجز النسبي، ولكن رغم أنه احتمال ضعيف جدًا فإنه لن تكون هناك نهاية الدنيا، ولهذا سنستمر في النضال من خارج البرلمان لخفض نسبة الحاجز النسبي، كما أننا سنقوم بحملات وجمع توقيعات لانتخابات برلمانية مبكرة في تركيا، وسنستخدم جميع الوسائل الديمقراطية لاستعادة حقوقنا في تمثيل من منحنا أصواته». وأضاف: «باختصار لن نستسلم لهذا الظلم النسبي، ولكن لن نكون كما يروج له البعض سببا في تهديد الأمن السلمي وأيضا لن نسمح لإردوغان بأن يغير الدستور ليصبح حاكما مطلقا للبلاد»

وأضاف: «يوم الاثنين سيشاهد العالم بأننا نقف عن كلمتنا ولن نكون جزءا من حكومة يشكلها حزب العدالة والتنمية مهما كانت الإغراءات لأننا نحترم أولا إرادة الشارع الذي يرفض العدالة والتنمية، أما بالنسبة للأحزاب الأخرى الشعب الجمهوري والحركة القومية فإننا سننظر إلى الأرقام وأعداد أعضاء البرلمان في المجلس ومن ثم سنتشاور فيما بيننا وسنأخذ وجهة نظر كوادرنا ومن ثم نقرر موقفنا».

وعن توقعات الحزب فيما يخص النتائج، قال كوركجو: «نتوقع أن ما سيحصل عليه الحزب في جميع أنحاء تركيا بأن يتخطى الـ12 في المائة، وهذا يعني بأننا سندخل بأكثر من 60 عضوا للبرلمان التركي، وحسب التوقعات فإننا سنكسب في إسطنبول 6 إلى 7 أعضاء ومن أزمير 3 ومن مرسين 2 ومن أضنة 2 ومن أنطاليا عضوا واحدا ومن بورصة عضوا، وهذا يعني بأننا سنأخذ من غرب تركيا نحو 15 عضوا، أما من منطقة كردستان فستكون الأغلبية العظمى من النواب لحزب ديمقراطية الشعوب».

ويرى الكاتب التركي علي بولاج أن نتائج انتخابات 7 يونيو (حزيران) (بعد غد الأحد) ستكون منعطفا في السياسة التركية عموما والكردية خصوصا. والنتيجة التي سيحققها حزب الشعوب الديمقراطية سترسم شكلا جديدا للمشكلة الكردية والسياسة الكردية. وقال: «وصلنا إلى مرحلة بات الجميع يدرك فيها أن الدولة التركية ولو استخدمت كل إمكانياتها لا تستطيع توجيه الحركة السياسية الكردية وفق ما يحلو لها. وهذا ما قاله رؤساء أركان الجيش في السابق. كما أصبح (حزب) العمال الكردستاني على يقين بعدم إمكانية بلوغه مبتغاه باستخدام السلاح إلى النهاية. فالظروف جعلت دولة تركيا والعمال الكردستاني يبحثان عن طرق جديدة للحل. والتطورات العالمية وما وصلت إليه المنطقة برمتها جعلت تركيا والرأي العام الكردي يلجآن إلى مسيرة السلام».

ورأى أن انتخابات 7 يونيو عتبة حرجة. وأكبر حاجز أمام الحركة السياسية الكردية هو العتبة الانتخابية. ونسبة 10 في المائة من الأصوات نسبة عالية وغير عادلة في الحقيقة. فهذه العتبة فُرضت كي لا تصبح الحركة السياسية الكردية مشروعة. وهذا ما فعله النظام العسكري بعد انقلاب 12 سبتمبر (أيلول) 1980 بحق الرؤية الوطنية. فإن تخطت الشعوب الديمقراطية العتبة الانتخابية سيقاوم العدالة والتنمية كثيرا. واعتبر أن أهم ما في الأمر إن تخطى الشعوب الديمقراطية العتبة الانتخابية هو أن الحزب سيتمكن من إعادة هيكلة السياسة الكردية من خلال نجاحها. وبالتالي ستفقد طريقة استعمال العنف أهميتها.

وقد تعهد رئيس الحزب صلاح الدين ديميرطاش بإلغاء الحاجز الانتخابي (10 في المائة من أصوات الناخبين على مستوى تركيا) حال وصول حزبه السلطة، لافتا أن الحاجز يشكل مشكلة لبعض الأحزاب الأخرى (خصوصا الأحزاب الصغيرة)، كما وعد بضمان السلام والأخوة في البلاد، وتغيير دستور 1982 (الذي وضعه العسكر عقب انقلاب 1980).

التعليقات (2)

    سعيد

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    لا تتدخلو في الشؤون الداخليه لتركيا ، ما يصير فينا متل ما صار مع السفّاح السيسي والرئيس المنتخب شرعيا مرسي .

    مؤرخ فطن

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    منذ 100 عام وحتى الآن ، الدول الكبرى والشيوعيين والعائلات الثرية الخمسة تستعمل الاكراد كورقة ضغط على إيران و تركيا والعراق و سوريا. يجب على الاخوة الاكراد أن يتعلموا من صلاح الدين وابن تيمية الاكراد ، ويقفوا مع السنة في هذا الوقت الحرج ويدعموا اردوغان. في الماضي كانوا يدعموا الدولة العباسية والعثمانية فاستمروا 4 قرون، كل واحدة منهما.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات