كيف تربّص نظام الأسد بالحرفيين السوريين.. ودمّر حرفهم العريقة!

كيف تربّص نظام الأسد بالحرفيين السوريين.. ودمّر حرفهم العريقة!
بدون أدنى خجل أو تأنيب ضمير صرح مَن مِن المُفترض بأن يكون المدافع الأول عن الحرفيين السوريين وهو رئيس إتحاد الجمعيات الحرفية التابع للنظام السوري مؤخراً، بأن الحرفيين السوريون غادروا سوريا نتيجة الإغراءات التي تم تقديمها لهم من الخارج، بهدف استقطاب اليد العاملة السورية لتدريب اليد العاملة في البلدان الباحثة عن هؤلاء الحرفيين، وقد نسي هذا المسؤول أو تناسى الدور الوطني للحرفيين في ترسيخ السمعة الوطنية العالية للحرف السورية، كما تجاهل أن هجرتهم الآن بسبب إجرام نظامه وتخريبه لبيئة العمل في حربه المفتوحة ضد الشعب السوري.. فكيف كان الحرفيون السوريون وكيف أصبحوا في ظل نظام الأسد؟!

الملف التالي يجيب على هذا السؤال.

من صناعة السفن إلى السيف الدمشقي!

بداية لا بد من تعريف الحرفي وتميزه عن الصناعي، فالحرفة هي مهنة تتطلب نوعاً خاصاً من العمالة الماهرة، وعادة ما كان ينطبق هذا المصطلح على الأشخاص الذين يعملون في إنتاج البضائع على نطاق ضيق.

وتشتهر سوريا بالعديد من الحرف ولعل أولها حرفة صناعة السفن التي أتقنها الفينيقيون واستحوذوا من خلالها على تجارة البحر الأبيض المتوسط، ومن الحرف السورية المشهورة حرفة صناعة السيف الدمشقي الذي ما زال يعتبر لغزاً دمشقياً خالصاً لإتقان صنعه، وأيضاً هناك صناعة النسيج بواسطة النول السوري الذي سرقه الفرنسيين وأدخلوا عليه بعض التعديلات ليتم إنتاج "الجاكار" الفرنسي من النول السوري، وصناعة :البروكار" التي تعود لأحد الأكراد الدمشقيين وكان يدعى إبراهيم وكلمة "بروكار" مشتقة من اسمين ((برو)) وهو إبراهيم بالكردي، و((كار)) وهو عمل أو مهنة، وهناك الكثير من الحرف مثل صناعة الحلويات الشرقية والأرابيسك والشرقيات والنجارة والحدادة وصناعة النحاسيات وصناعة الأحذية والحقائب الجلدية التي كانت لسنوات طويلة تعتبر رافداً رئيسياً للدخل القومي السوري.

الدور الوطني للحرفيين السوريين!

لعب حرفيو سوريا دوراً وطنياً كبيراً خلال العصور الماضية، ولعل الجميع يذكر حرق الفرنسيين لسوق "القيمرية" انتقاماً من الحرفيين لرفضهم الذهاب إلى فرنسا البلد المُستعمر، من أجل تدريب اليد العاملة الفرنسية على الحرف السورية، كما أنه ما زال في الأذهان المشاركة الفعالة لحرفيي دمشق في الإضراب الستيني عام 1936 ، رفضاً للإحتلال الفرنسي.

أما بالنسبة لتنظيم المهن فلم يكن حرفيو دمشق بحاجة لشعارات حزب البعث ليقوموا بتنظيم أنفسهم بل جعلوا لكل مهنة شخصاً قيماً على المهنة أسموه "شيخ الكار" وهو مصطلح رسمي كان يُستعمل في سوريا للدلالة على رئيس مجموعة مهنية معينة، وكان يرأس ما يسمى بمجلس الكار الذي يتكون بالإضافة لشيخ الكار لما يسمى أهل الكار وكان هذا المجلس يتولى مهام إدارة المهنة ومحاسبة المقصرين بها حساباً عسيراً، ومنح صفة صانع أو مُعلم في المهنة، ولم يكن منصب شيخ الكار يمنح جُزافاً بل كان يتم انتخابه من قبل أصحاب المهنة، ويُشترط بمن سيصبح شيخ الكار بأن يكون ممتلكاً بالإضافة لصفة مهارته بالمهنة صفات حسن السلوك والسمعة الطيبة وأن يكون وجيهاً في مجتمعه، ويمكن القول بأن شيخ الكار ومجلس الكار كانا بمثابة المرجعية الأخلاقية والمهنية لكافة العاملين في المهنة، فعنده يتخاصم ويتصالح أصحاب المهنة الواحدة، وما زالت بعض العائلات السورية تحمل لقب يدل على مهنة معينة لغاية الآن فتجد في سوريا مثلاً عائلة شيخ الحدادين وعائلة شيخ الصاغة وعائلة شيخ النجارين...الخ

وبهذه المهارة المترافقة مع حسن التنظيم والإدارة ساهم الحرفيون السوريون في إنعاش الحياة الإقتصادية السورية عبر ما تصنعه أياديهم الماهرة من سلع جيدة كانت وما زالت مرغوبةُ لدى المستهلكين سواء داخل سوريا أم خارجها فأصبحت سلعهم تصدر للعديد من الدول العربية والأوربية، وأكثر من ذلك فقط احتل حرفيو سوريا أماكن متقدمة على مستوى العالم ,وانتشرت السيوف الدمشقية والعبي المطرزة والموزاييك الشرقي والنحاسيات والحلويات الشرقية والفواكه المجففة والحلي الذهبية والفضية في مختلف الأسواق، لا سيما الخليجية التي بدأت فيها معالم الطفرة النفطية وبعض دول شمال إفريقيا مثل ليبيا والجزائر التي أيضاً انتعش اقتصادها بفضل النفط، ولا أحد يستطيع إنكار مساهمة الحرفيين السوريين في بناء تلك الإقتصاديات الناشئة، كما لا أحد يستطيع إنكار مساهمة الحرفيون السوريون في بناء وتوسعة الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة.

الحرفيون تحت حكم البعث!

هذا المشهد السوري البديع الذي خطه حرفيو سوريا سرعان ما بدأ بالتلاشي عندما استولت دبابات البعث على السلطة في انقلاب الثامن من آذار عام 1963، وبدأت معاناة الحرفيين بالظهور شأنهم شأن باقي شرائح المجتمع السوري من عمال وفلاحين وأساتذة وغيرهم، وذلك عندما بدأت محاولات البعث بتدجين المجتمع السوري ووضعه بقوالب بعثية صرفة يكون ظاهرها الإشتراكية وحماية المستضعفين والفقراء وباطنها الولاء المطلق للسلطة الحاكمة. وذلك عبر تشكيل منظمات شعبية رديفة للحزب مثل منظمة اتحاد شبيبة الثورة والاتحاد الوطني لطلبة سوريا والاتحاد العام النسائي، واتحاد نقابات العمل والاتحاد العام للفلاحين أيضاً نال الحرفيون شرف إحداث منظمتهم الخاصة، وذلك عند صدور المرسوم التشريعي رقم /250/ تاريخ 13/10/1969 والقاضي بإحداث الاتحاد العام للحرفيين، وهو عبارة عن اتحاد للجمعيات الحرفية الموجودة في سوريا والتي تم تنظيم عملها بعد استقلال سوريا بموجب المرسوم التشريعي رقم /84/ الصادر بتاريخ 18/5/1949 والذي حافظ على استقلالية الجمعيات الحرفية، وتم اعتبار الكيان الجديد المُسمى الإتحاد العام للحرفيين كمنظمة شعبية رديفة لحزب البعث الحاكم، وتم إتباع الاتحاد الجديد لمكتب العمال والفلاحين القطري، وهو أحد مكاتب القيادة القطرية لحزب البعث.

ونص المرسوم المذكور بأن أهداف الإتحاد هي: "إشراك الحرفيين في بناء المجتمع العربي الإشتراكي بتنظيم الإنتاج والخدمات، والعمل على زيادتهما وتطويرهما، وتحسين نوعيتهما، ورعاية مصالح الحرفيين المادية والمعنوية والصحية والثقافية والإجتماعية، ورفع مستوى معيشتهم ووعيهم القومي، وتحريرهم من الإستغلال، وإنهاء دور الوسطاء بتوفير المواد الأولية لأعضاء الاتحاد، وتسهيل عمليات التحويل والتسويق، والعمل على رفع كفاية الحرفيين، وزيادة إنتاجية العمل، وإعداد اليد الفنية الماهرة، وتنمية المواهب والكفايات الحرفية وتشجيعها، وتشجيع قيام تعاونيات إنتاجية بين الحرفيين، وربط نضال الحرفيين بنضال سائر جماهير الثورة والحرفيين العرب في سبيل مستقبل أفضل".

والمُدرك لحقيقة عمل الحرفيين السوريين يُدرك مدى سُفِسطائيّة أهداف المرسوم البعثي الذي يريد تنظيم ما هو منظم من مئات السنين، وتنمية مواهب هي بالأصل حازت على إعجاب وتقدير العالم أجمع.

ولكن الاستقلال الاقتصادي والإبداعي للحرفيين السوريين منحهم هامش حرية لا يمكن الإبداع دونه، منع سلطة البعث من تضمين إلزامية الانتساب للاتحاد الجديد وتركت موضوع الإنتساب حرية شخصية.

خطة حافظ الأسد لوأد استقلال الحرفيين!

وفي الحقيقة بأن موضوع عدم إلزام الحرفيين بالانتساب للاتحاد العام للحرفيين قد أربك نظام حافظ الأسد عندما استولى على السلطة بسوريا عام 1970 وبدأ عمله الخبيث في تدجين المجتمع السوري لصالحه الشخصي، ضارباً عرض الحائط الأهداف المُعلنة لما يسمى بثورة الثامن من آذار.

فعندما بدأ الأسد بتسيير مسيرات التأييد لشخصه، لم تكن مخابراته تعاني من أي صعوبة مع بقية شرائح المجتمع الذين ارتبطت مصالحهم المعيشية مع هذا النظام إما عن طريق الرواتب كالعمال وموظفي الدولة، أو عن طريق الحاجة للتعليم كالطلاب. أما الحرفيون فليس هناك ما يدفعهم للخروج في مسيرة تأييد أو ذهابهم لمراكز الإستفتاء ليقولوا نعم بالدم لقائد المسيرة، أو أن يفتحوا دكاكينهم يوم الجمعة تحت مسمى يوم عمل طوعي، فرزقهم لا يعتمد على النظام وعلى ما يسمى مكارمه. ولم تنفع محاولات نظام الأسد الرامية لحشد تأييد الحرفيين لنظامه عبر الإيعاز لهيئة الإذاعة والتلفزيون كمؤسسة إعلامية خاضعة لسلطته بأن يكون للحرفيين برنامجهم التلفزيوني الخاص بهم أُسوةً ببرامج أرضنا الخضراء الناطق باسم الإتحاد العام للفلاحين، وبرنامج نحن الشبيبة الناطق باسم اتحاد شبيبة الثورة، وبرنامج طلائع البعث الناطق باسم منظمة طلائع البعث وبرنامج مع العمال الناطق باسم اتحاد نقابات العمال، وبرنامج الأسرة الناطق باسم الإتحاد النسائي فكان برنامج الأيادي الماهرة البرنامج الناطق باسم الإتحاد العام للحرفيين وكان يُبث يوم الجمعة يوم راحتهم الأسبوعية.(وأكادُ أجزم بأن هذا البرنامج مثله مثل بقية برامج البعث لم يكن يحظى بمتابعة جماهيرية ولا يزيد عدد متابعيه عن عدد أصابع اليد).

ولإدراك حافظ الأسد بعدم جدوى تعديل مرسوم إحداث الإتحاد العام للحرفيين لأن ذلك سيواجه برفض الحرفيين بسبب استقلالهم عن الدولة استقلالاً تاماً، وأن أياديهم الماهرة هي مصدر رزقهم، وهي بكل الأحوال ملكهم لا يمكن التحكم بها، فلم يكن أمامه سوى التحكم بأرزاقهم، فلجأ بخبثه المعهود باستغلال ما جاء بمرسوم إحداث الاتحاد العام للحرفيين ولا سيما الفقرة التي تقول: "وإنهاء دور الوسطاء بتوفير المواد الأولية لأعضاء الاتحاد"، وبذلك يضمن حافظ الأسد بأن ينتسب للاتحاد معظم الحرفيين من أجل تأمين موادهم الأولية!

وطبعاً ترافق ذلك بخنق البلد اقتصادياً ومنع استيراد تلك المواد من قبل التجار مباشرة، وحصر تلك المواد بالدولة عبر مؤسساتها مثل المؤسسة العامة للتجارة الخارجية ومؤسسة استيراد مستلزمات البناء وغيرها.وبذلك يكون نظام الأسد قد أطبق قبضته على حرفيي سوريا عبر إطباق يده على موادهم الأولية التي تعتبر مصدر رزقهم، فأصبح توزيع كافة المواد اللازمة لعمل الحرفيين من أخشاب وحديد و جلود وذهب وفضة وغيرها من مواد أولية بيد الإتحاد العام للحرفيين، وطبعاً توزيع تلك المواد لن يكون مجاني بل مرتبط بالولاء للقائد التاريخي ومسيرته، وبطبيعة الحال وكما كافة المنظمات الشعبية تم تسليم زمام أمور كل جمعية حرفية تابعة للإتحاد العام للحرفيين لحثالة أصحاب المهنة، ليتحكموا برقاب زملائهم بالمهنة.

حرفيون يجبرون على ترديد شعار البعث!

ومن المفيد هنا أن أستذكر تجربة خاصة لي كابن نجار عايش تلك الفترة، فقد كنت أرافق والدي رحمه الله لمستودع الزبلطاني في دمشق، والذي كان يتم فيه توزيع الأخشاب على النجارين بنظام التقنين. وقد كان القائمون على هذا المستودع يمارسون أقسى درجات القهر على النجارين الذين يريدون موادهم الأولية لاستكمال أعمالهم، فكم رأيت النجارين الذين هم بأعمار والدي يصطفون كطلاب المدارس ويرددون شعار الحزب قبل بدء توزيع المخصصات من الأخشاب، وكم رأيت النجارين يتوسلون العاملين بالمستودع من أجل زيادة المخصصات المقننة لأجل استكمال أعمالهم، وكم رأيت تأجيل توزيع المخصصات الضرورية لإجبار النجارين على حضور مسيرة التأييد المقرر إقامتها في موعد لاحق، وطبعاً الحرفي الذي يتغيب عن المسيرة ولا يحضر توقيع رئيس الإتحاد أو أحد العاملين فيه لإثبات حضوره للمسيرة، يُحرم من حقه في الحصول على مواده الأولية. وكان الأمر نفسه يتم في باقي المواد الأولية من حديد وجلود و ذهب وفضة ونحاس.

اقتصاد الحرب على مصادر الرزق!

بعد أن استتب الأمر لحافظ الأسد وإنشاء قاعدته الإقتصادية من بعض تجار وصناعيي سوريا الذين قام بإيجادهم كمكون جديد ضمن المجتمع السوري، بدأت الخطوة الثانية لنظام الأسد والتي تتجلى في تدمير الاقتصاد السوري، فعمل نظامه كل جهده لضرب هذه الشريحة الهامة للاقتصاد الوطني في مصدر رزقها، وعمل على ذلك وفق محورين:

- الأول / إداري: حيث أرهق الحرفيين السوريين بالضرائب والرسوم المرتفعة، وتضيق منح التراخيص لهم ولأعمالهم وفي نفس الوقت كان يغدق المزايا والإعفاءات لشريحة الصناعيين والتجار ورجال السياحة وفق قوانين الإستثمار،وطبعاً كان هناك أتاوات أفرع الأمن.

- الثاني / افتصادي: وأيضاً كان بمحورين المحور الأول عدم رعاية منتجات الحرفيين وإشراكها بالمعرض العربية والدولية أسوة بالمنتجات الصناعية والزراعية، ومعظم المعارض التي كانت تحصل للمنتجات الحرفية كانت بجهود خاصة من الحرفيين أنفسهم. أما المحور الثاني من محاربة الحرفيين اقتصادياً - وهو المهم - فهو عدم حماية المنتجات الحرفية من السلع المشابهة المستوردة، وذلك أسوة بالحماية التي كان يتمتع بها بعض الصناعيين شركاء النظام وحلفائه!

هكذا تم إغراق البلاد بمنتجات تنافس منتجات هؤلاء الحرفيين من مختلف البضائع الصينية والتركية والعربية فعلى سبيل المثال لا الحصر.. وكان السماح باستيراد الأثاث الخشبي من الدول العربية ومن تركيا ومن الصين، الأثر الكبير على مهنة النجارة التي كانت تنتشر في كل من "داريا" و"سقبا" في ريف دمشق، الأمر الذي أدى لإغلاق العديد من ورشات النجارة لعدم قدرتهم على منافسة تلك البضائع، والأمر نفسه كان بالنسبة لحرفة الأحذية حيث غزت الأحذية الصينية والفيتنامية الأسواق السورية، وتم فتح متاجر خاصة بها، وأيضا إعطاء التراخيص للشركات الكبيرة مثل شركة "أديداس" ليس لتصنيع الأحذية بل لاستيرادها بحجة أنها تصنع سلعة ما داخل سوريا ومن الضرورة استكمال أصناف "أديداس" داخل سوريا. وأيضا حرفة الخزف حيث غزت المنتجات الخزفية المستوردة للأسواق السورية في مختلف المحافظات. وهناك أيضاُ حرفة صناعة صابون الغار التي تشتهر بها حلب، فلم تكن بأفضل حال من باقي الحرف فقط غزت أنواع الصابون المستورد كافة الأسواق السورية، وأيضاً كان هناك تشديد غير مبرر على استخدام زيت الغار والذي يُشكل حوالي 20% من صابون الغار والذي يستخرج من غابات الغار الخاضعة لسلطة الدولة كونها أشجار حراجية.

مصادرة المواد الأولية وخلق دخلاء!

وهناك بعض الحرف تم الإضرار بها عن طريق القضاء بشكل تام على مصادر موادها الأولية مثل حرفة الموزاييك التي تستعمل أشجار الجوز والمشمش المنتشرة في غوطة دمشق، حيث تم القضاء على تلك المصادر بالسماح للغزو العمراني بأن يتجه نحو الغوطة والذي أدى إلى اقتلاع الكثير من أشجار الغوطة.

أما بالنسبة لبعض الحرف التي لم يستطع نظام الأسد السيطرة عليها مثل صناعة الحلويات الشرقية والتي كانت بعض العائلات الدمشقية تشتهر بها مثل عائلات "علوان" و"مهنا" و"السمان"، فقد قام النظام بزرع عائلات لم تكن معروفة في هذه المهنة على مستوى دمشق مثل عائلة "داوود" وعائلة "حيدر"، وأمدهم بكافة مستلزمات الدعم لتسيطر هذه العائلات الدخيلة على المهنة على معظم سوق الحلويات سواء على مستوى السوق المحلي أم على مستوى التصدير.. وقد رد هؤلاء الجميل للأسد.. فوقفت عائلة (حيدر) و(داوود) ضد الثورة السورية، وتحولت محلاتهما إلى مكان لصناعة الحلويات والمخبرين أيام المظاهرات السلمية!

أكثر من ذلك فقد مورس على بعض الحرف مثل حرفة تصليح السيارات والنجارة والحدادة وبعض الحرف الأخرى ضغوطاً هائلة لإجبارهم للإنتقال خارج مركز المدن نحو الريف بحجة أن مهنهم تسبب ضجيجاً في المدن وتقلق راحة ساكنيها وذلك بدلاً من إيجاد الحلول المناسبة لهم ومساعدتهم على تجاوز مصاعبهم.

وطبعاً لم يتدخل الإتحاد العام للحرفيين من أجل حماية أعضائه بل كان شريكاً في تلك المؤامرة على هذه الشريحة مثله مثل باقي الإتحادات البعثية.

إنقراض مهن بأكلمها!

وبعد كل هذه الإجراءات التعسفية تراجع العمل الحرفي في سوريا لدرجة كبيرة أدت لإنقراض بعض الحرف مثل حرفة صناعة النحاسيات في سوق السويقة في دمشق والذي تحول لسوق بيع أجهزة استقبال القنوات الفضائية ((الريسيفر)) وكافة توابعه، وذلك من أجل عيون رامي مخلوف الذي كان يسيطر على تجارة هذه الأجهزة. وكذلك انقراض حرفة المصنوعات الخشبية في السوق الذي يُعرف شعبياً "بسوق القباقبية" الواقع خلف الجامع الأموي، وشبه انقراض مهنة البروكار الدمشقي العريق لصالح أصحاب معامل المنسوجات بحلب.

والآن وبعد الحرب التدميرية التي يمارسها النظام ضد الشعب السوري، فها هم الحرفيون السوريون الذين أُرغموا على مغادرة مراكز المدن السورية ليستقروا بريفها يرون بأم أعينهم طائرات النظام الذي لم ينصفهم طيلة فترة حكمه تنقض على دكاكينهم وأرزاقهم لتحولها لركام وكأن النظام يريد أن يقول لهم من صمد أمام إجراءاتي التعسفية لن يصمد أمام جبروت طائراتي وقذائفي، من ينجو من لهيب القذائف وينزح لدول اللجوء بعائلته ويعمل من كد يداه الماهرة ليؤمن معيشته ومعيشة عائلته في بلدان النزوح، يُتهم من الإتحاد العام للحرفيين الذي بقي صامتاً عن الدفاع عن حقوقهم على مدار أربعين عاماً من حكم آل الأسد بعدم الوطنية وأنه خضع للإغراءات المالية التي عرضت عليه فآثر النزوح عن البقاء في وطنه طمعاً بتلك الإغراءات.

• مهندس زراعي سوري

التعليقات (2)

    هشام الشامي

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    النظام السوري تولى الحكم بمساعدة الغرب لتنفيذ المشروع الصهيوني في سوريا و الذي لا تستطيع اسرائيل أو داعميها الغربيين تنفيذه بصورة مباشرة و هو : -قتل أكبر عدد من السوريين و تهجيرهم و تشريدهم وإصابتهم بإعاقات جسدية او نفسية مستديمة -تدمير البنية التحتية والفوقية و الاقتصاد في سوريا -تدمير سلاح الجيش السوري الذي اشتراه الشعب بأمواله حتى يظل الجيش في سوريا ضعيفا و لا يشكل اي تهديد على اسرائيل لعدة سنوات قادمة -تفتيت سوريا الى كانتونات متقاتلة و بذلك يتحقق الحلم الاسرائيلي بالهيمنة على دول المنطقة

    سوري مجروح

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    على فكرة هذا التقرير لايتمتع بأدنى صحة والنظام لم يحارب الحرفيين كما تدعون على العكس كان يشجعهم وأنا لست مؤيد كما يحلوا لكم تسميتي ولكني موضوعي لقد دمرت سورية ولا يمكن ان يعيش الشرق بدون سورية
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات