(الببليومانيـــا) مرض غريب يصيب المثقفين!

(الببليومانيـــا) مرض غريب يصيب المثقفين!

«الببليومانيا» مرض غريب يصيب المثقفين وحدهم، وتمضي أعراضه غالباً دون ملاحظة، إلا أن المتخصصين يرون أن أكثر الأعراض انتشاراً بين المصابين هو الترحيب الجم بالكتاب لا لشيء سوى لأنه كتاب، ويظهر ذلك في المرحلة الأولى من المرض، أما المرحلة الثانية فتتميز برغبة المصاب في تجميع أعداد هائلة من الكتب - أكثرها قليل الاستخدام- مفترضاً أنه قد يحتاج إليها يوماً ما، ولكن شريحة كبيرة منهم تلتهم الكتب وتطهوها مع الطعام ببساطة، وقد فسر علماء النفس الأسباب المؤدية إلى المرض ووجدوا أن الطمع والغرور والانغماس في حب الاستطلاع من بينها، ويلعب أي واحد من هذه الطباع أو كلها مجتمعة دوراً في تشخيص الداء.

أشهر المرضى

من الإنصاف أن نشير إلى بعض المولعين بالكتب عبر التاريخ كانت لهم أهداف نبيلة من وراء تجميعهم لها، ومن بينهم: «أيان فليمنغ» الروائي العالمي الشهير مؤلف روايات «جيمس بوند»، وغيره بالطبع عديدون، ولكن كتاب «عالم الكتب والقراءة والمكتبات» للدكتور محمد أمين البنهاوي، يتناول مرض «الببليومانيا» بكثير من التفصيل، حيث يتطرق إلى إصابة كل من الشاعر اليوناني القديم «يوريبيديز» من القرن الخامس قبل الميلاد، والشاعر العالمي الروسي الأصل «باسترناك» في العصر الحديث، بهذا المرض كما يسميه المتخصصون.

حجم الكتب

يهتم «الببليومانيون»- إذا جازت التسمية - اهتماماً بالغاً بحجم الكتاب، حيث إن الكتاب كبير الحجم لا يلقى استحساناً من البعض، وقد يكون السبب أن الكتب من الحجم الكبير تعوق البحث أكثر مما تساعد عليه، أما الكتب القصيرة التي ظهرت أصلاً لراحة القراء تستهويهم، ولكن منهم من راقت له الكتب من القطع الكبير، لدرجة أن أحدهم ظل يجمع طيلة حياته كتباً للأناشيد بلغ طول الواحد منها 3 أقدام وعرضه قدمين.

ويأتي عدد ما يقتنيه أصحاب هذا الداء من كتب في المرتبة الثانية من الأهمية، وأغلب الظن أنهم يكثرون من جمع الكتب بهدف التباهي أو المنافسة، حتى إن أحدهم كان يقيس مجموعته بعدد ما يملك من غرف مليئة.

جلود الموتى

ويحرص «الببليومانيون» على التجليدات الفاخرة أو الفنية أو التاريخية، وقد يستخدمون في تجليد الكتب جلوداً غير مألوفة مثل جلد الفيل أو الحوت أو الثعبان، وقد بلغ الهوس بالبعض حداً كريهاً بشعاً عندما فكروا في استخدام جلود الموتى من الآدميين كأغلفة للكتب، حيث وجدت بإحدى المكتبات في مدينة «فيلادلفيا» أربعة كتب في الطب كانت في الأصل مملوكة لأحد الجراحين العسكريين القدامى وقد جلدت بجلود الجنود الذين وقعوا في إحدى المعارك، وقد تمكن الفحص الميكروسكوبي من العثور على بقايا شعر آدمي في التجليدات الأربع، فضلاً عن أن الأمثلة على استخدام الجلود الآدمية بعد معالجتها كيميائياً كثيرة، وأغلبها مأخوذ من مجرمين نفذ فيهم حكم الإعدام.

طباع غريبة

ومن غرائب طباع «الببليومانيون» الرغبة الجامحة في تشويه أو تدمير ما يحبون، ولعل هذا السبب وراء اختفاء بعض النصوص الأدبية الإنجليزية القديمة، وقد قيل أنها قدمت طعاماً لبعض الحيوانات والديدان التي تعيش على التهام الورق.

ومن الطبيعي أن تستخدم الكتب للقراءة، لكن يبدو أن عدداً قليلاً من «الببليومانيون» يدرك هذه الوظيفة بوضوح، فقد استخدمها البعض كقطع للأثاث المنزلي، وقد قيل إن أحدهم دعا أصدقاءه إلى عشاء قدم فيه أطباق حساء ممزوجة بأوراق مغلية من ديوان أحد الشعراء، والأغرب من ذلك ما ذكر من أن بعضهم يستطيع التعرف على الكتب ومراحل ملكيتها بسهولة من خلال حاسة الشم، بل والسمع في بعض الأحيان. ويشغل الحصول على الكتب جانباً هاماً من وقت «الببليوماني»، حيث إنه يشعر بسعادة عندما يضع يده على كتاب نادر أو نسخة فريدة، وتبلغ متعته ذروتها في امتلاك وقراءة كنوزه من الكتب، لكنه مع ذلك يفضل أن يعيش لفترات طويلة على ذكريات شرائها وعقد صفقاتها والطريقة التي استخدمها في الحصول عليها.

* المصدر: صحيفة (البيان) الإماراتية 22/6/2015

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات