ويندي شيرمان: اليهودية "الخائنة" التي أبرمت الاتفاق النووي

ويندي شيرمان: اليهودية "الخائنة" التي أبرمت الاتفاق النووي
جاء الاتفاق الأخير بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حول الملف النووي الإيراني، بعد سنوات من المفاوضات المعقّدة والدقيقة، التي كثيرا ما وصفت بـ "الشاقة" واختلف الكثيرون على تحديد المستفيد الأكبر من هذا الاتفاق!

وبغض النظر عن تحديد المستفيد الفعلي، فمما لا شكّ فيه أن جهودا كثيرة صاغته، تعود أبرزها إلى سيّدة ستّينية، كسبت ثقة اثنين من رؤساء البيت الأبيض، واستطاعت أن تكون جزءاً مهما من المفاوضات مع إيران على الرغم من أصولها اليهودية وما سببه ذلك من حساسية لدى إيران وإسرائيل معاً، وبرغم الانتقادات الكثيرة التي طالتها، إلا أنها استطاعت إتمام المهمة الموكلة لها.. إنها ويندي "شيرمان" كبيرة مفاوضي الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمسؤولة رقم 3 في وزارة الخارجية الأمريكية..

من هي ويندي شيرمان؟

كانت ويندي روث شيرمان (مواليد 1949) عضواً قيادياً في الحزب الديمقراطي، وقد دخلت إلى وزارة الخارجية في تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس بيل كلينتون، وعرفت كمنسقة للسياسة الأميركية في مفاوضات الملف النويي الكوري الشمالي، وفي عهد أوباما لعبت هيلاري كلينتون دوراً رئيسياً في إعادة شيرمان مرة أخرى إلى الإدارة الأمريكية للتعامل مع ملف إيران النووي، وقد غابت شيرمان عن العمل في السياسة الخارجية في حقبة الرئيس جورج بوش الابن وهو ما يفسّر الانتقادات اللاذعة التي تعرضت لها من قبل الجمهوريين في زمن بوش الأب.

في أحد تقاريرها أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى الجهود الحثيثة التي بذلتها شيرمان في المفاوضات مع إيران، حيث قامت بأكثر من 30 جولة خارجية كقائدة مفاوضات، ولم تنتهي مهامها بالتوصل إلى اتفاق حول ملف إيران النووي، بل تتعدّى ذلك إلى متابعة توقيت تفكيك إيران للكثير من البنية التحتية النووية وتفاصيل عمليات التفتيش للمواقع العسكرية.

مراحل العمل السياسي

بدأت شيرمان العمل السياسي إثر انضمامها إلى مكتب للمحاماة في واشنطن، متخصص في استشارات المفاوضات والاتصالات الاستراتيجية، وفي 1995 عينها كلينتون مساعدة لوزير الخارجية وارين كريستوفر، وبعد ذلك أصبحت مساعدة لوزيرة الخارجية مادلين أولبرايت في في ملف المفاوضات مع كوريا الشمالية.

وفي 2009 أصبحت شيرمان مستشارة في البيض الأبيض، لتتولى فيما بعد منصب مساعدة لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون للشؤون السياسية، واستمرت في المنصب بعد أن صار جون كيري وزيرا للخارجية، ثم صارت مسؤولة عن المفاوضات مع إيران.

استفزاز إيران

عملت شيرمان بشكل دائم على كسب ثقة الإيرانيين، تمهيداً للوصول إلى اتفاق معهم، الأمر الذي كان يزعج الإسرائيليين واللوبي اليهودي في واشنطن.. وقد أرسلت شيرمان في أكثر من مناسبة تطمينات إلى النظام الإيراني بأن الطموحات الأمريكية لا تتعدّى الملف النووي، وقالت في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني في كازاغستان 2013 أن الهدف من المفاوضات هو الحوار مع النظام الإيراني دون العمل على تغييره أو إسقاطه، كما امتدحت آنذاك فتوى المرشد الأعلى للثورة، آية الله علي خامنئي، بتحريم صناعة السلاح النووي، لإثبات حسن النيات الإيرانية.

ما سبق لا يعني بطبيعة الحال أن ويندي شيرمان كانت متراخية أو ناعمة خلال المفاوضات، ويمكن تبيان ذلك من خلال جملة تصريحات أطلقتها شيرمان وأثارت فيها غضب واستياء الإيرانيين، أبرزها عندما عبرّت عن صعوبة التفاوض مع الإيرانيين بالقول أن "الخداع جزء من جيناتهم"، وذلك خلال جلسات استماع في الكونغرس في أكتوبر 2013.

حينذاك عبّر مجلس الشورى الإسلامي عن استيائه من تصريحات شيرمان واصفاً ما قالته بـ "السخيف"، ولم يكتفِ مجلس الشورى بذلك بل طالب الرئيس روحاني باتخاذ موقف حازم وجاد، وورد في نص بيان الرد ما مفاده أن "الإساءات التي وجهتها المسؤولة الأميركية تكشف النزعة الأميركية الاستكبارية والشريرة."

صفات حديدية ناعمة

لطالما نالت ويندي شيرمان الإشادة والثناء من قبل إدارتي الرئيسين كلينتون وأوباما، وذلك لبراعتها في إدارة ملف المفاوضات النووية، حتى وصفها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بأنها واحدة من الدبلوماسيين الأكثر فاعلية في جيلها، مضيفاً أنه اعتمد لمدة طويلة على مزيج ويندي الفريد من الفكر والمتانة والثبات، فعلى يدها تحققت الصفقة التي يراها أكبر موروثات سياسته الخارجية.

بدورها أشادت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جنيفر ساكي، بـ"القدرات الهائلة لشيرمان في مجال الدبلوماسية"، قائلةً أنها تشتهر باحترافها التفاوض وإلمامها بالتفاصيل، وعلى الرغم من الهدوء الذي تبدو عليه شيرمان إلا أنها صارمة في التعامل، ولا تتهاون مع من يفاوضها، أو يعمل معها.

وحتى سلفها وليام بيرنز، والذي لعب دور أساسيا في الدبلوماسية السرية مع إيران في عام 2013 والتي أدت في نهاية المطاف إلى مفاوضات رسمية، قال أن شيرمان كانت دائمة التأكد من عدم وجود ثغرات خلال مسار المفاوضات.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي اعتمد على شيرمان في إجراء المفاوضات المرتبطة بمصالح كبيرة، إن "توجيهها للزملاء، وتجربتها، وحبها للدبلوماسية، وهدوءها في العاصفة ميزها كوكيلة لوزارة الخارجية".

خلفية يهودية واتهامات بالخيانة

عملت ويندي شيرمان في ميدان السياسة الخارجية الأمريكية في عهدي الرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما، حيث تولت في زمن الأول الملف النووي الكوري الشمالي وقادت الوفد الأمريكي المفاوض إلى توقيع الاتفاق عام 1994 إثر موافقة الحكومة الكورية على تجميد وتفكيك برنامجها للأسلحة النووية، وقد تعرضّت شيرمان آنذاك لانتقادات لاذعة من قبل قادة الحزب الجمهوري وصلت إلى حد وصفها بـ"الخائنة"، وكان من بين الذين انتقدوها وزير خارجية بوش الأب جيمس بيكر، عندما قال أنها تسير في ملف المفاوضات مع "بيونغ يانغ" على سياسة الترضية والتراخي.

وتنتمي ويندي شيرمان إلى عائلة يهودية غنية ومهمة في نيويورك، ويبدو من سير المفاوضات النووية مع إيران أن الأخيرة لم تنفر من ذلك، بيد أن مؤشرات أخرى تشير إلى عدم اطمئنان الإسرائيليين للأمر، _ برغم أن أحداً لم يتحدث علناً عن ذلك _، وهو ما يفسّر رغبة أوباما بأن تقوم كبيرة مفاوضيه بطمئنة اللوبي اليهودي في واشنطن، ومن ثمّ إطلاع إسرائيل بشكل دوري على مراحل المفاوضات، وتجسّد ذلك في لقاءاتها المستمرة مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهين.

وبكونها تتولى ثالث أرفع منصب في الخارجية الأميركية، فقد كانت شيرمان تتواصل مع الإسرائيليين من موقع قوة، وفي أواخر العام الماضي، نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريراً وضعت فيه شيرمان في أعلى قائمة أهم اليهود خلال عام 2014.

وفي أحد المؤتمرات اليهودية في واشنطن، قالت شيرمان: "أحس بالفخر لأني أنتمي إلى الجالية اليهودية الأميركية، وأود أن أنقل لكم أن الرئيس أوباما يحس بالفخر لعلاقاته القوية مع اليهود، ومع إسرائيل".

وكانت ويندي شيرمان لا تألو جهداً لردم أي فجوة قد تتنال من صورة أوباما لدى إسرائيل، ولطالما أكدت لقادة تل أبيب أن الوصول إلى حل مع إيران يحد من قدرتها على إنتاج السلاح النووي أفضل من عدمه.

مغادرة الحياة السياسية

عبّرت شيرمان في مناسبات عدّة عن رغبتها بترك الإدارة الأمريكية، بعد التوصل لاتفاق نهائي مع إيران بشأن ملفها النووي، حيث كانت تؤجل قرار تقاعدها في كل مرة تتمدد فيها المفاوضات، وقالت شيرمان (65 عاماً)، في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز": "لقد كانا عامين طويلين جداً"، مستبعدةً في الوقت نفسه أن تتولى مناصب أخرى في الإدارة الأمريكية.

يعتقد مقربون من شيرمان أن تتولّى إدارة حملة السيناتورا هيلاري كلينتون، المرشحة المحتملة في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث كانت قد ساندتها في انتخابات 2008، وبشكل عام يعتقد كثيرون أن ما حقّقته السيدة الستّينية خلال عملها في السياسة الخارجية من إنجازت مهمّة، تجعلها أكبر من أن تختصر في أي مهام جديدة..

المصادر:

صحيفة الشرق الأوسط

شبكة الإعلام العربية

موقع قناة الحرة

التعليقات (4)

    وائل

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    يعنى هذه اليهودية سوف تقوم بما يضر بمصلحة اسرائيل ؟ ابدا بل هي قامت بما تقتضيه مصلحة اسرائيل و فرغت ايران و اعطتها الدعم و التجهيز اللازم لمقاتلة العدو الحقيقي لاسرائيل و هم اهل السنة و الجماعة اسرائيل تخطط لكنها لا تستطيع ان تنفذ بنفسها بل تستخدم ( الذراع الايراني ) لتنفيذ خططها و ما تعجز عن فعله بنفسها و هو تدمير العالم الاسلامي خاصة المنطقة بين النيل و الفرات لتكون اسرائيل هي تلك القوة الوحيدة في تلك المنطقة و تهيمن عليها عسكريا و اقتصاديا و تحقق حلم اسرائيل الكبرى

    عامر

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    أتفق مع تحليل وائل وأزيد عن ذلك ان النفوذ اليهودي على سياسة امريكا الخارجية قوي جداً ويزداد سنة بعد سنة بل أمريكا في الحقيقة أصبحت أسيرة لخدمة المصالح الصهيونية

    Adeeb

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    وائل ، أصبت كبد الحقيقة . ولكن "( سيهزم الجمع ويولون الدبر )"

    .زياد ابو عاصي

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    شيئا فشيئا يسيطر الاخطبوط الاسرائيلي على السياسة الخارجية الامريكية بل يفرض عليها مايملي مصلحة اسرائيل على المصالح الامريكية وهذه اليهودية لاتحتاج الى شهادة اسرائيل لأنها يهودية لذا ستملي على ايران شروط تحقق مصالح اسرائيل اولا ثم الولايات المتحدة الامريكية
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات