وتولى السيد دي ميستورا مهمة الدفاع عن هاتين المدينتين، ونسي أن الزبداني تتعرض منذ أكثر من عشرين يوماً لعملية إبادة، ومنذ أكثر من ثلاث سنوات لعملية تجويع من أجل التركيع، وتذرع دي ميستورا ومن يسمون بالوسطاء بالمدنيين الأبرياء فكيف تسقط 500 قذيفة هاون على بلدتين شيعيتين؟! وغاب عنهم أكثر 750 برميل متفجر وآلاف القذائف من المدفعية والدبابات وراجمات الصواريخ!
تظهر الحقيقة على الأرض أنَّ الزبداني يدافع عنها أبنائها بأسلحة تعد بدائية مقارنة مع آلة الأسد التدميرية، ويرد أبناء الزبداني عن أنفسهم عدواناً خارجياً يقوده الحرس الثوري الإيراني عبر غرفة عملياته، وينفذه حزب الله على الأرض بمشاركة ميلبشيات مرتزقة لجبريل وغيره، وبالتالي مقاومة أهالي الزبداني دفاع مشروع عن النفس تكفله القوانين الإنسانية والشرائع الدولية.
وبالمقابل تتحصن ميليشيات طائفية أجنبية حاقدة في بلدتي كفريا والفوعة أذاقت أبناء المناطق المجاورة للبلدتين صنوفاً من العذابات وكثيراً من الآهات والغصات، ويقوم أهالي المنطقة لا الغرباء بالعمل على تحرير المدينتين من إرهاب طائفي حاقد.
تذكر العالم المتحضر الذي يمثله دي ميستورا أنَّ بلدتي كفريا والفوعة محاصرتين منذ شهور، وغاب عنهم أنَّ الحصار لا يشمل إلا السلاح، وغاب عنهم أنَّ الأسد ينزل لهم السلاح عبر المظلات، وغاب عنهم حصار الزبداني منذ سنوات حيث يُحرم أهلها من كل شيء، ولا يسمح لهم بشيء، بل وغاب عنهم التضييق على أخواتها مثل مضايا وبلودان وبقين.
تمثل مجريات الفوعة وكفريا مثالاً آخر للنفاق العالمي الذي سخر آلته الإعلامية لحشد الرأي العام العالمي ضد تنظيم الدولة، فهبَّ العالم المتحضر لنجدة عين العرب وإنقاذها من إرهاب تنظيم الدولة، في حين وقف عاجزاً عن نجدة مئات المدن السورية من إرهاب الأسد!
دفعت هذه المقاييس الزئبقية والمواقف المتلونة كثيراً من أهل السنة للانخراط في صفوف تنظيم الدولة كملاذ وحيد، إذ دفعهم المجتمع الدولي دفعاً لسلوك التطرف على مبدأ عليّ وعلى أعدائي.
لا يتوهمن أحد أننا ندافع عن التطرف ونبرر له، إنما نوضح حقائق، ونرسم خطوطاً سليمة للنجاة، فالعالم الغربي يعمل على تشويه أهل السنة، وتصوير كل عمل يقومون به (الثورة على الأسد، الدفاع عن النفس في الزبداني وغيرها) على أنه عمل إرهابي، فثورتهم السلمية الوطنية في رأيهم ثورة إمارة سلفية، والمسلحون في الزبداني إرهابيون متطرفون.
ولا يقتصر الأمر على سورية فيباح للمالكي قتل السنة وتهجيرهم وزج الأبرياء منهم بالسجون بتهمة التطرف، بل يحق له تهريب المساجين المتطرفين ليفسدوا ثورة عراقية شعبية.
ويبقى السؤال الكبير لماذا يحرص الغرب على شيطنة السنة، واعتبارهم قنابل موقوتة، ويطمئن للكتائب الطائفية التي ثبت إجرامها، لماذا يُحرم على السنة الدفاع على النفس، ويدفعهم دفعاً للانخراط بالتنظيمات الإرهابية كملاذ أخير.
حرص الغرب على بقاء نظام الأسد، بل وضرورة أن يكون الانتقال سياسياً لا عسكرياً بعد كل شلالات الدماء، ويمنح المالكي منصباً رفيعاً بعد كل جرائمه!
يحاول الغرب تغطية الشمس الساطعة بغربال، ويتناسى أنَّ الدفاع عن النفس لا ينتظر موافقتهم، ولا يأمل بشهادات حسن سلوك منهم، فصمتهم عن إرهاب الملالي صنع التطرف ودعمه وقدم له شرعية في الوسط السني، وواهم من يعتقد أنَّ اللعب بإرادات الشعوب الحية سيكون سهلاً، فللإرهاب باب هم من يفتحه.
التعليقات (3)