الأكثرية دمُها مهدور سلفاً!

الأكثرية دمُها مهدور سلفاً!
لماذا الإصرار على نقاش قضية الأكثريات والأقليات الدينية والطائفية والإثنية والسياسية أيضا؟

سببان.. الأول: هو مدى التزوير الذي لحق في تاريخ هذه الاكثرية، حيث من الملاحظ في غالبية كتابات السوريين، أن الاكثرية مهدور دمها سلفا، لأنها اكثرية سنية. مع انها لم تتوحد في تاريخها السوري ابدا، فمنذ ايام الاحتلال العثماني وبعده الفرنسي، سنة سورية يمثلون فعليا تعددية المصالح داخل البلد، فلا يمكن أن يتفقوا. لأنهم أكثرية كاسحة موضوعيا. " هيك خلق الله سنة سورية أكثرية موضوعية" لكنها ليست اكثرية لا سياسيا ولا حتى دينيا. لم تتبع لقيادة دينية واحدة ولم تتبع لقيادة سياسية واحدة في تاريخها الحديث والمعاصر، ولم تتمأسس في تاريخها بناء على أنها أكثرية دينية. الثورة فقط في سنتها الاولى ربما كانت تقود القسم الاعظم من هذه الاكثرية الموضوعية، بشعاراتها المعروفة الحرية والشعب السوري واحد لإسقاط الأسدية.

والسبب الثاني: تقديس تاريخ الاقليات في البلد، وتحميل الأكثرية مسؤولية خرابها. علما أن هذه الاكثرية هي من ساهمت في تقديس تاريخ الاقليات الوطني!! وهو تاريخ مزور أيضا. فكما أن السنة مثلا لم يكن معظمهم مع الثورة السورية الكبرى، أيضا اهل جبل حوران- الدروز- لم يكن معظمهم مع سلطان باشا القريا كقائد لهذه الثورة، ولا حتى سنة سهل حوران كانوا معظمهم مع الثورة1925. مثال آخر معظم شهداء 06 ايار الذين اعدمهم الاحتلال العثماني كانوا سنة. كان آخر هم السنة في سورية هو محاربة الاقليات، هذه حقيقة يبرزها تاريخ سورية الحديث والمعاصر. حتى في لبنان كان طرفي الصراع العنيف هما الموارنة والشيعة. لان السنة لم يكن لديهم قوة مسلحة! ولا حتى هذه اللحظة. (تيار المستقبل) كأكبر تجمع سني لبناني لم يحمل السلاح ابدا. بينما ميشيل عون وقبله حزب الكتائب والقاوت ذبحوا وحركة امل وحزب الله ذبحوا من اللبنانيين الكثير ومن كل الطوائف. مع ذلك موارنة عون يشتمون السنة في لبنان ويهدرون دمهم كجماعة حزب الله. بينما تيار المستقبل لا يفعل ذلك؟

طبعا هذا ليس دفاعا عن (تيار المستقبل)، لكنها حقيقة تاريخية. اسئلة مشروعة تطرح: مثل هل الوجدان الجمعي سهل حوران وجبله، يجعل قادة الجبل الدينيين قبل حركة مشايخ الكرامة، تقتضي ان يقفوا مع الاسد؟ مع ان الوقوف مع الاسد يعني هدر دم اهل سهل حوران. ما يجب الحديث عنه فعلا أن الاكثرية مكروهة لأنها كذلك موضوعيا. علما لا يوجد في تاريخ سورية المعاصر أن حكمته هذه الاكثرية بوصفها كذلك، أي بوصفها أكثرية سنية متفقة على سلطة سنية دستوريا، كما هو الوضع في إيران الملالي التي اصبحت قبلة اليساريين الطائفيين. مع أنها دولة شيعية سياسية بامتياز دستوريا وسياسيا. لم يكن هنالك دولة سنية أو حتى سلطة سنية في تاريخ سورية بعد خروج الاحتلال العثماني 1916. من اين اتت هذه الكراهية اذا؟ هل كان سلوكها مع الاقليات في سورية استئصالي مثلا؟ اذا اضفنا الموقف الدولي الاوبامي، نجد أن دماء الاكثرية السنية في سورية مجرد زائدة لا يحتاجها العالم. لا نتحدث عن موضوع المظلومية. بل نحاول مقاربة الموضوع نتيجة هذا الكم من التزوير الذي يلحق بهذه الاكثرية الموضوعية!. لا احد يسال نفسه لماذا التطرف لم ينشأ في سورية إلا في عهد الاسدية؟ السبب ليس لأن الاسد علوي، كما يحاول بعض هذا التزوير تصوير الامر، بل لأنه طائفي اتضحت معالمه منذ تولي الاسد منصب وزير الدفاع بعد انقلاب شباط 1966ولانه ارهابي، منتج ومصدر للارهاب. هذا لايخلو أبدا أنه انطلقت من بعض الاسلام الاخواني بعض الاصوات الطائفية التي بقيت نشازا. بالمحصلة القوة تخلق تاريخها عبر الامعات!! وعبدة البسطار الفاشي سواء كانوا يساريين او خلافه. من يقرأ اللوحة فعلا يرى أن غالبية هؤلاء ليسوا ضد التطرف الديني عموما، بل ضد التطرف عندما يكون ضد الاسد!! لهذا تجدهم يغضون الطرف عن حزب الله وعن مشايخ التطرف السني، الذين يفتون بقتل السوريين!! كأنه مطلوب من هذه الاكثرية أن تترك اسلامها نهائيا!! علما أن خلف هذه القضية أن يكونوا مع الاسدية، وليس ترك الاسلام. هنا مربض الفرس.

نحن المحسوبون على السنة بالنسبة لهم، أكثر من ينتقد التطرف السني ومنا من صار رأسه مطلوبا من هذا التطرف. مع ذلك لازلنا لانوفر جهدا ضد أي تطرف سواء كان سوريا أو جاء مع القاعدة أو داعش. مشكلتنا معهم اننا ضد الاسدية.. وما تبقى تفاصيل وعذرا من القارئ " علاك".

الأسدية أو اللا أسدية هنا تكمن مشكلتهم. مع ذلك لابد من القول مهما كانت الاكثرية الموضوعية ديمقراطية، ستبقى نزعة الاقلاوية مسيطرة على فاعلي الاقليات!! من يلاحظ سلوك الاقليات اليهودية في العالم الغربي يدرك ان هذا الخوف الاقلياتي، ومحاولة الاحتياز على ادوات السلطة، ستبقى قائمة على طول الخط!! أكثرية نشطاء الاقباط الذين كانوا ينادوا بالديمقراطية أيام مبارك، اصبحوا ينادوا بالبسطار على دور السيسي!! رغم ان نظام مبارك كان أكثر ديمقراطية بما لايقاس من نظام بسطار السيسي. من جهة أخرى هنالك نقطة على غاية من الأهمية، هي انه منذ بداية الثورة وحتى الآن هنالك أكثرية سياسية خرجت إلى الشوراع هاتفة باسقاط الاسدية وقيام دولة الحرية. النظام بسلوكه وابواقه حاول أن يحولها إلى أكثرية طائفية، باعتيار أن الاكثرية الموضوعية من هذه الاكثرية السياسية هم من السنة عربا وكردا. لم يستطع النظام أن يقوم بهذه الحركة رغم كل ما فعله. حتى اتى الموقف الاوبامي وتخاذله ومشاركته في الجريمة، من خلال الموافقة على تصدير داعش لسورية من جهة، وعدم التدخل على الأقل السياسي لحماية المدنيين السوريين من الفاشية الاسدية. الطامة الكبرى أن تنظيرات المعارضين هي التي كانت أهم في تحويل هذه الاكثرية السياسية إلى أكثرية طائفية سنية!! لأنهم بالعمق مع الاسدية ومع البسطار ومنهم لأنهم طائفيين.

حبكة ثقافوية همها الالتقاء مع الإسلاموفوبيا الغربية وحماية البسطار. بهذا هم لا يختلفون عن (القاعدة) و(داعش) وبعض تيارات الإسلام السياسي السني، الذي سعى ويسعى لتحويل هذه الأكثرية السياسية المنادية بالحرية، وقدمت الغالي والنفيس من أجل ذلك، إلى أكثرية طائفية.

بات على الأكثرية الموضوعية أن تقدم دوما حسن نواياها بأنها ليست طائفية، مع أن تاريخها يشير إلى أنها لم تكن طائفية يوما كما سبق ووضحت. على هذا الاساس هدر دمها أيضا. فتم هدر هدمها من ثلاث: وجدان مسبق لدى فاعلي الاقليات ومريديهم، الموقف الدولي الاوبامي، القاعدة وداعش والاسلام السياسي ومثقفي اليسار من البسطار. رغم أنهم يعرفون أنهم يكذبون لأنه بدون هذه الأكثرية الموضوعية لن تكون هنالك سورية. النظام مصلحته تكمن في ابادة هذه الاكثرية لكن البقية مصلحتهم تكمن في كذبة دولة الخلافة!! والباقي تكمن مصلحتهم في استمرار دولة البسطار اليساري!! هؤلاء لم يهدروا دومها لأنها أكثرية سنية بل لأنها تشكل العماد الاساسي من الاكثرية السياسية المنادية بالحرية من الأسدية.

التعليقات (1)

    خليل شيحا

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    لكل الاطياف السورية الحق بشعور الانتماء الى طائفة وهذا ليس خطيرا الا عندما يستغله قبل قبل النظام الديكتاتوري كان لكل الطوائف حضورها دون تصارع الا حين وجود نظام فاشي فالمشكلة هي النظام السياسي وليست الطوائف. في كل العالم طوائف ولا يوجد صراع بينها الا في الدول غير الديمقراطية واتمنى عليك وانت كاتب محترم ان تبق كتابتك "وهذا رأي " بمعزل عن اكثرية واقلية فالوطن للجميـــــــع وفتش عن من يشعل التعصب الطائفي ويغيب مفهوم المواطنية وهي من تحتاج الى اعادة ترسيخها وهي الحل وشكرا.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات