سوريون في تركيا: نار الوطن ولا جنة الغربة

سوريون في تركيا: نار الوطن ولا جنة الغربة
مع هبوط الظلام يحاول خالد وزوجته وطفلهما الصغير أن يعبروا إلى الأراضي التركية بطريقة غير شرعية (التهريب). وينطلق من منطقة خربة الجوز نحو الأراضي التركية ليصل إلى مناطق آمنة هربا من البراميل المتفجرة التي سلبت حياة الكثير من المدنيين، في كل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وحين وصوله إلى الأسلاك الشائكة (التيل) قام حرس الحدود التركي وما يسمى (الجندرمة) بإطلاق الكلاب البوليسية على خالد وعائلته. فهاجمت الكلاب الزوجة والطفل وأصابتهم بجروح. في حين استطاع خالد أن ينجو منها، ويعود بعائلته إلى المشفى الميداني بالقرب من منطقة خربة الجوز في سوريا.

تكرر حوادث القتل والإصابات على الحدود السورية التركية

ولا تعتبر قصة خالد الأولى أو الأخيرة، على الحدود السورية التركية. فقد تكررت حادثة الكلاب البوليسية أكثر من مرة على الحدود أثناء محاولات دخول العائلات إلى تركيا، وتكررت بشكل كبير بعد التشديد الأمني الذي اتخذته تركيا على حدودها.

ففي الأيام الأخيرة الماضية اعتقل حرس الحدود التركي ثلاثة شبان سوريين بينهم شخص كردي أثناء محاولتهم الدخول من مدينة عفرين الكردية السورية نحو إقليم اكبس التركي، وتعرض الشبان للضرب المبرح أثناء احتجازهم. وأبلغ حرس الحدود الشبان بأن المرور من تلك المناطق أصبح ممنوعا منعا باتا، وكل من سيمر سيكون هدفا مباشرا لنيران الجيش التركي ومثلها في مناطق كثيرة كمنطقة كلس الحدودية، وخربة الجوز، ومعبر باب الهوى، ومعبر باب السلامة، ومنطقة يلده المجاورة لريف اللاذقية في سوريا.

نار الوطن أرحم من جنة الغربة

وتجتمع العائلات على الحدود السورية التركية في مناطق مختلفة، منهم من يتخوف من عبور الحدود خشية اكتشاف تسللهم من قبل حرس الحدود وإجبارهم على العودة إلى بلداتهم ليعيش تحت الأمر الواقع وانفجارات براميل الموت. وبعضهم يجتازها بنجاح ليصل إلى الأراضي التركية وتبدأ المعاناة الشاقة للعثور على مكان لإيوائهم وعلى عمل ليعيشوا منه ويطعموا أولادهم.

فأبو زهير الرجل الخمسيني بعد أن نجح في الدخول إلى الأراضي التركية، بحث عن منزل ووجده، لكن تكاليفه غير مقدور عليها. ويقول لـ «القدس العربي»: «عندما عثرنا على منزل نستتر به كان الإيجار مكلفا ويريدون تأمينات، بالإضافة إلى ثلاثة أشهر مقدما. وهذا ما لا طاقة لنا به. وقررت العودة إلى سوريا والتسليم لأمر الله في مدينتي بحي الليرمون في حلب التي تقصف بالبراميل المتفجرة والمدفعية وراجمات الصواريخ بشكل مستمر. بالإضافة إلى الاشتباكات المستمرة قربنا في فرع المخابرات الجوية، ولكن على ما يبدو أن النار في بلدي تبدو أرحم بكثير من الجنة في بلاد الغربة».

المعارضة المسلحة تتحمل المسؤولية

وقال ناشطون إن الحكومة التركية لا تتحمل المسؤولية عما يحصل على الحدود، من قتل لبعض العابرين وإصابات العائلات، بل تتحملها الفصائل العسكرية من المعارضة المسلحة التي تسيطر على الشريط الحدودي في سوريا، فهي تعلم جيدا أن اجتياز الحدود التركية أصبح شبيها بالانتحار، فلماذا تسمح للعائلات والسوريين بالمرور في تلك المناطق؟. والحكومة التركية نبهت تكرارا أن الحدود أصبحت مناطق أمنية بالنسبة لها، وفرضت إجراءات صارمة على حدودها، وهذا من حقها حسب تعبير بعض الناشطين.

من جهة أخرى فإن الإجراءات التركية الجديدة، ومنها إغلاق المعابر والتشديد على الطرق غير الشرعية على السوريين المقيمين على الأراضي التركية، أصبحت تلك المناطق عازلة لوصول السوريين إلى إقربائهم في الأراضي السورية.

ويقول محمود: ذهبت إلى معبر باب الهوى لأدخل إلى سوريا، ولحضور دفن والدتي التي توفيت في إحدى مدن الريف الشمالي، وحاولت كثيرا الدخول بكافة الطرق لكن منعني حرس الحدود من الدخول. ولم أستطع حتى أن أودع والدتي قبل دفنها. وأبلغت الجندرمة التركي عن السبب الذي دفعني للذهاب إلى سوريا، ولكنهم رفضوا رفضا قاطعا بالرغم من التعاطف الذي رأيته على وجوه الجنود، لكن طلبوا مني هوية اللاجئ السوري أو ما تسمى (الكملك) وهذه الهوية لا أملكها بعد أن توقفت السلطات التركية عن منحها منذ أشهر، ولذلك سلمت أمري لله ولم أذهب إلى سوريا.

ويتابع محمود الذي يبلغ من العمر 18 عاما: «أكثر ما أدهشـني عندما رأيت رجلا في الأربعين من العمر ومعه جثة ولـده الذي توفي متأثرا بجروح أصيـب بـها في سـوريا، وقد كان الرجل يطلب الدخـول مع ابـنه ليـدفنه في سـوريا.

ولكن إدارة معبر باب الهوى أصرت على أن يحمل الرجل ورقة من أحد المشافي تشرح سبب موت الشاب. والرجل الأربعيني أبلغ الإدارة أن المشفى في يوم عطلة، وبالرغم من ذلك رفضوا فاضطر إلى تأجيل إدخال ابنه لليوم الثاني حتى يحصل على تلك الورقة.

قوانين صارمة صدرت حديثا أثارت استياء السوريين

وتتبع الحكومة التركية مجددا إجراءات تطبقها على اللاجئين السوريين على أراضيها ضمن قوانين تم إصدارها حديثا.

ومـن هذه الإجراءات تغيير السيارات السـورية لوحاتها إلى لوحات مرورية تركية وفرض (مبلغ تأمين – مبلغ مالي – مبلغ يدفع اثناء معاينة السيارات)، بالإضافة إلى إقرار مبلغ مالي سنوي على كل سيارة سورية، وهذا ما أثار الاستياء.

التعليقات (2)

    معاوية الأموي

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير، الله يلعنك ويلعنك أبوك بقبره يا ابن انيسة النجسة ويلعن ملالي العار في المدن النجسة قم وكربلاء والنجف.. آه يا وطن

    احمد الشامي

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    يعني بعد كل ما قدمته لنا تركيا من غير المعقول ان تذكر بهكذا مقال ياريت الكاتب يوجه قلمه للبنانيين المجرمين او العربان الذين اغلقوا الابواب في و جهنا و عضوا عليها بالنواجز
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات