الأسد أو يحرقون البلد!

الأسد أو يحرقون البلد!
"الأسد أو نحرق البلد" ربما يبدو هذا الشعار لبعض الشباب في العالم العربي، وقعا غير وقعه بالنسبة للبشر في سورية. المواطنون السوريون كانوا يدركونه بحسهم العملي من جهة، ومعايشتهم لهذا النظام السياسي على مدار اربع عقود ونصف من جهة اخرى. يدركون أنه اوصل البلد والقيم إلى مرحلة الانحطاط، شانه شأن معظم الانظمة الديكتاتورية والفاشية في التاريخ المعاصر. التخلص منه هو بداية الطريق ليعود شعبنا ويبني ما سبب في احراقه وتدميره، من أجل الحفاظ على كرسي السلطة. لم نعد منذ عقود نستطيع القول ان هنالك دولة في سورية. حتى مفهوم الدولة الفاشلة لا تغطي دلالاته كامل الحالة السورية. تحول النظام السياسي طوال هذه العقود الأربعة إلى مافيا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. بدءاً من التعامل مع اللاقانون وانتهاء بتصفية الخصوم حتى لو كانوا من نفس العائلة أو حتى من نفس العصابة!

التصفيات الاخيرة التي قامت بها عائلة الأـسد، لضباط من أعمدة النظام الامني والعسكري. بدءاَ بتفجير خلية الأزمة، والتي كان فيها صهر آل الأسد (آصف شوكت) و(هشام بختيار) وغيرهما. ثم لاحقا (رستم غزالي) و(جامع جامع) المتهمين باغتيال رفيق الحري بقرار من الأسد شخصيا. المشكلة التي تغيب عن اذهان بعض الشباب العربي، أن الدول لا تتبع لشخص او لاشخاص، الدولة كائن فوق الجميع ومنتشر في تفاصيل حياتهم. عندما تأتي إلى سورية تجد أنه منذ زمن حلت مافيا الاسدية محل الدولة. كل معاملة ورقية يجب أن تمر من شبكتهم. كل مشروع يريد أن يقيمه مواطن سوري، سواء كان مشروعا صغيرا او كبيرا يجب أن يكون لهم حصة فيه. طرقهم إلى ذلك كثيرة، عبر ما يعرف موافقات أمنية او حكومية. التمييز بين طوائف المجتمع عنوان اصيل من سلوك الاسدية. التمييز بين عربه وكرده. عندما انطلقت الثورة السلمية من حوران2011 مطالبة باصلاح النظام، واجهها بالرصاص الحي ورفع شعار الاسد أو نحرق البلد. منذ ذلك التاريخ وآل الاسد يحرقون البلد. الجماعات الاسلامية المتشددة التي دخلت من الخارج على خط الثورة. كانت تفترض بالعالم الحر وعلى رأسه ادارة اوباما، أن يدعم التيارات العلمانية والمدنية، الليبرالية واليسارية والاسلامية المدنية السورية. لكن كان القرار تحويل سورية إلى بؤرة عنف وجذب لكل انواع الارهابيين في العالم. هؤلاء الارهابيين معظمهم كانت لهم صلة استخباراتية مع مخابرات الأسدية، لأنها كانت الداعم الرئيسي لهم اثناء فترة وجود القاعدة بالعراق.

وبات التعامل الغربي مع الملف السوري بوصفه ملفا أمنيا لا أكثر ولا أقل. وليس ملفا لشعب ثار سلميا من ـجل حريته. كنا دوما نطالب الدول الغربية بدعم التيارات المدنية. لكنهم لايصغون إلينا. على العكس رحب الغرب بممثلي السيادة الوطنية!! ورحبوا بممثلي التيارات الاسلامية والمتشدد منها أيضا.

وصل الامر بالادارة الامريكية أنها تنحي كل من يطالبها بموقف حازم مع الشعب السوري ضد الاسد بمافيها تدخلها العسكري، وترحب بمن هم ضد التدخل الامريكي لحماية المدنيين السوريين، من فاشية الاسد التي استخدم فيها كل انواع الاسلحة. الاسد او نحرق البلد هو من جلب فصائل الارهاب الايراني من لبنان حزب الله ومن افغانستان ومن العراق لقتل شعبنا، والارهاب القاعدي لسورية أيضا.

هذه القضية صرح عنها جون كيري بقوله: "الأسدية جاذب للإرهاب". مطلوب من الغرب والدول الغربية أن تتعامل مع هذا الشعار الاسد أو نحرق البلد. هي فعلا على ما يبدو تتعامل معه لكن من منطلق أن يبقى الاسد يحرق البلد دون أن يتم تحريك ساكن. الاسد دمر أكثر من 60% من المدن والقرى السورية. كل المداولات التي تتم حول الملف السوري، تتم كونه ملفا امنيا واكثر المداولات، تعاطفا مع الشعب السوري تتعامل مع هذا الملف، كونه ملفا انسانيا: بشر تعرضوا لكارثة، يحتاجون مساعدات. لكن من هو سبب هذه الكارثة ولماذا؟ وماذا يريد هذا الشعب؟ كلها اسئلة احالتها ادارة اوباما إلى الارشيف المنسي وبقيت تتعامل مع شعار الاسد و لتحترق ما تبقى من البلد. أما الاحاديث عن عدم وجود بديل سوري، هو كلام فارغ الشعب السوري لم يقم بثورته من أجل تولي شخص آخر السلطة. بل من أجل دولة القانون والحريات والحقوق والمؤسسات.

"الأسد أو نحرق البلد". تكوين بينيوي للاسدية في سورية منذ لحظة تشكلها بعد انقلاب 1970. لايمكن لهذه الطبيعية أن تتغير ما لم يتم تفكيك هذه البنية برمتها وتغييرها. بغير ذلك سيبقى شعبنا وشعوب المنطقة، تحت القتل من أجل هذا الشعار. خاصة بعد دخول إيران كسلطة قروسطية فاشية، على خط هذه الشعار وصارت جزء عضويا فيه. الحرية هي ما يريده شعبنا. يريد أن يعيش بسلام، بدولة قانون كبقية شعوب الأرض فهل هذا كثير؟!

التعليقات (1)

    أبو عمر

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    ما يفعله البعث في سوريا لا تحلم إسرائيل بفعله ولو عبر قرون من الزمان.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات