الجيش وخيار السلطة

الجيش وخيار السلطة
منذ انطلقت الثورة السورية من حوران في 18 آذار 2011 بتظاهرات سلمية، رد عليها الأسد بالرصاص الحي، من قبل الجيش والمخابرات. بعدها تتالت المظاهرات وقوي حضور الجيش في الشوارع وفي قتل المدنيين. حافظ اسد اعتمد على الجيش في انقلابه عام 1970. على هذا الأساس أعاد تأسيس الجيش. بناء على معطى اختبره من خلال توليه منصب وزير الدفاع، لمدة أربع سنوات تقريبا قبل ان يقوم بانقلابهن، من جهة، وأن الجيش هو من قام بانقلاب اوصله للسلطة من جهة اخرى. لهذا قام بإعادة تأسيس الجيش بناء على هدفه الأساس الاحتفاظ بالسلطة إلى الابد.

اعاد تشكيل الجيش من اهل الثقة والولاء من جهة فكانوا جلهم من الضباط العلويين، هيكل الجيش بناء على المعطى الأمني لحافظ اسد شخصيا من جهة أخرى. في كل وحدة من وحدات الجيش الذي اسسه الأسد يوجد قائدين قائد الوحدة العسكرية، وضابط امن الوحدة. أكثر من 95% من ضباط امن الوحدات العسكرية هم من أصول علوية. هم دوما أصغر رتبة من قائد الوحدة، لكنهم غالبا يكونوا أهل ثقة كقائد الوحدة نفسه، وربما أكثر. بالمناسبة أكثر جيش بالعالم المعاصر ارتكب مجازر بحق أبناء بلده هو جيش الأسد. اعطوني جيش واحد قام بما قام به جيش الأسد بحق أبناء بلده؟

من المفارقات التي اطلقها الأسد من خلال إعادة تشكيله الجيش، ما بات يقال في الشارع وفي صفوف الجيش نفسه: أن مجند علوي أو مجند في المخابرات، له كلمة أكثر من وزير الدفاع لأنه سني. كما قام الأسد بتشكيل قسم من الجيش على شكل ميليشيات لها زعامات خاصة، رفعت الأسد سرايا الدفاع علي حيدر الوحدات الخاصة عدنان الأسد سرايا الصراع. هؤلاء كانوا أمراء حرب سلفا، يتصرفون بميزانيات مستقلة. يذهبون لقرى جبال العلويين ليطوعوا الشباب ما دون ال 18 كجنود، تطويعهم للدفاع عن الأسد ضد الشعب السوري. لم يكن يستطع أي مسؤول عسكري آخر، أن يتدخل بوحدتهم العسكرية، ما عدا الأسد المقبور. لهذا عندما كان رفعت الأسد نقيب قائد لسرايا الدفاع، كذلك علي حيدر كان برتبة رائد، كان وزير الدفاع برتية لواء، لا يجرؤ حتى على الاتصال تلفونيا بهما. تشكيل هذه الميلشيات تم بناء أيضا على تنضيد للموالاة واهل الثقة، حتى داخل المؤسسة العسكرية. لهذا كانوا هم اقوى من الجيش سلطة، وأكبر ميزانية. كلها من أموال النفط السوري، التي كان يتصرف بها الأسد لوحده خارج الميزانية العامة للدولة. حتى داخل أي فرع مخابرات، هنالك ضابط امن للفرع يكون أصغر رتبة من رئيس الفرع، لكن رئيس الفرع لا يستطيع تجاوزه ان كان غير علويا. العلوية بوصفهم حاضن الثقة لعسكر الأسد، والمصدرة لقادة الجيش. أي ضابط في جيش الاسد منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، يعرف ويتصرف بناء على انه موجود في هذا الموقع، ليس لأنه صاحب كفاءة ولأنه مواطن سوري، بل لأنه موثوق من قبل الاسدية من جهة، ولأنه علوي مثل الأسد من جهة أخرى. من خلال هذه التأسيس وإعادة التشكيل أزال الأسد صفة السورية عن الكتلة الفاعلة داخل الجيش وأصبحت علوية اسدية. علونة الجيش تمت بناء على اسديتها وليست بناء على خيار علوي مؤسسي. لهذا علونة الجيش من خلال تأسيس كتلة فاعلة داخله لها مقاليد الأمور، بالمقابل كانت رشوة فاقعة للطائفة. هذه الظاهرة عنصر جوهري تأسيسي للأسدية. ثمة أمر آخر يجب أن ننتبه له داخل هذه الظاهرة، هو أن هؤلاء القادة في الجيش أصبحوا واسطة لغيرهم، من أبناء طائفتهم وقراهم، لدخول الجيش واستلام مناصب أخرى.

هذا التمييز ضد بقية السوريين، كان يصاحبه تمييز أيضا داخل الطائفة العلوية نفسها، بناء على معطى طائفي أيضا حيدرية وكلازية ومرشدية، وبناء على معطى عشائري خياطي نميلاتي حدادي. ثم بناء على معطى عائلي، وأخيرا بناء على معطى الفساد والرشوة المادية. هكذا كان قادة الجيش يعينون خاصة في الوحدات الصغرى من الجيش. الفساد الطائفي والتمييزي داخل الجيش خلق الفساد المالي، حيث تحولت مؤسسة الجيش إلى جهاز رشاوي ونهب، العقائدية الوحيدة المسموح بها داخله هي الولاء للأسد وفقط. حتى غاب اسم سورية، لتحضر لاحقا بكونها سورية الأسد. حيث تحول كل من لا يؤمن بسورية الأسد هو عدو لهذه المؤسسة الفاسدة جملة وتفصيلا. سورية الأسد، الأمين حافظ الأسد للابد. هكذا اختصرت سورية كلها. ثم يسألونك لماذا قامت الثورة السورية. بناء على هذه اللبنة الأساسية لهذا النظام المافيا، اعيد هيكلة كل مؤسسات الدولة الوليدة أساسا خلال عقود أربعة ونيف. صار الأسد في كل تفصيل بأجهزة الدولة. فإذا كان الأسد نفسه فاسدا ومجرما فكيف ستكون الدولة؟ الجيش ككل مؤسسات الدولة صار خيارا اسديا. لهذا تدخل الجيش في قتل المدنيين السوريين قرار متخذ منذ ت2 عام 1970. لم يتخذ بعد الثورة السورية 2011. اعيد تأسيس الجيش منذ ذلك التاريخ بناء على هذا الهدف. لهذا التنظير عن العسكرة والسلمية لا يفهم طبيعة هذا النظام، ولا يفهم طبيعة الثورات. خاصة من كانوا بلاشفة!!.

الجيش الاسدي صار دوره، حماية الأسد وسلطته، ولم يعد لديه أية وظيفة أخرى. لهذا العسكرة التي جرت للثورة في مرحلة لاحقة هي نتيجة لتدخل الجيش في قتل الناس الذي من المفترض أن يحميهم لأنهم هم رب عمله أيضا، من رزقهم ورزق اطفالهم، يعيش هذا الجيش وليس من ثروة جده للأسد، غير المعروف أساسا إن كان سوريا أم لا. فلمن يلجأ الناس في هذه الحالة؟ حتى لو لم تتعسكر الثورة، كان سيبقى الجيش يقتل بالمدنيين ويقصفهم بكل أنواع الأسلحة. العسكرة لم تغير شيئا جوهريا في رد النظام. ربما لم يكن يحتاج لصواريخ سكود ليقصف حلب او درعا!! لهذا الحديث عن العسكرة هو لتبرير عمل الجيش الاسدي، الذي اتضح بالملموس انه ليس أكثر من ميليشيا طائفية تأتمر بأمر شخص الأسد تحديدا. انا لا ادافع لا عن العسكرة ولا عن السلمية أساسا هذه الثنائية زائفة. لأن من يقول بها ومن طرحها للنقاش أساسا، هم من أصحاب نظرية أن هذا الجيش هو جيش وطني، وليس جيش اسدي. مع ان الاحداث اثبتت انه ميليشيا. من جهة أخرى من المعروف أن تدخل الجيش في أي دولة ضد شعبه، إما ان يقتل شعبه او يقوم بانقلاب او تتحول البلاد إلى ساحة عنف. لأنه من المفترض أن الجيش هو ليدافع عن المواطنين وليس عن بعض اشخاص. هذا خيار السلطة الاسدية الجيش بمواجهة الشعب. خيار متخذ منذ مجيئ المقبور للسلطة 1970الجيش الذي يضرب اطفاله بالسلاح الكيماوي هذا ليس جيشا انه حرس مافيا. واي كلام بخلاف ذلك هو لتبرير الجريمة الاسدية في سورية. الامر الأخير الآن الجيش الاسدي كيف صار؟ أين هي الوطنية في عمله وتشكيلاته؟ عنوانه الآن البراميل الوطنية. كل التقارير الدولية والمحلية تشير إلى أن هذا الجيش قتل خلال أعوام الثورة الأربعة 96% من المدنيين السوريين الذي يقدر عددهم بأكثر من نصف مليون مدني، ودمر أكثر من نصف سورية. الكيماوي الذي لم يكن يقلق إسرائيل طوال أربعين عاما، لأنها تعرف أنه سيستخدمه فقط ضد شعبه.

التعليقات (2)

    كردي

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    النظام مجرم ومن يقف وراء هذه الثورة يعرف ذلك و الكثير من الذين شاركوا في التظاهر كان لهم امل في حياة احسن لكن منظمي المظاهرات كان همهم الحكم و لم يستفيدوا من تجربتهم الفاشلة في الثمانينات و خلال كل هذه السنوات لم يتطوروا او يبحثوا عن حلول ذكية منخفضة الكلفة البشرية خاصة انهم مرتاحون مع عائلاتهم خارج البلاد و لا يدفعون دماء ثمن لمخططاتهم الاجرامية و كل الجيوش عندما تاخذ الامر من الرئيس تفعل نفس الامر الا اذا اراد ضابط ذو سلطة ان يصبح هو الرئيس كما في حالة مصر او كان الرئيس ادمي متل تونس

    عريب

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    شكراً للاسد الذي يدافع عن بلاده
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات