عصر الموركسية السورية !!

عصر الموركسية السورية !!
لا أحد يريد المسلمين، سلوفاكيا، في تميز سافر، تأخذ فقط اللاجئين المسيحيين من سوريا، تختصر هذه العبارة التي غرد بها المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش (كنيث روث) عبر صفحته في تويتر، الأزمة الأخلاقية التي تبدت في رغبة الدولة المذكورة بالنأي بنفسها عن مأساة شعب كامل، مخصصة إنسانيتها على أساس ديني يختزل جميع السوريين بضرورةِ أن يكونوا أتباعا للدين المسيحي.

يحلينا التمييز الأخير إلى مقاربة تاريخية، ربما تكون عكسية في منظورها الأول، إلا أنها جديرة بأن تؤخذ على أساس الشبه في الطرح القديم الجديد، لمأساتين كانت أولهما إخراج سكان الأندلس ممن رفضوا الدخول في الدين المسيحي عقب سقوط البلاد على يد مملكة قشتالة وأراغون، إلى المأساة الثانية التي توجب على السوري أن يكون مسيحيا ليدخل إلى أرض السلوفاك لاجئا إليها من الموت.

تختار سلوفاكيا أقصر الطرق لرفض اللاجئين، بأن تحترس دينيا من المسلمين، محيطة رغبتها بهذا الشرط العنصري، بأساب عدة تتعلق في مجملها بمسألة الفوبيا الإسلامية، وما تحمله من إمكانية انتشار عناصر التطرف في مجتمعها المحارب لذلك، راصدة نفسها كحامٍ للمسيحيين الشرقيين السوريين منهم حصرا، ومعتقدتا أن هذا الاجراء لا يشكل أي سقوط أخلاقي، فلرفضها أسبابه المقنعة بوجهة نظرها كدولة مسيحية.

ليس على السوري إذاً غير اختيار ما فعلته عائلات الأندلس المستضعفة، فالمسيحية هنا وإن كانت صورية، تصبح ضرورة لتخليصه من الموت الجسدي عبر موت عقائدي مؤقت بالنسبة له، يفتح أمامه أبواب سلوفاكيا المرحبة بالأخوة المسيحية على حساب الأخوّة الإنسانية.

لا يمكن هنا القول بأن ذلك غير ممكن، فأهوال الموت والملاحقة الأمنية، والتعذيب والتشريد واللجوء والمقامرة البحرية، جميعها أسباب ربما تصل باللاجئ الواصل إلى نهاية صبره بأن يكون موركسيا جديدا، يقبل أن يتعمد بمياه قهره من أجل رغبة بشرية بالبقاء حيا، تدعمه في ذلك القرار ربما، دمعة طفل حمله على يده في رحلة لجوء طويلة، أو تنهدات زوجة ضجرت من أيام سوداء عاشتها العائلة، أو مستقبل شاب ضاع في أتون حرب أحرقت كل شيء ولم تمنح الوقت لإطفاء هذه الحرائق عقليا قبل أن تأتي فرصة اللجوء المشروطة.

يحصل كل هذا الحشد الفكري المتطرف في وقت يطالب فيه العالم مسلمي الشرق، السوريين منهم خصوصا برفض التطرف ونبذه ومحاربة أشكاله المتمثلة بداعش وجبهة النصرة وغيرها من التشكيلات الإسلامية، التي تحمل في خرائطها المتطرفة، فكرة مهمة عن ضرورة تخليص الجسد العربي من غير مسلميه، ما يمنح المنطقة طابعها العقائدي المطهر من رواسب الطوائف الأخرى كما يتصور المتطرف، وهذا يشبه إلى حد بعيد ما تنادي به الدولة المعنية بحماية المسيحي دون المسلم في أنها تبحث هي الأخرى عن طهر جغرافي من طائفة أخرى، تراها غير جديرة بأن تكون جزءا من مجتمعها الخاص بالمسيحية فقط.

وعليه فإن الندائية السلوفاكية وما يشبهها من دعوات أوروبية أخرى، تتماثل إلى حد بعيد مع الندائية الإسلامية المتطرفة، ويبقى مهمتنا كمتابعين لواقعي الطرفين أن نتسائل، أيهما أشد تطرفا من الآخر، وأيهما يدفع الآخر ليجاهر بتطرفه ويجعله عقيدة قائمة بحد ذاتها، داعيا من يروق له إليها.

التعليقات (4)

    منذر الأسعد

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    أخي الفاضل الأستاذ عبد السلام: لم أفهم مصطلح ( الموركسية) الوارد في عنوان مقالك؟ ولم يرد في المقال ما يوضحه.. فهل تقصد: الموريسكية نسبةً إلى المسلمين الذين شرّدهم فرديناند وإيزابيلا من الأندلس؟

    منذر الأسعد

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    قال الدكتورخليل السامرائي عن الموريسكيين:لم تنته مصيبة المسلمين في الأندلس بزوال سلطانهم السياسي ورحيل سلطانهم أبي عبد الله الصغير إلى المغرب، بل حلت بهم مصيبة أكبر، حيث نقض الملكان الكاثوليكيان العهد. ووضعا خطة إبادة للمسلمين الباقين في الأندلس لعقيدتهم الدينية، فشكلا محاكم التفتيش التي تتعقب من يؤدي شعائر الإسلام بأية صورة، فكان من جراء ذلك أن أظهر عدد من المسلمين المسيحية وأبطنوا الإسلام، وأطلق على هؤلاء اسم (الموريسكيون Los Moriscos) أي المسلمون الصغار.

    الصديق منذر

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    نعم أخي الكريم هي تلفظ بلفظين ويجوزان كليهما سواء،موركسية أو موريسكية وورد في المقال ما يوضح في الفقرة الثانية عبد السلام..

    كردي

    ·منذ 8 سنوات 8 أشهر
    شكرا لكل الدول الاوروبية التي استقبلت الشعب السوري حتى لو مثل سلواكية اختارت المسيحييين فقط و لن يزعل المسيحيين اذا طلبت السعودية و قطر ان يستقبلوا مسلمين فقط من سوريا
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات