حرب أهلية أم ثورة أهلية؟

حرب أهلية أم ثورة أهلية؟
الحرب الأهلية ببساطة، إنها أهلية لأن السلطة ليست طرفاً فيها، أهلية بين مكونات مجتمعية لدولة واحدة أو دولتين ربما- رواندا بورندي- أو داخل دولة واحدة لبنان سابقاً.

هل استطاعت الأسدية تحويل الثورة السورية إلى حرب أهلية؟ الشرط الأساسي لقيام حرب أهلية في أي بلد من البلدان هو ضعف سلطة الدولة على المجتمع. هل كان هذا الشرط متوفراً عند اندلاع الثورة السورية آذار 2011؟ في أي بلد من البلدان أيضا فيها تنوع أثني أو ديني أو طائفي، لا يمكن لاستمرار أي صراع مسلح بين مجموعات دينية وأثنية أوطائفية، إلا إذا غابت سلطة الدولة أو تحولت إلى طرف في هذا الصراع. يقول الباحث السوري عمر كوش في مادة له على موقع الجزيرة نت، عن الحرب الأهلية" "النظام السوري يرفض مقولة الحرب الأهلية لأنها تفنّد نظرية المؤامرة، بالمقابل ترفض قوى المعارضة السياسية السورية توصيف الوضع في سوريا بالحرب الأهلية كذلك لأنه لا يعبر عن الثورة" النظام السوري يرفض اعتبارها أهلية، لكنه يريد تصديرالحالة السورية، لجزء من العالم على أنها كذلك، خاصة العالم الغربي. هنا تكمن المفارقة التي لم ينتبه لها الباحث السوري. خاصة من زاوية إعطاء الوضع طابعاً أن الثورة قامت ليست كثورة، بل أن كل ما تم هو نتيجة لأن الأسد علوي أو الأهم أنه من الاقليات.

هنا مساهمة النظام الحقيقية في محاولة تزوير الوقائع، من مصلحته اعتبار العالم الغربي للوضع السوري كونه حرب أهلية، ليتحول هو لطرف صغير في هذه الحرب، تصبح الطائفة العلوية بالواجهة كطرف أهلي، وليس كحاضن أهلي وعسكري لمشروع سلطة أسدية ديكتاتورية فاشية طائفية واضحة المعالم والتأسيس والبنية والممارسة، لهذا عندما يحاول بعض الأصدقاء من الكتاب والناشطين، إعادة الوضع العلوي إلى موضع أنهم يقاتلون مع الأسد نتيجة خوفهم من جبهة النصرة أو داعش، هو محض تزوير للواقع أيضا، لأنه يبعدنا عن اللحظة التأسيسية الفعلية للأسدية منذ أقل من خمسة عقود تقريباً، هذه اللحظة التأسيسية كانت الطائفة العلوية جزءاً منها، حيث نسجت الأسدية علاقة موالاة خاصة معها، تمييزية عن بقية مكونات المجتمع، تمييزية وفقا للرؤية الأسدية في تأسيس نظامها الديكتاتوري الفاشي.

لايوجد سلطة بالعالم مهما كانت فاشية أو ديكتاتورية، بدون قاعدة موالاة، هل الصدفة التاريخية والموضوعية هي التي جعلت أبناء الطائفة العلوية هم الكتلة العسكرية الأساسية الحامية للأسد؟. على فرض أنها كذلك، على فرض أن كل الطائفة قلباً وقالباً مع الأسدية. هل نسبتها إلى عدد سكان سورية 13% تجعلها وفقا للتنضيد الأسدي طرفا أهلياً؟ أم تبقى طرفاً سلطوياً؟ هي لم تعد طرفا أهلياً منذ أن تحولت إلى عسكر لحماية الأسد. هي طرف ضمن الأسدية، مثلها مثل أي قاعدة موالاة للأسدية عند بقية الطوائف والأديان. لهذا لا يمكن اعتبارها طرفاً أهلياً من هذه الزاوية، هي طرف أسدي بامتياز.

الثورة قامت ضد الأسدية كسلطة سياسية قوية تتحكم بمقدرات البلد. تحطم جدارها الحديدي التي كانت تسجن المجتمع السوري داخله. هي ليست ثورة ضد العلويين بل ضد الأسدية. لاتزال كذلك، هي ثورة أهلية لأن المكونات الأهلية هي من قامت بها، وبشكل غير مخطط له من جهة، ولم تشارك المعارضة المعروفة في إطلاقها أو حتى في قيادة مراحلها الأولى. أهلية لأن الأهالي هم من أطلقوها بناءاً على حدث مباشر، اعتقال أطفال درعا، وردود أهالي درعا على ذلك، بعدها تطورت الأمور. كما أن انقسام المجتمع على هذه الطريقة التي تمت دليل على أنها ثورة وليست حرباً أهلية.

لهذا الحديث عن حرب أهلية في سورية، أو أن الثورة تم اغتيالها من قبل أي طرف، هو حديث يصب في خانة محاولات تجري لتعويم الأسدية، تماماً كما حدث في ثمانينيات القرن الماضي مع الأسد الأب عندما دمّر حماة، والنتيجة أنه كان يخوض صراع ضد حلف رجعي أسود. وتبرأ معظم اليسار من مجازر الأسد الأب كما يتبرأ الآن. أن يتبرأ نصف مصيبة، لكنه يبرأ الأسدية من القتل فتلك هي الجريمة بعينها. منهم لخوفه على الطائفة العلوية. منهم لأنه صاحب مصلحة. إن تحويرات بعض اليساريين الآن تلتقي مع أطروحات موسكو وطهران، القصة في النهاية سياسة ومصالح وليست معرفة للحقيقة، بحقيقة ما جرى ويجري من دم سوري، من أجل حرية شعب وكرامته. تصبح مع هذا الطرح براميل الأسد وأسلحته الكيماوية في الغوطة مجرد زائدة لا قيمة لها في الموقف من الحل السياسي الذي يراد التسويق له. هي ليست حرباً أهلية هي ثورة أهلية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات