محاولة إيران الأخيرة "ربما" لاحتلال الزبداني التي يشكل موقعها الاستراتيجي أهمية كبرى لميليشيا حزب الله وطريق إمداده بالسلاح والعتاد من سورية إلى لبنان، استنسخت الموقف الروسي الأخير والذي بات واضحاً وفاضحاً في تدخله العسكري ودعمه لنظام الأسد، بعد أن كان مقتصراً على تزويده بالعتاد الحربي فحسب، وبحسب تسريبات من داخل أروقة النظام، فإن مطار الشعيرات "طياس العسكري" في ريف حمص، أصبح "تحت إشراف إدارة إيرانية خالصة"، وبات معززاً عسكرياً بشكل كبير. إذ أضحت إيران تسيطر على المطار وزادت تعزيزاته العسكرية، والذي يعتبر موقعاً استراتيجياً بالنسبة لها لإدارة عمليات في سوريا والعراق على حد سواء.
المطار محصّن بصواريخ أرض-أرض وأرض-جو بعضها روسي الصنع وبعضها إيراني، ويُستخدم بشكل أساسي لتشغيل عمليات طائرات "ميغ" و"سوخوي" الحربية القتالية، ويضم عدد كبيراً منها بالإضافة إلى عدد غير محدد من الطائرات الحوامة. كما يحتوي المطار على مدرجي طيران أساسيين بطول ثلاثة كيلومترات ويضم 40 حظيرة للطائرات، ويقع على بعد 31 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة حمص.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أكدت في تقرير لها وصول مئات من قوات "الحرس الثوري" الإيراني إلى سورية في مسعى لحماية نظام بشار الأسد. والقوات الإيرانية المقاتلة وصلت سورية خلال الأيام الماضية، ومعظمهم لمساعدة ميليشيا "حزب الله" اللبناني في معركتها في منطقة الزبداني.
وصول "الحرس الثوري" إلى سورية تمّ بتعاون كلي بين إيران وروسيا، والاتفاق على الموضوع، تمّ على الأغلب أثناء اجتماع قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الشهر الماضي في موسكو.
هذه الأنباء أكدتها وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا"، التي كانت قد كشفت في حزيران/يونيو، أن عدد قتلى "الحرس الثوري" الإيراني، بمن فيهم من الميليشيات الأفغانية والباكستانية، بلغ 400 عنصر منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. وبحسب وكالة "إرنا"، فإن نحو 79 عنصراً من هؤلاء القتلى هم من (لواء فاطميون) الأفغاني الذي أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه أصبح فيلقاً، بعد تجنيد المزيد منهم من صفوف اللاجئين الأفغان في إيران. وكان قائد "لواء فاطميون" الأفغاني علي رضا توسلي، ورجل قاسم سليماني في سورية، قد قتل أثناء معارك درعا في أذار/مارس الماضي مع العشرات من عناصره.
أعضاء ميليشيا "فاطميون" هم من الشيعة الهزارة الأفغان اللاجئين في إيران، ويتم تجنيدهم مقابل 500 دولار شهرياً ومنحهم إقامات لهم ولعوائلهم في إيران، ومن ثم تدريبهم وتسليحهم من قبل "فيلق القدس"، ليتم بعدها إرسالهم للقتال في سورية.
تشير محاولات إيران الأخيرة تعزيز قواتها وإرسال المزيد من قوات الحرس الثوري إلى المناطق التي تشهد "استعصاء" على الاحتلال في سورية، إلى رغبة إيرانية متعاظمة في استغلال الظرف السياسي والإعلامي الذي يركز حالياً على الدعم الروسي المتزايد لنظام الأسد واستقدام المزيد من الجنود الروس إلى سورية، فالكرملين لا يرسل أي قوات إلى سورية، بل الوحدات القتالية التي قامت بالغزو الروسي البطيء لأوكرانيا. والجنود الروس المرسلون إلى سورية هم من "الكتيبة البحرية 810" المتمركزة في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم، التي ابتلعتها روسيا منذ عامين.
و"الكتيبة 810" واحدة من وحدات عسكرية قليلة تابعة لأسطول "البحر الأسود" الروسي، المعروفة بمشاركتها في الهجوم العسكري على شبه الجزيرة الأوكرانية، قبل 18 شهر.
المحاولة الإيرانية التي ربما تكون الأخيرة لاحتلال الزبداني بعد أن استعصت وقاومت الغزو الأسدي واللبناني المتمثل في ميليشيا حزب الله تروم الآن الزج بعناصر النخبة الإيرانية في الحرس الثوري الإيراني، لكن معارك الغوطة الشرقية التي تخفف الضغط على حصار الزبداني، وخوف إيران وروسيا من خسارة نظام الأسد المزيد من المطارات العسكرية بعد خسارة مطار أبو الظهور، تؤكد ان الحل السياسي في سورية لا يزال بعيداً وأن الرغبة في تحقيق الحسم العسكري لا يزال المهيمن على عقلية حلفاء النظام.
التعليقات (4)