رغم الوعود.. النظام يمنع تجار حمص من إحياء السوق التجاري

رفضت اللجان المنبثقة عن الأفرع الأمنية في حمص عشرات الطلبات المقدمة لهم من تجار حمص عبر غرفة التجارة للسماح لهم بإعادة افتتاح محالهم التجارية المغلقة منذ نحو أربع سنوات.

وجاء تقديم هذه الطلبات استجابة لحملة أطلقها نظام الأسد عبر وسائل إعلامه بهدف إعادة الحياة لوسط حمص التجاري على حد قوله.

وهيَ محاولة وصفها البعض بالإستعراضية للتغطية على الممارسات المشبوهة التي يقوم بها نظام الأسد في عاصمة الثورة والتي يهدف من ورائها إلى إحداث تغيير ديموغرافي وسكاني في حمص، عبر تهجير المكون السني واستبداله بمكونات طائفية موالية له، ومن أجل تحقيق ذلك يقول عدد من الناشطين، أن نظام الأسد عمد مؤخرا إطلاق حملة إعلامية واسعة عبر إعلامه والقنوات التلفزيونية المرتبطة به للترويج أنه يسعى جاهدا لإعادة الحياة إلى حمص ثالث كبرى المدن السورية والذي شرد جيشه وميليشياته الطائفية عشرات آلاف السنة، كما عمد النظام إلى الإستعانة ببعض ” التجار ” ورجال الأعمال وأصحاب الفعاليات التجارية من أبناء حمص ممن يرتبطون معه بمصالح مادية عضوية بذريعة إعادة تأهيل وسط المدينة التجاري بدءا من منطقة الناعورة والتي أسموها بـ” مبادرة أسواق الناعورة ” بهدف إعادة الحياة للحي التجاري المذكور الذي كان حتى الأمس القريب يعتبر واحدا من أهم الركائز الإقتصادية في الوسط التجاري لحمص.!!

تعجب وحسرة

واللافت أن هذه ” الحملة ” بحسب ما ذكر ناشطون لم تلقَ حتى الآن ارتياحا وقبولا واسعا لدى أصحاب الفعاليات التجارية لأسواق الناعورة، حيث حفلت مواقع التواصل الإجتماعي بالعديد من ردود الفعل الغاضبة من قبل هؤلاء الذين لم يُبق لهم النظام ومؤيدوه من المرتزقة شيئا من أرزاقهم بحسب ماذكر أحد تجار الناعورة الذي أشار إلى أن العديدين منهم تضرروا مما حصل لافتا إلى أن الغالبية المطلقة منهم كانت بضاعتهم - التي هي كل مايملكون - مكدسة في محالهم و مستودعاتهم حتى يوم 9 أيار من العام الماضي - 2014 - حيث انسحب ثوار حمص من المدينة القديمة بأسلحتهم الفردية إلى الريف الشمالي للمحافظة.

أما ” الحاج أبو نديم ” تساءل ساخرا والمرارة تعتصر قلبه :

"من وين ياحسرة بدنا نجيب ثمن بضاعة جديدة لمحلاتنا المنهوبة، إذا بيعطونا قروض طويلة الأمد ومن دون فوائد مستعد وأنا الرجل السبعيني أرجع الى حمص طبعا من دون ماجيب أولادي الشباب معي لانو مين بيضمن لي انو ماتعتقلهم مخابرات النظام".

بينما أكد أبو ناظم صاحب محلات شهيرة لبيع الأصواف في الناعورة، لماذا نعود لفتح محلاتنا ومن يضمن عدم سرقتها قائلاً:" بضائعنا معروضة في أسواق ( أحيائهم ) كشارع الحضارة والزهرة والنزهة ووادي الدهب وشارع العشاق".

يُذكر بأن ” مبادرة أسواق الناعورة ” جاءت بالتزامن مع بدء العمل بتنظيف شوارع السوق من الأنقاض والنفايات وفقا لبرنامج زمني ممول من البرنامج الانمائي التابع للأمم المتحدة وبإشراف من غرفة تجارة حمص ومجلس مدينة حمص الخاضعين لسلطة النظام.

إنذارات وتهديد بالإخلاء

وفي السياق ذاته أكد العديد من تجار الناعورة ممن يملكون عقارات وقفية ( فروغ ) تلقيهم مؤخرا إنذارا نهائيا من مديرية أوقاف حمص بضرورة ” الإسراع ” بتسديد الإيجارات السنوية عن محالهم التجارية والمغلقة منذ حوالي أربع سنوات للمديرية المذكورة التابعة للنظام وفي حال التأخير ستلجأ المديرية الخاضعة للنظام إلى ” وهبها ” لمستأجر جديد بعد طرحها في المزاد العلني علما بأن سعر المتر المربع الواحد في الناعورة يُقدر بالملايين.

يُذكر بأن سوق الناعورة الذي يتوسط الوسط التجاري لحمص يتربع على مساحة واسعة شُيد القسم الأكبر منه - وبخاصة الشرقي - في بداية عشرينيات القرن الماضي مكان ثكنة عسكرية ( القشلة ) التي تعود للعهد المملوكي وينقل لنا كبار السن من أهل حمص ان السوق الذي أصبح يضم أعرق الوكالات والمحلات التجارية بحمص كان يسمى في الثلاثينيات من القرن الماضي باسم (السوق الجديد).

أما تسميته بالناعورة فيعود إلى أنه حتى أواخر خمسينيات القرن الماضي كان ثمة ناعورة خشبية كبيرة موجودة في وسطه، وكان منوطا بها ضخ المياه العذبة من الساقية المجاهدية (التي تتغذى من مياه نهر العاصي) إلى عدد من المباني الهامة كالجامع الأموي النوري الكبير والتكية الكوجكية (المولوية) وحمام الباشا وغيرها.