إن منح باراك أوباما جائزة نوبل للسلام في مطلع ولايته للإدارة الأمريكية عام 2008 ، لم يكن الا ردة فعل مؤسساتية ضاغطة وذكية من المجتمع الدولي غير الحكومي على الرئيس الأميركي العتيد وقتها ، اوباما ، من أجل لجم فائض القوة والاندفاع الذي حققته ادارة الرئيس جورج بوش الابن ، عبر الحروب الكثيرة التي قادها في المنطقة ، حروب تبدو عبثية و لا منتهية ، افضت الى ملايين القتلى و الجرحى والمفقودين ، مما أدى حينها الى موجة عارمة اجتاحت العالم بأكمله تدعو الى السلام والى وضع حد للعنجهية الأميركية ، مولدة أيضاً موجة كراهية مرتدة على الولايات المتحدة نفسها ، مما أثار تخوفاً كبيراً لدى المفكرين والمنظرين في العالم من تضخم وتفاعل فكرة تصادم الحضارات و حتمية شمولها الغرب بكامله وليس فقط الولايات المتحدة ..
حينها ومع مطلع السنة الثامنة من الالفية الثالثة ، قرر عدد من المنظمات و المؤسسات و الافراد المتحكمين بالمصير البشري ، تكبيل قائد أكبر مدمرة على وجه الأرض وذلك عبر اقناعه بأنه رجل التغيير والتبديل ، وقد كان كذلك فعلاً فأوباما الرجل الاول من أصول افريقية يرشح نفسه الى الرئاسة الأمريكية و الاول ايضاً في الوصول الى الرئاسة الأميركية و الاول من اصول مسلمة فعلياً ، كان رجل الآمال بالفعل ، رجل عقدت عليه البشرية أمالاً ضخمة وكبيرة في تخليصها من مشاكلها التي بدت مستحيلة الحل ، مشاكل المناخ والأوزون والتضخم السكاني و الصراع النووي و ايران وكوريا الشمالية و كوبا و اميركا اللاتينية و معاداة الاسلام والتضخم الاقتصادي والبطالة ووو ...مشاكل كونية تلم الكوكب لا يعول على أي بلد فيه في حلها الا على الدولة القائدة للمشروع الانساني على كوكب الارض منذ ما يزيد على مائتي سنة وهي الولايات المتحدة ..
وبالفعل يبدو أن اوباما الطامح لكتابة اسمه بحروف من ذهب في سجل السلام العالمي والتغيير، عمل بشدة وبتصميم على تحقيق طموحات مواطنيه الناخبين والحالمين عبر الأرض ممن يتابعه ..وبدأ في تحقيق الانجازات التي تؤهله لجائزة نوبل للسلام بعد حيازتها وليس قبل ترشيحه لها حتى ..في فعل عكسي يحصل لأول مرة في تاريخ البشرية .
فعمد إلى حل الكثير من مشكلات سلفه من الرؤساء ، كانت أشبه بالعقد الدبلوماسية بالتنازل حينا وحيناً أخر بالقوة الناعمة ، دون أن يستخدم القوة العسكرية مطلقاً ، فعمل على تطبيع العلاقات مع كوبا كاسترو ، بعد خمسين سنة من الحصار على الجزيرة الشيوعية ، و خطب في جامعة القاهرة خطاباً موجهاً الى الأمة الاسلامية أنها ليست عدواً ، و مارس ضغوطاً وانتقادات هائلة على اسرائيل توجت برفع علم فلسطين في الأمم المتحدة و قبلها عدم استقبال بنيامين نتنياهو ، واستطاع إنقاذ أوكرانيا من براثن الدب الروسي وإعادتها الى اوروبا ، وأخيراً وليس أخراً انجز الاتفاق النووي الايراني ، الذي حاز على موجة كبيرة من الانتقادات ومن التصفيق في الآن عينه ، ولكن حلم اوباما للسلام لن يتحقق طالما الجرح السوري مفتوح في عهده ، دون أن يستطيع أن يتقدم في حله بعجز كبير وواضح ، فالمسألة السورية أضحت عاراً للبشرية جمعاء ، خراب وخسائر ومجازر لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية ، عجز دولي امام انتهاكات لجميع القوانين والأعراف الدولية من حقوق للإنسان والبيئة والتراث العالمي ..وهو واقف بحيرة أمام هذا الدم ، مما دعا موقعي البيان الى طلب تجميع أكبر عدد ممكن من التوقيعات على لسحب نوبل للسلام منه ، لان الدم المسفوك في عهده المسمى عهداً للسلام ، تجاوز الدم المسفوك في عهد سلفه جورج بوش الموسوم بعهد الحرب .
ويبقى الشعب السوري ينتظر .
التعليقات (2)