عن خطاب الكراهية تجاه الوجود الكُردي

عن خطاب الكراهية تجاه الوجود الكُردي
ربما كان للترجمات الفلسفية من اليونانية إلى العربية أثر بليغ في تنويع وتطوير الفكر العربي, وهذه تُحسب لأصحاب الفكرة حين ذاك. كما أن نشر الثقافة والفكر العربي أثناء الفتوحات الإسلامية بلغت درجة عالية من نشر الحضارة الإسلامية بلبوسها العربي. من جهة أخرى حاول  رواد الفكر العربي إحياء الحالة القومية وإخراجها من حالة الركام والحطام السياسي والثقافي التي انتهت إليها الحالة العربية نتيجة السياسات الشوفينية للأنظمة المتعاقبة على سدة الحكم في أغلب البلاد العربية، والتي كانت من آخر اهتماماتها وآخر أولوياتها الالتفات إلى  خلق حالة جديدة يُمكنها شقلبة البنية التقليدية واستبدالها ببنية حديثة قائمة على مبدأ الحريات الفكرية والسياسية. فراحت تلك الأنظمة تُرمي فشلها على الأقليات الموجودة لديها, مما دفع بالجموع إلى اتخاذ ردود فعل عنيفة ضد كل آخر مختلف. بقيت الحالة على ما هي عليه، زيادة الفجوة بين الواقع والمنطق المعاش عربياً, والاستمرار في اتهام كل مختلف لغوياً وقومياً وتحميله سبب مشقة الوعي العربي الفكري والسياسي.

الحقد على القوميات واللغات المغايرة

إن مخرجات ونتائج الحروب المغولية والعثمانية والأوربية والأمريكية وانعكاسها السلبي على الدول العربية قد خلقت هاجساً لدى المكون العربي تجاه أي آخر غير عربي, خاصة وأن الفكر العربي يصر على أنه تعرض للاستلاب والاختراق, وخلق هواجس مريبة لديهم, ووجدوا أنفسهم ضمن دائرة نظرية المؤامرة, والحقد تجاه كل من لا ينتمي إلى ثقافة عربية خاصة أولئك الذين يجاهدون في سبيل الحفاظ على الذات, والكيان, والفكر, والثقافة المختلفة عن الوضعية الفكرية العربية. والمفارقة الرهيبة تكمن في موضوع اللغة, ففي الوقت الذي جاهدت الأنظمة المتعاقبة في كل من إيران وسوريا والعراق وتركيا على محاربة اللغات الكُردية وبدرجات أقل كثيراً السريانية, وتشويه الأدب الكُردي ووضع العراقيل والموانع أمام اللغة الكُردية, إلا أن الشعب الكُردي بقي مواظباً على لغته والاهتمام بها وصيانتها, على الرغم من جميع العقبات والمعوقات والمخاطر التي تواجه كل من يساهم في الحفاظ على هذه اللغة, وفي الوقت عينه نجد أن اللغة العربية وعلى الرغم من الدعم والاهتمام والإمكانيات والقداسة الدينية لها, إلا أنها تعاني من الإحجام عنها وتعاني من اختراقها بمصطلحات ومعاني غير عربية, وتعاني من وطأة آلاف المفردات غير المستعملة وغير الضرورية فيها. لقد دأب الفكر العربي على الاستمرار في مقولة أن الآخر قد سرق المنجزات الحضارية وسلبت منهم, واستفاد الغرب منها لبناء حضارته, وعلى هذا دأب الخطاب العربي على قهر وقسر الحضارات واللغات التي يتعايش معها, لإثبات نجاحه وبقائه وديمومته وأفضلية العنصر العربي, خاصة وأن هاجس الآخر المختلف والمتطور قد بدأ يطفوا على فكر العنصريين والمغالين, حيث كانت بواكير الثقافة والفكر والأدب الكُردي قد لفحت وجوه المتمترسين خلف وشاح الخوف والعنصرية, فالرقم والفخار والحضارة والزراعة منذ عهد الكوتيين والميديين والإمارات الكردية كانت طافحة كالشمس, إضافة إلى رقي اللغة الكُردية ومستواها الأدبي الرفيع كلغة هندو أوربية, وكنتيجة طبيعية بدا الفكر والخطاب الكُردي كرد مباشر على الخطاب العربي, بالتغني بالأمجاد والفتوحات وإدانة الاتفاقيات الدولية التي قسمت كوردستان

دون أن نغفل أن الخطاب الأرمني والأشوري والسرياني لم يكن بعيداً عن هذه الحالة.

تحميل وزر فشل الشخصية العربية

الهاجس الأكبر لدى الفكر العربي كان هاجس إحياء التاريخ والحضارة واللغة العربية, رداً على محاولات التغريب التي مورست على الفكر والشخصية العربية.

 كل هذه الأمور ساهمت أكثر في رفع وتيرة التحجر الفكري لدى غلاة الفكر العربي, وأصحاب نظريات أحقية التفرد والوجود, ومنع المشاركة المختلطة في أي إدارة أو حكم.

في الوقت الذي كان يجدر بهم الالتفات إلى القواسم والأنساق المشتركة التي جمعت الشعوب الشرقية في نمطية معيشة سياسية وفكرية وثقافية ولغوية متشابهة, وحتى مشتركة في حالات كثيرة, نجد أن أمثال أحمد صلال وهم كُثر يلجؤون إلى التشويه المتعمد, معتمدين على إرثهم البعثي والشوفيني والعنصري تجاه كل آخر قاوم شتى أنواع الصهر والقهر والإلغاء, ووصلوا بفكرهم إلى خلق ظروف تخدم المصلحة الكُردية, في مقابل سعي الشخصية العربية وفي كوردستان سوريا تحديدا, إلى تشويه وتمسيخ ذاتها, وكأن الكُردي هو السبب في مآسيهم اليوم, ومآسيهم بالأمس. لا شك أن الشخصية السنية في كل من سوريا والعراق هي الأكثر ضرراً من جميع المتغيرات التي طرأت على المنطقة بدءاً من انهيار المنظومة الشيوعية وحتى بدايات الربيع العربي, وكانوا أكثر المقدمين لفاتورة الحرب في سوريا والعراق, لكن ما يجب التأكيد عليه أنهم حصدوا حالة تشرذمهم وخلافاتهم وانجرارهم وراء مشاريع وهمية وسرعة التصديق لهوس السلطة والمال عبر مختلف التنظيمات العسكرية. لا أحد يُنكر أن الشاب السني هو ضحية الخوف, والفقر, والحرمان, لكن لا أحد أيضا يستطيع إنكار أن تلك الموبقات ليس بعيدة عن صنيعة يديه.

الكُرد والحوار المنشود.

كانت الشخصية الكُردية على الدوام تسعى نحو الحوار والتواصل مع العمق العربي, ومحاولة إبعاد الأفكار والقوالب الجاهزة, مع التأكيد على جانب أتباع طرائق خاطئة في فترات كثيرة, لكن لم تجد الشخصية الكُردية نفسها مطلقاً وعبر جميع بيانات وأدبيات أحزابها وكتبات مثقفيها وتصرفات عشائرها, لم تجد نفسها مترفعة عن الحوار الكُردي – العربي, علماً أن التاريخ يجهل أيّ محاولة أو مبادرة للحوار العربي –الكُردي, كانت المبادرات والخطوات على الدوام هي من الجانب الكُردي. وحتى اليوم منذ بداية الثورة والكُرد مندفعون بشدة نحو مفاهيم العدالة الانتقالية لتطبيقها في المرحلة المقبلة, وفق آلية إحقاق الحق ومحاسبة الجناة بشكل قانوني بعيد عن التصفيات أو الانتقامات, وخاصة كل ما يتعلق بمصير القرى  والأراضي الزراعية التي سيطر عليها المغمورون بتوجيه ودعم وقرار من النظام السوري في تلك الفترة.

التعليقات (13)

    غزوان حميدي

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    الواقع أن المقال مُثير للشفقة! (الرقم والفخار والحضارة والزراعة منذ عهد الكوتيين والميديين والإمارات الكوردية كانت طافحة كالشمس). يبدو أنك تهذي! عن أية رُقم و أي فخار تتحدث و أية إمارات كردية؟ يبدو أنك تتناسى أن الإمارات التي تتحدث عنها لم تكن موجودة عندما بدأت الزراعة قبل 8 آلاف سنة في وادي الرافدين و كل دارس للتاريخ و الآثار يعلم تمام المعرفة أن هذه (الإمارات) التي تتحدث عنها كانت طارئة و دخيلة على المنطقة العربية و لم تتمكن من التغلغل بشكل كامل إلا مع الأخميني قورش و كل دارسي التاريخ يعلمون

    غزوان حميدي

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    أن الإمارت الكردية التي تحاول دحشها في التاريخ ليس لها وجود حتى بداية العصر الإسلامي. الأمر الآخر أنك تحاول تسويق خطاب يتطابق إلى حد كبير مع الخطاب الإسرائيلي في طريقة تصويره للعرب.

    مراقب

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    المقال جيد علقوا بوقائع وحقائق وليس تهم ومسبات ناقشو افكار وليس اشخاص

    رداد جفال

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    لاتقل تاريخ ولا هم يحزنون لا اكراد ولا عرب قبل الاسلام لم يكن لهم تاريخ ولا وجود يذكر بين الامم الاكراد كانوا يسموهم "بدو الفرس" هائمين في جبال كردستان والعرب كانوا قبائل وبدو يقتلوا بعضهم البعض حتى جاء الاسلام ورفع من شان العرب حتى وصلوا قلب اوروبا قبل الاسلام كان تاريخ العرب والاكراد لايرقى للحديث عنه ...واخيرا اختم ان لا فرق بين عربي وعجمي الا بالتقوى

    محمد كوردي

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    يا اخي الكورد والعرب يتعيشون منذو الاف السنيين كا الاخوة والقاسم المشترك بينهم هو الدين الاسلامي الحنيف الكل يعرف من هم الغرباء في المنطقة هم المغول الذين هدمو الحضارة الاسلامية واليوم يتمثلون باسم الاتراك ويشقون الفتنة بين الكورد والعرب والهدف واضح هو استلام الزعماء الاسلامية يجب ان نميز بين الاخ والعدو يا اخي المسلم

    سمير

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    مقال مثير للضحك عنصري بامتياز الأرض أرض العرب من ألاف السنين قال ميديين ورقم قال ههههههه

    طارق السيد أحمد

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    كاتب حاقد عنصري ضد العرب لايختلف عن البعثيين الذين يكرهون الأكراد لايليق بأورينت أن تسمح له بالنشر 1- شماتته بالعرب السنة في العراق هي وضاعة في الطرح أخلاقيا 2- الفكر العربي القومي ليس مقبولا عموما في بلادنا فهو صنيعة أنظمة استعمارية أوروبية ودكتاتورية عربية فلايسمى فكرا عربيا لكنه تجاهل هذه الحقيقة البدهية 3- الفكر السياسي المقبول عموما في بلادنا هو الإسلامي المعتز بصلاح الدين كالبخاري ولاكراهية سياسية أو إيديولوجية ضد الأكراد لدى الشعوب 4- نجاحات شمال العراق مرتكزة أساسا إلى أمريكا وإس

    طارق السيد أحمد

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    نحن نعلق كما نريد احتفظ بتعليماتك لتلاميذك ولكن الكاتب حاقد ومشحون عنصريا وهذا لايليق بالأكراد وارثي الحضارات الرائعة لدينا إخوة قوميون وإسلاميون أكراد نحترمهم لكنهم لايشمتون بالعرب السنة في العراق ولاينسبون ظلم البعث للشعوب الاي ليس لديها عداء حقيقي إلا مع الإسرائيليين لذلك تستريب بالدولة الكردية بسبب علاقتها الوثيقة بإسرائيل

    داوود ابو شيرين

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    شكرا للكاتب . لدى قراءة التاريخ نجد مسح او محو فترا كاملة كانت تتواجد امارات كردية له ثقافة خاصة به وكما يقول الباحثين الالمان ان الفلكلور الكردي هو يحتل الترتيب الاول في العالم وهذا ابسط دليل على قدم وتجذر الشعب الكردي . من جهة دراسة الواقع الاكراد هم المبادرون والسباقون للتعايش المشترك وقبول الآخر والتسامح ونشر هذه الثقافة في المنطقة .

    qqqq

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    كم انتم شعب عظيم يااكراد لقد تكالبت عليكم جميع الحاقدين والبؤساء والدخلاء من اصقاع الارض بااكاذيبهم وطمس الحقائق ليغطو الشمس الكردي بغربالهم المصدي ولكنهم لم ولن يفلحو.

    ردود

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    إن الاعراب اشد كفرا . هذا هو نقاشكم شكرا لتأكيدكم لنا بأنكم لستم دعاة نقاش ولستم دعاة سلام بل انتم دعاة حرب ودم انظر ل دقيقة واحدة فقط الى تاريخكم المليئ بدم الابرياء ولكن ب أذن الله طالما لنا روح ونتنفس سوف نأخذ اراضينا وبالقانون ياا دعااة القانون ...

    عباس الرافي

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    دققو جيدا ليس المشمول الفعرب, بل الحالة الفكرية التي اوصلتها الانظمة العربية, وحالة الشعوب التي وجدت نفسها تحت ضغط وحكم الهمج. الشاب السني دفع فاتورة الفقر الممهج الذي طبق عليه, ودفع فاتورة الحرمان الذي عاشهو فاخطأ كثيرا واوصل الدمار الى باب داره, انتسب الى جميع الكتائب المسلحةو وفي كل مرة كان يموت هو ويخرب بيته. الكاتب يحاول التفرقة بين حالة كوردية قرات الثورة بشكل سليم, وحالة فكرية عربية سورية عراقية قرات الثورة من منظور رمي الذات الى التهلكة

    زائر

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    المقال واضح, الكاتب يلقي الضوء على حالة الفكر العربي الهشة التي نبتت بسبب القمع من الانظمة, هو لا يقصد الاهانة او العنصرية, هو يشرح كيف ان الفكر العربي نسي كا هو المطلوب منه, واقتصر فقط ع عدّ الكوردي سبب ماسيه. الشاب السني هو الضحية الاكثر في هذه الحرب وهذه حقيقة للاسف
13

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات