إذا كان القصد من كتابة التقرير، التحريض السياسي على الأسدية أو طائفيتها، فالتقرير يعطي مفعولاً عكسياً. السبب هو أنه لا يوجد مجلس ملّي لدى الطائفة العلوية أساسا. السبب الثاني أن التقرير يذهب بعيداً، في محاولة الوصول إلى أن المجلس الملي هذا هو الحاكم، مما يبرئ الأسدية من جرائمها، ويحيلها إلى شبح غير مؤسسي حتى وإن وجد.
لم يكن هنالك في تاريخ الطائفة العلوية، وجود مثل هذا المجلس. أتحدث عن مجلس معني بالشؤون الدينية والحياتية للطائفة. هنالك وجهاء علويون يجتمعون ارتجالياً، في مناسبات قليلة لبحث موقف ما، كما يحصل في أي قرية سورية. لكن مجلس بمعنى مجلس لا يوجد في سورية مجلس يحكم الأقليات الإسلامية أبداً، ولا حتى عند الدروز -مشايخ عقل متنافسون متصارعون غالبا -أو الإسماعيلية-مكتب الأغا خان-أو حتى الشيعة تشكل اتباع ولاية الفقيه بعد تولي الخميني مقاليد السلطة في إيران، هذه معلوماتي المتواضعة أعتقد أنها صحيحة. كما أنه غير موجود مثل هذا المجلس عند الأكثرية السنية السورية.
عند المسيحيين أيضاً غير موجود. القول بالمجلس الملّي يعني أنها مؤسسة تحكم الطائفة وسلوكها، ويستطيع تبديل الأسد. هذا أمر يدعو للنكتة وعدم معرفة للوضع السوري الأسدي. حتى على فرض أن هنالك شبه مجلس، ممن كان يراهم الأسد أعيان للطائفة من مشايخ أو ضباط متقاعدين، أو ضباط تحولوا لمشايخ، هذا يكون الأسد قد شكله عرفيا – استشاريا - كي يخدم سلطته المطلقة على الطائفة، كما على الشعب السوري. مثله مثل مجلس الشعب الاسدي. الأسد ديكتاتور لم تأتِ به الطائفة العلوية للحكم، هذه حقيقة كنت كتبت عنها عدة مرات.
استغلال الأسد للطائفة وقدرته على توظيف شبابها لحماية نظامه ورشوتهم، واشكال التفاعل التي حدثت بين جماهير الطائفة والنظام الاسدي، شكلت حدثا خاصا علينا قراءته، وفق تطوره الخاص منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. لا تعني أن هنالك مجلساً علوياً، كما لا تعني على فرض وجود هذا المجلس، أنه حاكم لسورية، وهو من ارتكب جرائم الأسدين بحق الشعب السوري. تطور النظام الاسدي منذ تسلمه وزيرا ًللدفاع في سورية عام 1966 ، لكي يصير نظاماً أسدياً طائفياً. ليس نظاماً علوياً. مثال يذكره بعض المتفقهين بقضية المجلس الملي العلوي، عن وجود آل كنج وآل الأحمد، علما أن هاتين العائلتين لم تتعاطيا مع الاسدية طوال فترة حكم الأسد الاب. وبقيت عائلة الاحمد مغضوبا عليها. وآل كنج عائلة اقطاعية حجمها البعث بقيادة الأسد.
نعود للب الموضوع. طائفية النظام الاسدي قضية متفق عليها عند اغلب السوريين. لكن هل هو نظام علوي محكوم من مجلس ملي؟ افيدونا باسم شيخ واحد علوي موجود بهذا المجلس. ما هو مركز قوته؟ ومن أين يستمدها؟ أو اسم ضابط متقاعد واحد لم يكن حذاء عند الأسد، عضواً في هذا المجلس استناداً إلى قوته الأهلية أو السياسية بعيداً عن خدمته لآل الأسد؟ كي لا نبقى عدميين!!! ربما يكون هنالك ما يشبه مجلساً بين مشايخ الطائفة، كمحفل سري. لكنه لا يقرر شيئا في شؤون الاسدية. تماما كحال بعض مشايخ السنة أو مشايخ العقل او البطاركة.
أعود للخبر أتمنى على الشباب في أورينت أن يكونوا كما عهدتهم من المصداقية والحرفية. يبقى علينا مناقشة وضعية أدونيس تبعا لهذا التقرير، أدونيس يمكن أن يكون في أي مجلس يخدم مصالحه الذاتية، ويكون له فيه كلمة. كما أنه يمكن أن يزور إسرائيل كي يحصل على نوبل. لكن لن يزور إسرائيل كرمى لأحد آخر، حتى وإن اتضحت طائفيته العلمانية. يدافع عن النظام الاسدي لاعتبارات تخصه!! ربما عقدة "الاسلام فوبيا" من أجل نوبل، أو من أجل نيل رضا خامنئي. مع الإصرار على علاقة جيدة بالعائلة المالكة السعودية! الاسدية تحكم العلويين مثل حكمها للسوريين، حكمها بأسلوب طائفي كتبت أنا وغيري عنه الكثير. أهل الغرب يعرفون ذلك أيضا. ربما يحاول بوتين نفسه تشكيل مثل هذا المجلس من أجل سياسته الخاصة في سورية. خاصة وأن يديه أوغلت بالدم السوري. وتحية لمحطة أورينت وشبابها، لانهم يستحقون. من يعمل يخطأ.
التعليقات (10)