الأب باولو.. كل عام وأنت حرٌّ في ذاكرة السوريين

الأب باولو.. كل عام وأنت حرٌّ في ذاكرة السوريين
يصادف اليوم عيد ميلاد "الأب باولو" الذي تمّ  اختطافه من قبل تنظيم داعش منذ عامين، وبالرغم من كون الأب باولو شخصية كان لها حضورها الثوري والإنساني في الثورة السورية، وبالرغم من مواظبة الإعلام على تسليط الضوء حول  مصيره المجهول حتى هذه اللحظة، إلا أن هناك العديد الذين لايعرفون من هو الأب باولو قبل الثورة السورية، وماذا فعل هذا الراهب الإيطالي ، سوريّ الهوى، لأجل الثورة وأبنائها.

من هو الأب باولو

ولد باولو دالوليو في العاصمة الإيطالية، وبدأ حياته الكهنوتية في سلك الرهبنة اليسوعيّة، إلا أن زيارته إلى سوريا في بداية الثمانينيات غيرت مجرى حياته، إذ اكتشف آثار دير"مار موسى الحبشي السرياني" شمال دمشق، فقرر إعادة بنائه من جديد، وأقام فيه لسنوات طوال، وتمكن من إحياء هذا المكان الخارج عن العالم ليستقطب آلاف الزوار.

إلا أن الجدير بالذكر هو محاولة الأب باولو كسر الحواجز ما بين المسلمين والمسيحين في سوريا بعيداً عن خطابات التآخي بين الأديان، والتي كان يرددها النظام عبر أبواقه، فكنسية الأب باولو كانت تفتح أبوابها للمسلمين الذين يأتون لأجل النقاهة ومن دون أي خشية من التبشير المسيحي، بل على العكس كان يسمح لهم بالصلاة داخل الكنيسة المفرووشة بالسجاد الطاهر والمخصص للصلاة الإسلامية، كما أن حائط الكنيسة الجنوبي"القبلة" المتجهة نحو مكة يخلو من أية رموز دينية مسيحية.

الكنيسة ملجأ للثائرين

لما كان الأب باولو يشعر بالانتماء السوري بعد أكثر من ثلاثين سنة تخلى فيها عن العالم ليعيش في سوريا وليغدو واحداً من أهلها، ولأنه عاصر الاضطهاد الذي مارسه كلّ من الأسد الأب والابن بحق الشعب السوري، لذا كان من الأوائل الذين كتبوا حول ضرورة الانتقال الديمقراطي في سوريا عام 2011، وكان يدرك تماماً أن النظام لن يسمح بأي انتقال ديمقراطي في السلطة.

ومع ازدياد حملات القمع والاعتقالات تحولت الكنيسة التي يديرها الأب باولو إلى ملجأ لكثير من السوريين،الذين يبحثون عن ملاذ آمن لهم في ظل حملة الاعتقالات والمداهمات، بل والنزوح أيضاً، غير أن استمرار النظام بعنفه الدموي ضد المظاهرات السلمية، دفع الأب باولو إلى الانخراط بالأعمال الإغاثية ولاسيما في المناطق المنكوبة، فقام بنقل المعونات عبر المحافظات السورية، وسرعان ما انخرط بين صفوف الثوار بعد أن أصبح مطلوباً لأفرعة الأمن، وواكب تأسيس الجيش الحر، وتنقل بين معاقلهم مكتسباً محبتهم واحترامهم  بناء على احترامه للدين الإسلامي وعاداته وتبجيله لثورتهم ثورة الكرامة مما جعله قريباً من الكثيرين ومحبوباً منهم.

كما أنه ساهم بنقل صوت السوريين الثائرين إلى كل العالم، وجعل ذلك من أهم مسؤولياته، فلم يتوانَ بأي مناسبة عن التواصل مع وسائل الإعلام الغربية، لينقل إلى الغرب أسس هذه الثورة وأهدافها وأحلامها، وليوضح المصداقية الحقيقية للثورة التي سعى نظام بشار الأسد إلى تشويهها في الإعلام الغربي.

الأب باولو والجيش الحر 

يقول الأب باولو في إحدى الحوارات التي أجريت معه" دخلت بيتًا من بيوت الجيش الحر على خطوط الاشتباكات، وأثناء الزيارة طلبت أن أذهب إلى المرحاض فوجدته غاية في النظافة على غير العادة مع المراحيض التي يستخدمها العسكر، فقلت لهم هذا المثال على بساطته هو مؤشر علىالتبدل الذي طرأ على هؤلاء الجنود المنشقين حتى أنهم أصبحوا في أبسط الأمور يبحثون عن الشفافية والنظافة. هذا ناهيك عن أن العلاقات كانت فيما بينهم علاقات أناس أحرار، لا بل إن ملامح المواطن الحر كانت واضحة في وجوههم ومحياهم. أنت أمام أناس أحرار، أنت أمام إنسان جديد تشعر بذلك من الوهلة الأولى من ملامحهم ومن جلستهم ومن شدة الظهر ومن نظرة العين ومن غياب الازدواجية وغياب الخوف. تشعر أنه لم يعد هناك شرخ بين الصورة والحقيقة.

الأب باولو وداعش

بعد تحرير مدينة الرقة، ذهب الأب باولو إليها والتقى هناك العديد من الثوار والناشطين، وقرر التقاء قادة تنظيم الدولة" داعش" في سعيه لمحاولة إطلاق سراح صحفيين فرنسيين. وقيل إنه ذهب إلى المقر وما إن دخل حتى اختفى.

والجدير بالذكر أن الأخبار تباينت حول مصيره، فثمة أخبار تؤكد استشهاده في اليوم الذي دخل إلى المقر على يد السعودي "كساب الجزراوي" بعد ساعتين فقط من توقيفه، حيث قام المدعو، الجزراوي، بإعدامه بالرصاص بأربع عشرة طلقة من مسدسه، وتم إلقاء جثته فيما يعرف بالرقة" بالهوتة"، وثمة أخبار أيضاً عن  المفاوضات التي أجرتها منظمات إنسانية وحكومة إيطاليا للإفراج عنه بعد التأكد أنه على قيد الحياة. إلا مصيره مازال مجهولاً كحال الكثير من المغيبن في سجون داعش.

 

 

 

Yo7qSuqgydk

التعليقات (1)

    حسان

    ·منذ 8 سنوات 5 أشهر
    رحمه الله عليك شكرًا لكاتب المقال
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات