"قنابل القرد" وصواريخ عابرة للقارات

"قنابل القرد" وصواريخ عابرة للقارات
مشهد قاذفات القنابل الاستراتيجية الروسية و هي تطلق صواريخها "الطوافة" التي يصل مداها إلى آلاف الكيلومترات، غطى على مشهد "قنابل القرد" التي كشف الأسد أخيراً أنه بدأ بإلقائها من طائراته، عبر فيديو نشرته قنوات روسية من مطار حماة العسكري، فعلى الرغم من البون الشاسع في مستواهما التقني، لكن هذين السلاحين لا يختلفان كثيراً في طريقة الاستخدام والهدف والنتيجة.

تويول95

قاذفات استراتيجية<1>:

خلال تاريخه كله لم يتسنَ للاتحاد السوفيتي استخدام قاذفاته الاستراتيجية في أي عملية عسكرية (عدا عن عمليات محدودة لقاذفات توبول22 في افغانستان).لتأتي روسيا التي ورثت الاتحاد السوفيتي و قاذفاته التي لم تُستخدم أيضاً سوى بشكل محدود جداً خلال حرب جورجيا 2008، التي خسرت فيها روسيا أكثر من عشرين طائرة متعددة الأنواع منها قاذفة "توبول22" (أثناء عملية استطلاع و ليس قصف).فعقب انهيار الاتحاد السوفيتي خطفت أمريكا عدة أشياء من بينها الهيبة العسكرية، التي كان أحد عوامل فرضها في الأذهان سلاحين أساسيين هما قاذفات القنابل بأنواعها، والصواريخ "الطوافة" التي كان لها الكلمة الأولى في عدة حروب في الشرق الأوسط و أوروبا، خرجت منها أمريكا منتصرة و محملة بأكداس من صور مقابر السلاح السوفيتي .المبرر الوحيد لروسيا لاستخدام القاذفات الاستراتيجية خاصتها في سوريا هو الرغبة باستعادة سمعتها و مكانتها، و إعادة تسويق نفسها على أنها قوة عظمى قادرة على غرار أمريكا على نشر قاذفاتها الاستراتيجية خارج حدودها و استخدامها . فلا يوجد مبرر عسكري حقيقي لاستخدام الروس لقاذفاتهم الاستراتيجية في سوريا، و خاصة مع صواريخها"المجنحة" ذات المدى الذي يصل لعدة ألاف من الكيلومترات، فالطريقة التي استخدمت فيهف" التي أطلقت عليها هذه الصواريخ (إن وجدت)، لا تطابق بأي شكل الطريقة والعقلية التي صممت بها هذه القاذفات و الصواريخ . فلم تصمم جميع هذه القاذفات للعمل في بيئة مشابهة لطبيعة العمليات في سوريا، فهي بحاجة لأهداف ضخمة وواضحة وثابتة، مثل المطارات والقواعد العسكرية وتحشدات القوات ومراكز القيادة وغيرها فلا يوجد لدى الثوار أي شيء يمكن اعتباره (بنية تحتية) تحتاج قصفها بالقاذفات الاستراتيجية، وخصوصاً بسبب وقوع كامل المنطقة التي قد تستهدفها روسيا ضمن النطاق العملياتي الفعال لمعظم الطائرات التي نشرتها روسيا في مطار حميميم . كذلك لا يمكن استخدامها لتقديم دعم ناري مباشر لقوات النظام وضرب قوات الثوار المدافعة وخطوط انتشارها، لكن قد تستخدمها القوات الروسية لضرب مناطق الثوار البعيدة عن خطوط المعارك.إضافة لكون طائرات النظام دمرت كل ما يمكن تدميره خلال السنوات الخمس الماضية .

قنابل القرد محملة على طائرة

رؤوس تقليدية <2>:

أطلقت القاذفات الروسية في ضربتها مجموعة من أحدث ما لدى روسيا من"صواريخ طوافة" لم تستخدم قبلاً في أي عمل عسكري صممت هذه الصواريخ بمجملها لتحمل رؤوساً نووية يستطيع بعضها مسح مدينة كاملة، لكن الصواريخ التي استخدمت في الضربة تحمل رؤوساً تقليدية لا يتجاوز وزن الرأس 500 كغ، ما يعني أن الصاروخ بالكاد يكافئ قنبلة طائرة زنة 500 كغ، والتي تستطيع طائرة ميغ 23 إلقاء ستة منها، و تستطيع طائرة سوخوي 24 حمل أكثر .حتى لو كان الرأس الحربي للصاروخ يحتوي مواد متفجرة "أكثر فاعلية"، فهو لن يتجاوز في تأثيره تأثير قنابل زنة 1500 كغ التي يعتقد أنها استخدمت ايضا في سوريا، أو حتى صواريخ سكود التي يبلغ الرأس الحربي فيها بحدود 1000 كغ . ما يعني أن هذه الصواريخ لم تقدم جديداً للقوة النارية للجيش الروسي في سوريا و لا حتى لجيش النظام .

أي أن تأثير مجمل الضربة الروسية الصاروخية التي أطلقت فيها روسيا 38 صاروخاً، أقل من نصف المجهود اليومي لطائرات سوخوي 24 فقط الروسية في سوريا.حيث من المعتاد خلال الحملة الجوية الروسية إلقاء طائراتهم ثماني قنابل دفعة واحدة، تعادل الواحدة منها صاروخاً من التي أطلقتها القاذفات الاستراتيجية، ما يجرد تلك الصواريخ من أي قيمة عسكرية حقيقية في الحالة السورية .

صاعق طرقي مشابه لصواعق البراميل

قنابل عملاقة<3> :

استخدام القاذفات لإلقاء القنابل وارد جداً ولا يخرج عن إطار الحملة التي تشنها روسيا لتعزيز صورتها كقوة صاعدة تحاول استعادة أمجادها المندثرة فتلقي هذه القاذفات طيفاً واسعاً من القنابل التقليدية التي تلقيها الطائرات الروسية النشطة في سوريا منذ أكثر من شهر، إضافة لقدرتها على إلقاء قنابل أكبر يصل وزنها عدة أضعاف القنابل المعتاد استخدامها .الغارات بالقنابل التقليدية شديدة الانفجار لن تكون مختلفة عن الغارات التي تشنها الطائرات الروسية من مطار حميميم حالياً، لكنها ستسبب كما أكبر من الخراب و القتلى بسبب  استهداف المناطق المدنية، و خصوصاً بسبب إلقائها عدداً أكبر من القنابل و انتشارها على مناطق واسعة .لكن المشكلة الحقيقية هي أن القوات الروسية قد تستخدم قنابل "غير تقليدية" مع هذه القاذفات، وتجربها ضد بلدة صغيرة أو أحد المناطق أو المنشئات الكبيرة في مناطق تابعة للثوار، وبخاصة المنشآتت التي تبعد عدة كيلومترات من المدن أو البلدات كمحطات الكهرباء أو صوامع الحبوب، أو المطارات المسيطر عليها من قبل الثوار، و حتى محطات تصفية المياه و غيرها .

خ 55

حرب نفسية :

يعرف الروس قبل غيرهم مدى محدودية تأثير الضربة الصاروخية الأخيرة وعدم جدوى الاستمرار في مثل هذه الضربات، بسبب عدة عوامل منها عامل التكلفة الكبير لكل ضربة والذي يتجاوز تكلفة الغارة الجوية المعتادة بعدة مرات( إلا إذا وجد ممول سخي للضربات الجوية الروسية ) .كذلك هنالك الكثير من اللغط حول المناطق التي سقطت فيها هذه الصواريخ ومدى دقتها و تأثيرها.فلا يعرف تماماً أين سقطت عدة صواريخ، وبخاصة بعد سقوط صاروخ في حقل مفتوح، وسقوط أربعة صواريخ في إيران من الضربة السابقة، ووجود تسجيلات لما يعتقد أنه انفجار أحد هذه الصواريخ في الهواء في ريف إدلب (ما يعني بوجود نسبة فشل كبيرة) .إضافة لعدم وجود أهداف "حقيقية" يمكن ضربها، فحتى خلال حربها في جورجيا لم تستخدم روسيا هذه الصواريخ، على الرغم من وجود قواعد عسكرية واضحة يمكن استهدافها، بل فضلت قصفها بالقنابل من قاذفات تكتيكية. لكن الروس يستخدمون قاذفاتهم وصواريخهم في محاولة لتخويف وتهديد الفصائل العسكرية التي سترفض الحل العسكري المفصل بمقاسات روسية لبقاء الأسد . بينما تجرب روسيا صواريخها الموجهة بالأقمار الصناعية، لا يزال طياروا النظام يقلعون كل يوم لقصف القرى والبلدات، بعد أن يحملوا طائرات ميغ 21 و ميغ 23 "بقنابل القرد" المصنعة من أنابيب معدنية، و التي لا تختلف في أثرها وأهدافها عن صواريخ روسيا الموجهة بالأقمار الصناعية، فكلاهما ضحاياهما من المدنيين<4> .

قنابل القرد مجهزة و بدون طلاء ما يعني أنها غير معدة للتخزين بل للاستخدام المباشر

هوامش :

<1>قاذفة استراتيجية :

 طائرات قاذفة تتصف عادة بالضخامة والحمولة الكبيرة والمدى الطويل، الذي يؤهلها للعمل في عمق العدو، وهي مخصصة أساساً لقصف البنية التحتية، والتي يؤثر تدميرها على القدرة الكلية للعدو وقدرته على مواصلة القتال .أعلنت روسيا أنها استخدمت ثلاثة أنواع لتوجيه ضربتها الصاروخية الأخيرة، توبول 22 توبول 160 توبول 95. حيث لم تشهد هذه الأنواع أي استخدام قتالي خلال تاريخها، و النوع الوحيد هو توبول 22 الذي استخدمه العراق لضرب إيران واستخدمته ليبيا لضرب تشاد. ويعتقد بإسقاط قاذفة ليبية بنيران مضاد للطائرات، في حين خسر العراق عدة قاذفات من هذا النوع بصواريخ جو-جو وأرض جو إيرانية .

<2>صواريخ( طوافة – مجنحة – جوالة  - كروز)  :

استخدمت روسيا عدة أنواع من الصواريخ الطوافة، والتي تطير على ارتفاع عدة مئات من الأمتارعن سطح الارض عند انطلاقها نحو أهدافها، وتمتلك جناحين مثل الطائرة وتوجه باستخدام منظومة توجيه معقدة أكثر بكثير من الصواريخ البالستية.تسببت هذه الصواريخ بالكثير من اللغط حول مصدر اطلاقها ومنصات اطلاقها، وافترض الكثيرون أنها جميعها نوعية واحدة، لكن فعلياً استخدمت روسيا ثلاث نوعيات .

كاليبر: و استخدم من السفن في بحر قزوين، يملك رأساً حربيا يزن حوالي 400 كغ فقط ويبلغ مداه بحدود 2500 كم .

خ55: بالروسية X-55 بالإنجليزية KH55 أطلقته القاذفات، ويملك رأساً حربياً بحدود 400 كغ فقط ومداه حتى 3000 كم .

خ101 : أطلقته القاذفات أيضاً، مداه حتى 3000 كم ورأسه الحربي 400 كغ .

حتى لو كان الرأس الحربي للصاروخ يحتوي مواد متفجرة أكثر فاعلية فهو لن يتجاوز في تأثيره تأثير قنابل زنة 1500 كغ، التي يعتقد أنها استخدمت أيضاً في سوريا، أو صواريخ سكود التي يبلغ الرأس الحربي فيها بحدود 1000 كغ .

حيث يبلغ القطر الفعال لقنبلة سوفيتية زنة 500 كغ حوالي 40 متراً (دائرة الخطر حوالي 160 متر ).

<3>قنابل عملاقة : تستطيع هذه القاذفات إضافة للقنابل النووية والقنابل غير التقليدية إلقاء قنابل ضخمة شديدة الانفجار، يصل وزن بعضها حتى خمسة أطنان وتسعة أطنان(يعتقد أن العراق استخدم بعض من أنواع هذه القنابل مع قاذفات توبول 22 ضد إيران ).

<4>قنابل القرد :

وهي قنابل مصنعة محلياً وتعتبر الجيل الأحدث للبراميل المتفجرة، لكن ميزتها أنها تلقى من الطائرات النفاثة، وسبب تسميتها قنابل القرد هو أنها محاولة لنسخ قنبلة سوفيتية، فكانت مطابقة لها بالشكل الخارجي لكن مختلفة بالمضمون .

coneg7fY5W0

 

 

التعليقات (1)

    ابو عادل

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    بالفعل قنابل القرد النصيري اسم على مسمى.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات