سوريا بين خط النار وخط الفقر

سوريا بين خط النار وخط الفقر

في بادرة غريبة أشبه بالكوميديا التي عودنا عليها مجلس الشعب السوري، طالب  بعض أعضائه حكومة النظام بدفع جزء من رواتب الموظفين بالقطع الأجنبي، وجاءت تلك المطالبة على خلفية انهيار سعر الصرف الليرة السورية،وارتفاع معدلات التضخم وانعكاساتها الحادة على معيشة المواطنين.

وردا على هذا المقترح رفض وزير مالية النظام بشدة معللا إن التداول بغير الليرة السورية يتعارض مع السيادة الوطنية.

وكانت السلطة الحاكمة قد شددت في الآونة الأخيرة على  منع التعامل بالدولار، أو القطع الأجنبي، من خلال  حزمة عقوبات تصل إلى عشر سنوات من السجن لمجرد الحيازة، كما جرمت تلك العقوبات حتى ناقل الأمانات المالية من الخارج الى الداخل.

وتأتي تلك الإجراءات القاسية في ظل أزمة اقتصادية خانقة يعيشها النظام ، كما تأتي على خلفية  التضييق على السوريين الذين يتلقون المساعدات من ذويهم في الخارج ، علما أن إمكانية التحويل النظامي معدومة بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على البنوك السورية.

وفيما  قال حاكم مصرف سوريا أديب ميالة إن سعر الصرف المتداول هو سعر وهمي ناشئ من المضاربة، وان صفحات على الفيسبوك هي وراء هذا الارتفاع، فإن عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق عزا ارتفاع سعر الصرف إلى قضية موافقات الاستيراد المتوقفة، خلافا لما يعلن عنه البنك المركزي.

 هذا، ويشير خبراء اقتصاديون أن النظام كان سباقا في رفع أسعار المواد التي يحتكرها  ومنها المشتقات النفطية بنسبة 800% وهي النسبة التي وصل إليها سعر الصرف مؤخرا.

وكان البنك المركزي قد فشل مرارا في الحد من انهيار الليرة، واكتفى في جلسته الأخيرة بمحاولة طرح الدولار في الأسواق بقيمة تقل عن السوق السوداء بخمس ليرات، وهي علامة على عجزه وانكفاء دوره إلى مضارب فقط.

في هذا المناخ، يعيش السوريون اليوم أزمة اقتصادية حادة  تمس أولويات وجودهم وقدرتهم على البقاء أحياء، كالغذاء والدواء والتدفئة في ظل شتاء قاس، وانعدام الكهرباء، ولعل مجرد مراقبة السوريين وهم يتسوقون طعامهم، نوعيته وكميته، يكفي لمعرفة واقع الحال المزري  الذي يعانون منه، والذي يصل إلى حد الجوع الفعلي.

أما المناطق المحاصرة فإنها تعيش مجاعة مرعبة جراء تضييق وحصار من النظام فقد ذكر نشطاء أن كيلو الرز والبرغل في مضايا المحاصرة، يصل سعره الى 60 دولارا وهو ما يعادل راتب موظف سوري.

يقول رياض صاحب بقالية في حي شعبي امتنعت عن شراء العديد من السلع لأنه من النادر أن يطلبها احد في هذا الحي، ومنها الألبان والأجبان والحليب،وهذا ما يؤكده تقرير حديث لليونسيف الذي يقول بأن 82% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.

من جهته قال مروان دباس رئيس اتحاد الحرفيين السوريين  في تصريح له ضمن الموقع الالكتروني "الاقتصاد اليوم" : إن الناس تعلمت طرقا غير مسبوقة في فنون الغش بحيث لم تعد هناك  أي مادة أو سلعة غذائية إلا وأصبحت مغشوشة بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الحقيقية إن وجدت.

هذا هو حال السوريين اليوم، موت ناري بكل أشكاله الوحشية يأتيهم من الجو والبر، وموت بطيء ينهش أجساد من تبقى منهم ومن عوائلهم في الداخل،علما أن اقتصاديين كانوا قد تنبأوا منذ بداية الثورة أن سقوط النظام سيكون من البوابة الاقتصادية لكن الدعم اللامحدود من أصدقاء النظام قد حال دون سقوطه الفعلي، لكنه لم يحل دون موت الناس جوعا،وبردا.

التعليقات (2)

    السوري

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    الأنسانية والضميرالعالمي حكم بالإعدام على الشعب السوري!!!!!

    السوري

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    الأنسانية والضميرالعالمي حكم بالإعدام على الشعب السوري!!!!!
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات