تراجع إنتاج القطن في الحسكة بنسبة 80% ومعاناة الفلاحين في ازدياد

تراجع إنتاج القطن في الحسكة بنسبة 80% ومعاناة الفلاحين في ازدياد
تراجعت زراعة القطن بشكل حاد في محافظة الحسكة السورية، إحدى أهم مناطق زراعته في البلاد خلال السنوات الأربع الأخيرة، فقد سجل المحصول أدنى مستوى له منذ زمن طويل، ولم تتجاوز كمية الإنتاج عشرين ألف طن، فيما كانت تنتج 300 ألف طن سنويا على الأقل، وهذه الأرقام تدق جرس إنذار يعبر عن خطورة الموقف.

وفي اتصال هاتفي مع الدكتور عبد الإله الفاضل من القامشلي، الباحث في مجال الزراعة، قال: إن "أسباب تراجع إنتاج القطن، يعود للظروف الأمنية بالدرجة الأولى، وتحول الأراضي الزراعية لساحات معارك، وعدم وجود جهة تتعهد بالشراء بالسعر، الذي يتناسب مع التكاليف، فالتجار يشترون القطن من الفلاحين بأسعار لا تغطي تكاليف إنتاجه"، مضيفاً "وتوقف النظام السوري عن شراء كميات القطن المنتجة في محافظة الحسكة، بسبب عدم القدرة على نقلها لسيطرة تنظيم الدولة على طريق عبوره إلى دمشق أو موانئ التصدير في الساحل".

وأوضح الفاضل، أن "زراعة القطن مكلفة، فالآبار تحتاج الكهرباء أو المازوت لاستخراج الماء، وهذا ما تحول دونه ضعف الإمكانية، وغلاء مستلزمات الأخرى، فضلاً عن ضعف تسويق المحصول"، مشيراً إلى أن "الفلاحين يعجزون عن ري الأرض بهذه التكلفة، إلا إذا اعتمدوا على نهر قريب أو مياه سطحية، استخراجها لا يكلف كثيراً، وهذا الأمر دفع غالبية الفلاحين إلى التوجه لزراعة محاصيل بديلة، مثل الكمون وحبة البركة (الحبة السوداء) لحاجتها لكميات مياه أقل".

وحسب الفاضل، أن مؤسسات الدولة كانت تؤمن مستلزمات الإنتاج بأسعار جيدة، وأيضا مبيدات المكافحة، وهذا غير متوفر حالياً بسبب الظروف الأمنية، حيث توقفت الوحدات الإرشادية عن العمل كما هجر سكان الريف قراهم بسبب الحرب، حيث بات الاعتماد على استيراد أو تهريب المبيدات من العراق وتركيا، ولأتوجد حتى تجارة منظمة فيها بسبب تراجع المساحات المزروعة.

اعتراف النظام بالتراجع الكبير في الإنتاج والمساحة

قالت جريدة "تشرين" الرسمية، "تراجعت زراعة القطن في الحسكة بهذا الشكل المريع مساحة وإنتاجاً من 240 ألف طن في المواسم الماضية إلى 24 ألف طن خلال الموسم الحالي، بسبب المعاناة في عدم إحداث مركز لاستلام الإنتاج في المحافظة، والطلب من المنتجين نقل إنتاجهم إلى محافظة حماة، وهو أمر ليس صعباً بل مستحيلاً في ظل الظروف السائدة، الأمر الذي جعل الساحة مفتوحة على مصراعيها للتجار والسماسرة، الذين كانوا يقومون بشراء الإنتاج بثمن بخس من المزارعين".

ومن جهتها، وكالة سانا الناطقة باسم النظام، نقلت يوم الاثنين، عن مدير محلج الحسكة، عطا الله النجم، قوله: أن "كميات الأقطان المسوقة إلى مركزي غويران والمدينة الرياضية في مدينة الحسكة، بلغت منذ بداية الموسم الحالي ولغاية الآن 69ر20 ألف طن".

وبلغت المساحات المزروعة بمحصول القطن في الحسكة للموسم الحال ي6500 هكتار، فيما قدرت مديرية الزراعة الإنتاج بنحو 25 ألف طن.

وشكك الناشط عبد العلي، المتابع لأوضاع المحافظة، بفعالية استلام النظام السوري للإنتاج في حي غويران، بقوله: إن عدم سيطرته على طرق استقبال القطن من الفلاحين أو إرساله إلى حماة والساحل السوري، يجعله عمله مرتهن بالتجار، الذين يحددون الأسعار حسب أجور النقل والإتاوات، التي يدفعونها لتنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب الكردية، اللذان يقتسمان السيطرة على هذه الطرق.

وأضاف أن "بيانات مديرية الزراعة في المحافظة تعترف بالتراجع الكبير الحاصل في زراعة وإنتاج محصول القطن، فالمساحة المزروعة بالقطن خلال العام الحالي تصل الى نحو 7 آلاف هكتار، حسب الجداول المنفذة لدائرة الإنتاج النباتي مقابل 45843 هكتاراً من المساحة المقررة في الخطة البالغة 55 ألف هكتار للعام 2010، فيما توقعت أن يتراوح الإنتاج للموسم الحالي بين 25 - 28 ألف طن، لكن جاء أقل من ذلك، مقابل إنتاج وسطي لسنوات ما قبل عام 2010 يصل إلى 250 ألف طن، في حين بلغ إنتاج محافظة الحسكة من القطن خلال الموسم الماضي 60 ألفا".

 

تكاليف الإنتاج تفوق المردود والفلاح تحت رحمة اليأس

ومن جهته، قال الفلاح "أبو إبراهيم"، قال: "أنهينا جني القطن، وحاليا نقوم برفع الحطب من الأرض بعد فلاحتها، بهد التجهيز للموسم الشتوي، ولن أعود إلى زراعة القطن مرة أخرى، لأني خسرت هذا الموسم ولم أجني حتى تكاليف الزراعة وأجور العمال"، مضيفاً "بعت انتاجي للتجار بسعر 105 ليرات لكل كغ من القطن، فيما حددت مؤسسات الدولة السعر بين 150 إلى 160 ليرة حسب ما سمعنا، وهذا بسبب تكرار تأخر الحصول على ثمن القطن (الفواتير) في السنوات الأخيرة، وأصلاً انا لم أرخص المساحة المزروعة".

وأوضح الفلاح: "إنتاج الدنم الواحد تراجع عندي من 400 كغ في السنوات السابقة إلى 150، بينما تضاعفت عدت مرات تكلفة الزراعة، فالفلاحة وتجهيز الأرض ارتفعت من 250 ليرة سابقاً إلى 1500 ليرة حاليا، هذا عد أسعار السماد، الذي لم نعد نستعمله، كذلك المازوت ارتفع من 1500 ليرة إلى000 7-10000 ليرة، رغم سوء نوعية المازوت المتوفر كونه مصفى بطرق بدائية، ويتسبب بأعطال لمحركات مضخات المياه، وهي تعتبر كارثة لصاحب القطن لأن الإصلاحات غالية الثمن ولابد منها".

 ويتابع أبو إبراهيم: "حتى أكياس الجني كان سعرها 90 ليرة أمست 850 ليرة، ناهيك عن أجور جني القطن، التي ارتفعت من 3 ليرات إلى 10-15 للكغ، وهناك تكاليف أخرى كالركاش (العزيق) والزراعة وثمن البذور، والمبيدات، والنقل، حيث تتراوح تكلفة زراعة الدنم الواحد أكثر من 20 ألف ليرة سورية، حسب المواد التي يستخدمها الفلاح وكميتها".  

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات