الشعيطات..مقاتلون مهجرون يقارعون "داعش"

منذ خروجهم من دير الزور شرقي سورية بعد المجازر التي قام بها تنظيم "داعش" بحق أبناء عشيرتهم، والذي ذهب ضحيتها بحسب مصادر متعددة أكثر من 1200 ضحية، أصبح المقاتلون من أبناء عشيرة الشعيطات عنصراً أساسياً على جبهات قتال داعش في المناطق السورية كافة، ومع أطراف عدة، يوحدهم معها عداؤهم المطلق لداعش.

تقطن عشيرة الشعيطات في ريف دير الزور الشرقي، حيث تعتبر جزءاً من قبيلة العكيدات وهي القبيلة الأكبر في دير الزور، وقد ثار أبنائها بوجه تنظيم "داعش" بعد سيطرته على دير الزور بفترة وجيزة، حيث استطاعوا إخراجه من مناطقهم وأخرى مجاورة لها، ولم يستطع استرجاعها، إلا بعد جلب تعزيزات كبيرة من العراق، حيث ارتكب عقب ذلك وبحسب منظمات حقوقية وناشطين مستقلين، مجازر بحق المدنيين من أبنائها، إضافة إلى تهجير السكان من مناطق أبو حمام والكشكشية وغرانيج، حيث تعتبر هذه البلدات الحيز الجغرافي الخاص بهذه العشيرة في دير الزور. 

بالقرب من الحدود السورية التركية التقينا "أبو صالح الشعيطي" أحد قيادات مقاتلي الشعيطات في الشمال السوريين، أبو صالح خرج من ديرالزور قبيل حركة التمرد التي قامت بها عشيرته على سيطرة تنظيم داعش قبل أكثر من عام ونيف، حيث سلم أبو صالح سلاح فصيل الجيش الحر الذي كان يتزعمه لتنظيم داعش بموجب اتفاق على الاستسلام مع مجموعات أخرى من الجيش الحر، بعد أن أعطاهم التنظيم الأمان، إلا أنه ورغم ذلك خرج باتجاه تركيا بعد أقل من أسبوع من الاتفاق، يقول أبو صالح عن ذلك: لم يكن لهم عهد ولا أمان لذلك قررت الخروج، لم استطع الوثوق بهم، أو الاعتقاد أنهم سوف يرعون الاتفاق، وهو ما فعلوه بعد فترة مع عدد كبيرر من قيادات الحر وعناصره الذين قرروا البقاء في دير الزور، حيث قاموا بإعدامهم أو اعتقالهم.

بداية ..تجميع في ريف حلب

من جانب آخر، تصدرت قضية عشيرته إلى الواجهة بعد قيام الانتفاضة ثم قمعها من قبل داعش، مما أدى إلى تحمله أعباء إضافية، إلى جانب أنه أحد قيادات الحر في دير الزور، فبدأ العمل على جمع بقايا مقاتلي عشيرته من الذين فروا باتجاه المناطق الأخرى، وبإعادة تجميعهم وتدريبهم.

يقول "أبو صالح" لأورينت نت: "عندما حصلت المجازر بحق أبناء الشعيطات كنت هنا في تركيا، وبدأت العمل من هنا على نقل كل الشباب المقاتلين أو حتى المدنيين المطلوبين من قبل داعش، والذين انسحبوا باتجاه القلمون، بشكل فردي إلى  تركيا، حيث استمرت فترة التجميع لعدة أشهر، إلى أن نجحنا بإقامة معسكر لهؤلاء المقاتلين في الأراضي السورية في منطقة تل رفعت بريف حلب، باسم معسكر اللواء 56-قوات خاصة، بالاشتراك مع مقاتلين مهجرين من عشائر أخرى في دير الزور، حيث شاركنا ولعدة أشهر مع باقي الفصائل الأخرى الموجودة في المنطقة، في صد هجمات داعش على ريف حلب الشمالي، ولكن لأسباب عدة قررنا التحول باتجاه العمل في منطقة تل أبيض شمال مدينة الرقة".

في تل أبيض.. لم نقاتل بقيادة الوحدات الكردية

من هذه الأسباب يورد "أبو صالح": "أنه السبب الأول هو قرب تل أبيض نوعاً ما من دير الزور وبأن بإمكانهم فتح طريق مباشر باتجاهها، بدون الحاجة حتى لتحرير الرقة من قبضة داعش وذلك عن طريق مناطق أبو خشب وصباح الخير وجبل عبد العزيز التي تشكل ألسنة صحراوية تربطنا بدير الزور بشكل مباشر، إضافة إلى سوء الدعم وسوء إدارة جبهات قتال داعش في ريف حلب، كل ذلك دفعنا للتوجه نحو تل أبيض حيث تم تجميع أكثر من 200 مقاتل من أبناء الشعيطات وبانتظار التحاق مجموعات أخرى".

وعن كيفية دخولهم باتجاه تل أبيض يقول"أبو صالح": "تم دخول الشباب جميعاً بشكل فردي من الحدود التركية-السورية ليتم تجميعهم في الجانب السوري منها، لم ننسق مع الوحدات الكردية على مجرد دخولنا، ولكننا لم نتفق معهم على القتال سوياً أو تحت قيادتهم حتى هذه اللحظة، بل مازلنا نعمل بشكل مستقل".

سأكمل طريقي بساق واحدة

بساق واحدة يكمل "أبو حسين الشعيطي" عمله مع مقاتلي عشيرته، وهو أحد القيادات الميدانية في اللواء 56 قبل إصابته التي أودت بقدمه، حيث كان يتولى قيادة مجموعة خاصة من مقاتلي الشعيطات مهمتها القيام بعمليات الاقتحام، وأثناء تفجير داعش لأحد الأبنية التي قاموا بتفخيخها قبل اقتحامها من قبل المجموعة ذاتها على جبهة أم حوش بريف حلب الشمالي، فقد أبو حسين ساقه فيما استشهد ثلاثة مقاتلين آخرين من الشعيطات.

يرد" أبو حسين" عند سؤالنا له عن ماهية عمله بعد إصابته وهل سيشارك بشكل ميداني في المعارك: "يا أخي هذا طريقي اخترناه جميعاً نحن المقاتلين من أبناء الشعيطات ولن نحيد عنه، سواء فقدنا ساق أو أيد، ممكن بفقداننا الحياة فقط أن نتوقف عن محاربة داعش، الحمدالله ما زلت على رأس عملي ولم يتغير بالنسبة لي الكثير عما قبل".

ما بعد مرحلة "داعش"

من جانب آخر، يتهم قيادات الشعيطات أبناء عشائر أخرى وهم عناصر في تنظيم "داعش" في دير الزور بالمشاركة بأعمال القتل الجماعي التي نفذها داعش  بحق أبناء عشيرتهم، ومن مطالبهم أن يقدم هؤلاء لمحاكمات عادلة هم وكل من أجرم بحق أبناء دير الزور عامة من المنتمين، عن ذلك يقول أبو صالح: أن ذلك يحتاج لتوافق مع مقاتلي الحر من العشائر الأخرى، وهذا التوافق ممكن جداً، خصوصاً أن هؤلاء المقاتلين قد نالهم أيضاَ الكثير من الممارسات التعسفية من عناصر داعش من أبناء عشائرهم ذاتها، لذلك نحن بحاجة لتوافق باتجاه المرحلة التي ستتلو تحرير دير الزور من قبضة داعش، من المهم أن نعمل على ترتيب المرحلة التي تلي تحرير ديرالزور من داعش لتجنب أي صراع عشائري محتمل فيها مستقبلاً، على خلفية التخريب للنسيج الاجتماعي الذي خلفتها مرحلة داعش فيها.

مقاتلون لا يهابون قتال "داعش"

إلى ذلك، يقول "مزاحم السلوم" وهو المنسق المدني للواء 65  عن الفترة التي قضاها الشعيطات خارج ديرالزور:" الشعيطات منذ خروجهم من دير الزور عاشوا ظروف مأساوية، فمن خروجهم تعرضوا وقياداتهم للضغوط من قبل الفصائل الأخرى لإجبارهم على مبايعتها، مما جر عليهم الجوع والتشرد وانقطاع الدعم لفترات مديدة، إضافة إلى نقص الذخيرة وعدم فعالية السلاح الذي بأيديهم، إلا أنهم ورغم كل ذلك أبلوا بلاء حسناً على جبهات تلالين وصوران بريف حلب الشمالي".

ويتابع "السلوم":" أحد الأسباب التي أدت إلى تردي أوضاع هؤلاء المقاتلين هي الشهرة الذائعة الصيت بشجاعتهم وصلابتهم أمام "داعش" مما ولد رغبة لدى الفصائل الكبيرة والمهيمنة في الشمال السوري، بضمهم لصفوفها وبالذات من لديها جبهات كبيرة  مع داعش، وذلك يتم عن طريق الضغط عليهم أو بالترغيب وتقديم عروض بدعمهم، إلا أنهم حافظوا على استقلاليتهم وأخيراً قرروا الخروج نحو تل أبيض من أجل ذلك إلا أن مجموعات أخرى قد بايعت فصائل كبيرة كأحرار الشام أو جبهة النصرة".

لا يبدو في المدى القريب أي مؤشرات لتحرير ديرالزور وعودة هؤلاء المقاتلين إلى ديارهم، خصوصاً مع ضعف إمكانات هؤلاء المقاتلين في ظل عدم دمجهم في استراتيجية شاملة لقتال داعش في سورية على الأقل.