جوستن ترودو ..رئيس سوريا

جوستن ترودو ..رئيس سوريا

لم ينفك رئيس الوزراء الكندي الحالي جستن ترودو، من إذهال العالم يوماً بعد يوم ... من خلال انجازاته الليبرالية التي تبدو حالياً وفي مناخ عالميٍّ يزداد تشدداً يوماً بعد يوم.. وتصعيد سياسيٍّ يمينيٍّ من مختلف الأطراف.. حتى ليبدو العالم أنه فعلاً على حافة الانهيار والمواجهة النهائية الكاملة..

فاليمين المتطرف الذي يتبارى في إبراز عنصريته العرقية والدينية والإثنية والطائفية، في مختلف دول العالم تقريباً ابتداء من جورج بوش وإعلانه الشهير لحروب صليبية جديدة مروراً بتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن و(جبهته العالمية ضد الصليبين واليهود).. وليس انتهاء بتنظيم الدولة الإسلامية وممارساته اللاانسانية، ومن قبل ومن بعد النظام السوري وممارساته الطائفية التي فجرت سوريا، ونوري المالكي ونظام الملالي واستنفار شيعة الباكستان والعراق وإيران وأفغانستان ضد سُنَّة العالم ممن أتوا إلى سوريا لقتالهم في حرب عبثية ضاع فيها الشعب السوري ومطالبه بالحرية والديمقراطية.. وقبل كل ذلك فلاديمير بوتين وحربه المقدسة الدينية في سوريا، وصولاً إلى دونالد ترامب المرشح الجمهوري ومطالبته العنصرية بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.. هذا المناخ الدموي الإقصائي المشحون، هو المناخ الأمثل لأفكار اليمين المتطرف لدى جميع المتحاربين.

وفي مثل هذه البيئة يخر الشاب ترودو سليل عائلة سياسية ليبرالية كندية، في بلد اعتاد أن يكون حديقة خلفية للولايات المتحدة واعتادت نخبته الحاكمة أن تكون تابعة للسياسات الكولونيالية الأميركية على اختلاف إداراته.. وهذا بالفعل ما كان يحصل حتى يوم سقوط رئيس الوزراء السابق الكندي ستيفن هاربر زعيم حزب المحافظين نظير الحزب الجمهوري الأميركي.. في اليوم الذي انتخب فيه ترودو ابن الـ 44 عاماً، في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر).. قرر ذلك الشاب أن يعيد إلى كندا لقبها الشهير، بلد الأمل، فعمد إلى البدء  بإصلاحات اقتصادية كبيرة تعيد أوتاوا إلى الساحة العالمية عبر الاهتمام الأقصى بتوزيع الثروة والاهتمام بالفقراء قبل الشرائح الثرية ،  وتكريس القيم الإنسانية ومفاهيم حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين الذين بنوا فيما سبق بلداناً مهمة حالياً وعلى رأسها كندا والولايات المتحدة. أعلن عدم رغبة بلاده في خوض حروب عبثية بدعوى أن الحروب لا تجلب سوى الموت، بل على المجتمع الدولي أن يخطو خطوة حقيقية إلى الأمام في بث الحياة والأمل إلى اللاجئين وخصوصاً السوريين ممن فقدوا الوطن والمأوى في عالم يتقاذفهم من حدود إلى حدود، فدعا إلى برنامج شهير طموح يهدف إلى نقل عشرة آلاف لاجئ سوريٍّ من الأردن ولبنان حتى نهاية 2015، ونقل خمسة عشرة ألف لاجئ حتى الشهر الثالث من العام 2016.

وسحب قوات بلاده من التحالف الوهمي الدولي لضرب داعش، التي لم تزدد إلا ضراوة وقسوة وعنف.

وأعلن في مؤتمر المناخ الدولي في باريس عن استعداد بلاده إلى خفض انبعاث الغازات المسببة لارتفاع حرارة الكوكب، وأن كندا ستساهم بحوالي ثلاثة مليارات دولار مع الدول النامية من أجل مساعدتها على خفض الانبعاثات الحرارية وذلك من أجل مصلحة الكوكب والبشرية على حد تعبيره.

ترودو الذي أذهل العالم وأميركا المجاورة له، في تقديمه للتشكيلة الحكومية التي تضمنت أرقاماً مذهلة لم تحصل في تاريخ الديمقراطيات سابقاً، عندما أصرّ على اقتسام مقاعد الوزارة مناصفة بين الرجال والنساء، دون وضع أية كوتة أو نسب كما السابق، 15  سيدة و15 رجلا ً في حكومة وصفها أنها (تشبه كندا).

ومن ضمن التعيينات أول وزيرة مسلمة في تاريخ كندا، الأفغانية مريم منصف، وأول وزير دفاع مهاجر من طائفة السيخ، أما وزير المحاربين القدماء فهو مصاب بشلل رباعي ويتحرك على كرسي مدولب، بينما وزيرة العدل من السكان الأصليين لكندا، فيما معظم البقية تحت سن الخمسين.

هذا التنوّع المعبر، وتلك الرسالة المدوية التي يرسلها ترودو الشاب إلى العالم، في تطبيق الأفكار الليبرالية  النابذة للعنصرية والمعترفة بالآخر وبالتكامل بين أفراد الشعب. تثبت أنه لا يزال هنالك ضوء في هذا العالم القاتم الموحش الذي يُنهش فيه الإنسان أمام عدسات الكاميرات، وحيث تشحن الغرائز فيه إلى أقصى درجات الموت وإلغاء الآخر.. كما يحدث في سوريا التي اسْتُقْبِلَ يوم الجمعة في كندا أول دفعة من لاجئيها ممن يمثلون (مستقبل كندا) على حد تعبير وزير الدفاع الكندي، سوريا ذلك البلد الذي انتهك فيه الحجر والإنسان والتاريخ من أجل حماية كرسي الرئيس، الذي أراده السوريون رئيساً كالحلم، رئيساً يشبه الى حد ما (جستن ترودو) أو أقل  قليلاً، لا بأس.

التعليقات (4)

    ابو النور

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    تمنيت ان اكون اول المهاجرين لمثل هذا البلد والف تحيه لترودي الانسان المحترم

    عبدو السعيد

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    تعلمو يامن تدعون دين التسامح يامن تدعو الديمقراطية لا دين اامذاهب والعروش

    مراقب المنطق

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    شكرا لهذا المقال الغني وكلمات وافكار معبره عن حزنك تجاه الوطن وحسره تنتابك في الصميم لما الت اليه امور الوطن لي اعتراض بسيط على العنوان فقط ترودو رئيس الانسانيه والسلام حقا هو شاب منير وسليل عائله منيره نتمنى ان يكون مثال يحتذى به في اوطاننا وشكر لكم

    محمد دندشي

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    جستن درودو امل أﻷنسان نتمنى لك التوفيق في حلمك
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات