داعش ..الشماعة و القضية

داعش ..الشماعة و القضية
منذ يومين بث التلفزيون الالماني تقريراً تلفزيونياً ، أثار لغطاً كبيراً وجدلاً في المجتمع الالماني ، بسبب ما احتواه التقرير من معلومات استقصائية ثبتها الصحافي في التقرير التلفزيوني الذي أنجزه في جزر المالديف التي تقع في المحيط الهندي جنوب خط الاستواء  وهي دولة مسلمة بالكامل ، المفاجئ في التقرير الالماني والمرعب على حد سواء، هو نسبة التأييد الشعبي لتنظيم الدولة الإسلامية في تلك الجزيرة ، بل  والمرعب أكثر هو المعلومات المقدمة فيه عن توافد العشرات بل المئات من شباب الجزيرة النائية للقتال في سوريا والعراق.

كل هذه المعلومات تتناقض مع الفكرة السائدة عن أرخبيل المالديف الذي يعد قبلة سياحية ممتازة للأوروبيين و الأمريكان ، بل إنهم يطلقون على الجزر اسم جزر الجنة لجمال طبيعتها وسواحلها و بحرها وطقسها ورفاهية فنادقها .

ولكن ما الذي يجعل من سكان جنة الله على الارض أن يتركوها ويلتحقون بالقتال في بوادي وصحاري سوريا والعراق من أجل قضية لا تعنيهم بشكل مباشر لا من قريب ولا من بعيد ..؟

يقول أحد المقاتلين المسلمين من الصين، إنه جاء استجابة  لنداء الإسلام ولنصرة إخوانه في الإسلام ضد الظلم الذي تعرضوا له .

ولكن هذه قراءة بسيطة جداً للقضية ، بل إنها تحوي استخفافاً بعقول جميع البشر من متلقي هذه الإجابة، إن دراسة بسيطة للواقع الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي في جزر المالديف على سبيل المثال يثبت أنه خلف كل الفنادق الفارهة و المنتجعات ذات السبعة نجوم، يقبع مجتمع محلي مغلق، غارق في التخلف والانعزال وانعدام فرص العمل والمحسوبيات ، والاهمال الحكومي في بلد يتجه كل الجهد فيه لتطوير القطاع السياحي على حساب باقي القطاعات من تعليم وصحة وبنية تحتية ..

إن المقاتل الذي يخرج من جزر المالديف ليقاتل في سوريا،هو فعلياً جاء لينتقم من حكومته، لفشلها في إنجاز معيشة لائقة له لفشلها في تقديم واجباتها له كمواطن وكانسان، وبالتالي  فالمعركة في سوريا أصبحت قضية عالمية ، أصبحت جبهة لتصفية حسابات المضطهدين، فالمسألة في سوريا مشابهة لقضيتهم في البحث عن العدالة والتكافؤ والحقوق والمواطنة، ولكن القضية والرسالة هي لحكوماتهم ، وهم في سعيهم للانتصار في سوريا ليسوا سوى طروداً بريدية عائدة الى بلدانهم ، وما الثوب الاسلامي الذي يرتديه الجميع إلا ثوب الموضة، وثوب الرائج، من كون الاسلام- كما فسره متطرفو القاعدة من جهة، وفلاسفة الغرب الجدد – على أنه الخطر الذي يواجه الغرب والعالم الحديث في سبيله الى التقدم .

إن الفقر والتخلف هو القضية وهو الحاضن الاجتماعي للتطرف، وهو ما حول سوريا و العراق إلى مغناطيس يجذب الجميع ، وكما كان الحال في الستينيات حينما جاء الياباني والكوري والالماني و الفنزويلي والإيطالي إلى جوار العرب ، إلى بلادنا لقتال اسرائيل ، النموذج عن التمييز العنصري واضطهاد المدنيين والاحتلال ، في عالم بدأ حينها في رفض فكرة الاحتلال وأقر مبدأ تقرير المصير للشعوب، يأتي هؤلاء . ولربما سيذهب الكثيرون بعد سوريا إلى بورما أو الصين أو  روسيا ، إن استمر انتهاك حقوق المواطنة في تلك البلدان . ولن تستطيع الحدود والأقمار الاصطناعية أن توقف زحف الافكار، وكما تقول المأثورات إن أردت التخلص من البعوض، عليك بتجفيف المستنقعات ..

التعليقات (1)

    احمد الشامي

    ·منذ 8 سنوات 4 أشهر
    القضية ليست قضية الخروج من الرفاهية الى الحرب القضية قضية حرب كفر وايمان وقضية اقامة الخلافة التى وعد رسول الله بقيامها وقضية تمكين واستخلاف
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات